القلق المستمر وتقلصات البطن..هل تشير إلى القولون العصبي؟

2025-05-20 02:02:11 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني منذ نحو شهرين من اضطرابات في البطن وتقلصات غريبة، وعندما تحدث هذه التقلصات، أشعر بتسارع في دقات القلب، مع ثقل وخدر في اليد اليسرى، وتنميل في أطراف اليد، إلى جانب إجهاد وتعب ودوخة غريبة، إضافة إلى شدّ عضلي في مؤخرة الرقبة، كما كنت أعاني في البداية من ضيق في التنفس، لكنه توقف مؤخرًا.

لاحظت أيضًا خروج براز مصحوب بمخاط، وكان لونه أسود في إحدى المرات، وبعد الفحص، تبيّن وجود دم فيه، وكذلك وجود أميبا.

أجريت جميع الفحوصات اللازمة، وكانت نتائجها سليمة، بما في ذلك التصوير بالألتراساوند للبطن وتنظير المعدة، وقد تبين أنهما طبيعيان، وتم صرف بعض الأدوية لي، لكن الأعراض ما زالت تعود، وإن كانت بنسبة أقل.

حاليًا، أعاني من اكتئاب شديد، وخوف وقلق مستمر، وقد ساءت حالتي النفسية بشكل كبير، فهل هذه الأعراض تشير إلى القولون العصبي، أم قد تكون مؤشرًا لمرض آخر؟

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الواضح أن أعراضك في المقام الأول هي أعراض نفسية، فالاضطراب الذي يحدث لك في المعدة والأمعاء، والتقلصات الغريبة التي تشعر بها، وحتى الثقل وخدران اليد اليسرى، وكذلك التنميل في أطراف اليد، والدوخة، كلها دلائل قاطعة على وجود قلق نفسي.

وتُعرف هذه الحالات بحالات النفسوجسدية، أي أن الأعراض النفسية أدت إلى ظهور أعراض جسدية، وأكثر الأعضاء التي تتأثر في جسم الإنسان عند وجود القلق والتوتر هي الأمعاء، المعدة، والعضلات المختلفة؛ لذا فمصطلح القولون العصبي يُقصد به اضطرابات القولون وآلامه الناتجة عن العصاب، ويُقصد بالعصاب الخلل النفسي.

أعراضك واضحة جدًّا ولا تخطئها العين البصيرة، أما بالنسبة للتعب الذي تشعر به، فهو يصاحب القولون العصبي، وكذلك الشد العضلي الناتج عن القلق والتوتر، وضيق التنفس.

فالمؤشرات واضحة وقوية، وحين نضعها في إطارها العلمي والنفسي الصحيح نقول: حالتك ليست عضوية، بل نفسية، وكما ذكرت لك تُسمى: حالة نفسوجسدية، والحمد لله تعالى أن جميع الفحوصات جاءت سليمة، أما وجود الدم في البراز، فهو ناتج عن الإصابة بالأميبا، والتي أعتقد أن الأطباء قد وصفوا لك العلاج اللازم لها، وهي علاجات بسيطة ومتوفرة.

وبالنسبة لظهور المخاط والتغير في شكل ولون الغائط، فهذا أمر كثيرًا ما نراه مع القولون العصبي.

ذكرت في ختام رسالتك أنك تعاني من اكتئاب شديد، وخوف، وقلق، وأن حالتك النفسية أصبحت سيئة جدًّا، لا شك أنني أتعاطف معك كثيرًا، لكن أقول لك: لا تجزع، فإن شاء الله ستُشفى.

الخوف والاكتئاب لديك يدلّان على وجود استعداد للقلق والاكتئاب، وعند ظهور الأعراض الجسدية، خاصة أعراض القولون العصبي، تزداد المخاوف والقلق، وبالتالي يظهر الاكتئاب، فتدخل في حلقة مفرغة: القلق يؤدي لأعراض جسدية، والأعراض الجسدية تؤدي إلى مزيد من القلق والاكتئاب.

إذن: كل ما تعانيه ناتج عن القلق النفسي، وأعراضك هي أعراض القولون العصبي، وليست دليلًا على مرض آخر، وأرجو أن يكون هذا جوابًا كافيًا على سؤالك الأخير.

بالنسبة للعلاج:
1. فهم السبب: وهو وجود القلق، وهذه المعرفة ستريحك كثيرًا بإذن الله.
2. الرياضة: مارس الرياضة يوميًا، وأفضلها المشي أو الجري.
3. التفريغ النفسي الذاتي: لا تكبت مشاعرك، عبّر عن نفسك في حدود المقبول، ولا تحتقن داخليًا، فهذا مفيد جدًا.
4. التأهيل الاجتماعي والمهني: زِد تواصلك الاجتماعي، وطور مهاراتك في العمل، واسعَ لزيادة حماسك تجاهه، فهذا أيضًا مفيد جدًا.

ويجب أن تحافظ دائمًا على صورة إيجابية عن نفسك، وابنِ هذه الصورة بثقة؛ فهذا يبعد الأفكار السلبية والمشوهة عن ذاتك.

بقي العلاج الدوائي، وأنت بلا شك بحاجة إليه، ويتكون من دواءين فقط:
الأول: دواء الأساسي؛ يعرف تجاريًا باسم (زولفت، zoloft، أو (لوسترال، lustral)، واسمه العلمي (سيرترالين، sertraline)، وهو متوفر في الأردن -بفضل الله-، ابدأ بجرعة حبة واحدة (50 ملغ) ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك، ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم (100 ملغ)، ويمكنك أخذها مرة واحدة ليلاً أو مقسمة إلى حبتين صباحًا ومساءً، استمر على هذه الجرعة لمدة 6 أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة في اليوم لمدة 6 أشهر أخرى، ثم حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف نهائيًا.

الثاني: دواء مساعد؛ يعرف تجاريًا باسم دوجماتيل dogmatil، واسمه العلمي سلبرايد sulipride، ابدأ بجرعة 50 ملغ صباحًا ومساءً لمدة 3 أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة (50 ملغ) صباحًا فقط لمدة 3 أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله.

نسأل الله لك العافية والشفاء، ونرجو أن تطبّق ما ذكرناه لك، كما ننصحك بعدم التردد الزائد على الأطباء؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى المراء المرضي، أو التوهم المرضي.

شكرًا لتواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net