القلق بسبب عدم التواؤم مع العمل

2025-05-18 03:18:28 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أشعر بصعوبات كبيرة أثناء تأدية العمل الجديد، رغم تشابه نفس المسمى الوظيفي، وحتى موقع العمل نفسه، مع اختلاف الشركة، ولكني أشعر باختلاف كبير وصعوبة أكبر.

والحقيقة أني لم أتوقع كل هذه الصعوبات! حيث كنت أعمل في شركتي السابقة، تحت شركتي الحالية، وكنت أسمع من الموظفين أنهم مرتاحون جداً، وأمورهم منظمة، ورواتبهم ممتازة، خصوصاً أنها أكبر شركة في بلادي، فتحمست جداً، وأصبحت الوظيفة هي حلم حياتي، وكنت أراها أمراً مستحيلاً، وصعباً، إلا إني حاولت، بل وقاتلت من أجل هذه الوظيفة، وتحملت الجلوس شهرين كاملين بدون عمل، لكي لا أعمل إلا في هذه الشركة، التي ظننت أني سأرتاح بالعمل فيها؛ لأن الوظيفة هذه تعتبر دائمة، بعكس الوظيفة السابقة كانت مؤقتة.

لكن للأسف أشعر أحياناً بالعجز عند تأدية بعض الأعمال، بل أشعر أن أعصابي لم تعد مثل السابق! أصبحت متوتراً جداً، وأخشى من إصابتي بالمرض، مثل ارتفاع ضغط الدم، بسبب التوتر والإرهاق.

هل تعودي على الأعمال ذات الصفة المؤقتة هو السبب؟ خصوصاً بأني بدأت أشعر أن حالتي النفسية تكون أفضل عند الشعور بأن العمل مؤقت، أي بين عام إلى عامين، حيث إن إحساسي أن العمل دائم، ولمدة عشرين سنة، سوف يشعرني أني في سجن، فبم تنصحوني؟!


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي استطعت أن أصل إليه من خلال رسالتك هذه، أن الذي حدث لك هو نوع من عدم القدرة على التوافق، أو ما يسمى بعدم القدرة على التواؤم، وهذه حالة نفسية تحدث لبعض الناس إذا غيَّر موقعه، أو مكانه، أو انتقل لوضع جديد، حتى وإن كان هذا الوضع أفضل مما كان عليه في السابق، فالنفس البشرية في بعض الحالات لا تتحمل أي نوع من التغيير، أو الخروج على الرتابة والتطبع الذي اعتادت عليه.

أعتقد أيضاً أنك قد أصابك نوع من الوساوس، خاصة ما ذكرته في نهاية رسالتك، وهي أنك كنت تفضل دائماً العمل المؤقت، وأنت لا تستطيع أن تتصور أنك سوف تعمل عملاً دائماً، ولمدة عشرين عاماً مثلاً.

هذا نوع من القلق التوقعي الذي يحمل الطابع الوسواسي، وهذا -يا أخي- يجعلني أتأمل في شخصيتك قليلاً، فأنت ربما تكون شخصاً مرهف الأحاسيس، ربما يكون لديك ميول للقلق، وهذه ليست خصال سيئة؛ لأن القلق في حقيقة الأمر هو طاقة نفسية إيجابية جدّاً، نحن نحتاج أن نوجهه التوجيه الصحيح حتى ننتفع به، بعض الناس يبذل جهداً مقدراً، وذلك من خلال استغلاله لطاقة القلق، وتجده يكافح في دراسته ويبدأ في عمله، وبعد أن يحصل على الوظيفة ويستقر فيها، تجد نوعًا من التراخي من جانبه؛ لأن القلق الذي كان يحركه قد انتهى، أو أصبح قلقاً متوجهاً في الاتجاه الخاطئ، والإنسان في مثل هذه الحالات لا بد أن يكون إيجابياً في تفكيره، لا بد أن يحس بالرضا، وهذا أنت مطالب به -أيها الفاضل الكريم-.

أجرِ حواراً مع نفسك، حقر من خلال هذا الحوار هذه الأفكار السلبية حول الوظيفة وحول المستقبل، ابنِ قناعات جديدة، عليك أن تحمد الله تعالى وتشكره على نعمة هذه الوظيفة، وقل لنفسك: (أنا لا بد أن أتوافق، لا بد أن أتواءم مع هذه الوظيفة، وفوق ذلك لا بد أن أطور نفسي وأثبت كفاءتي، وليس هنالك ما يدعوني أبداً لهذا التفكير السلبي).

هذا -يا أخي- هو الذي أنصح به، وأنا في مثل هذه الحالات أيضاً أعطي بعض الأدوية، وهو دواء واحد ولفترة قصيرة، فالأدوية المضادة للقلق والمضادة لعدم القدرة على التواؤم، تساعد في مثل هذه الحالات، وهناك دواء يسمى تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرام ليلاً، يفضل تناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة لمائة مليجرام ليلاً، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك توقف عن تناول الدواء، هذا الدواء من الأدوية البسيطة والفعالة، وهو مزيل للقلق ومحسن للمزاج، كما أنه ضد الوساوس، وهو غير إدماني وغير تعودي، وليس له أي تأثيرات سلبية أساسية.

خارج نطاق العمل الوظيفي لديك، لا بد أن تجعل حياتك نشطة وغنية بالنشاطات الاجتماعية، وأكثر من الاطلاع، ومصاحبة الخيرين والطيبين، وممارسة الرياضة، هذا كله -إن شاء الله- يؤدي إلى توازن نفسي جيد.

ختاماً: نشكرك كثيراً على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net