هل أحلام اليقظة خلل في الشخصية؟
2006-06-13 10:50:53 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع أنني فتاة في الثانية والعشرين، إلا أن الحب يمثل لي كل شيء، فدائماً أتخيل أني أعيش في عالم مثالي، الكل يحبني وأرى فيه الشخصيات التي أحبها تحبني بشدة، مما يحزنني أنني وصلت إلى هذا العمر المتقدم ولكن تفكيري في هذه الأمور، فهل هذا نقص في شخصيتي أم ماذا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ع حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمثل هذا الشعور المتدفق حول الذات، وأن الإنسان يتخيل أنه يعيش في حالة أو في عالم مثالي وأن الكل يحبه؛ هذا يمثل من الناحية النفسية نوعا من الخلل البسيط في الشخصية، والوصف الذي وصفتيه يطابق ما يعرف بالشخصية النرجسية أو ما يسمى باللغة الإنجليزية نارسيستك (NARSSESTIC)، والإنسان النرجسي هو الذي يحب ذاته، ولا شك أن كلاً منا يحب نفسه ويحب ذاته، ولكن هذا لابد أن يكون في حدود المعقول.
الشيء الذي أراه هو أن تحاولي أن تقللي من شأن نفسك فيما يخص الناحية الوجدانية والعاطفية، وأن تعوضي عن ذلك بأن تنظري في جوانب الحياة الأخرى، على سبيل المثال: أن تعطي الدراسة جل وقتك، وأن تحاولي أن تكوني من المتميزين، وأن تجعلي الناس تعجب بك نسبة لعلمك وتفوقك وإنجازك.
هذا التحول في التفكير -إن شاء الله- يساعد كثيراً؛ أي بمعنى أن المطلوب منك استبدال الأفكار النرجسية بأفكار أكثر واقعية وأكثر نفعاً بالنسبة لك؛ لأن هذه الطريقة جيدة للتقليل من حب الذات.
وشيء آخر: أنت ذكرتِ أن الحب يمثل لك كل شيء، الحب شيء جميل؛ ولكن يجب أن نحب الأشياء لذاتها، يجب أن يكون حبنا أولاً لله ورسوله، ولوالدينا ولعباد الله الصالحين، يجب أن يكون حبنا لأوطاننا ولعقيدتنا، هذا هو الحب الذي حين يبنى في داخل الإنسان سوف يزيح أو يزيل كل أنواع الحب الأخرى التي لا معنى لها.
أيتها الأخت الفاضلة، أنا مقدر تماماً مستوى أحاسيسك في هذه السن، ولكن صدقيني أن هذه الطاقات الكامنة والقوية لديك يمكن أن توجهيها فيما هو نافع، كما ذكرت لك: الدراسة، التركيز، حب الخير للآخرين، الالتزام بالعقيدة ومتطلباتها من عبادات.
لابد لك -أيضاً- أن تكوني دائماً مقدمة على مساعدة الآخرين، ويمكنك الانضمام للجمعيات الخيرية ومنظمات الفتاة المسلمة، وكل أنواع العمل التطوعي، من خلالها سوف يتعلم الإنسان الإيثار ومساعدة الآخرين، ويتحول حبه من حب لذاته فقط إلى حب الآخرين أيضاً والعمل على مساعدتهم.
أرجو أن أؤكد لك أنك -الحمد لله- لست مريضة، وهذه مجرد ظاهرة، ولكن يمكن التخلص منها إن شاء الله، عليك أيضاً بممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة، فالرياضة تحرق الطاقات النفسية العاطفية الداخلية التي لا طائل ولا فائدة منها، مثل الأفكار التي تمر عليك بصورة مستمرة.
أنت -الحمد لله- واعية تماماً ومتنبهة إلى عمرك، وهذا شيء جميل جدّاً، ونقول دائماً أن الإنسان يتعلم من أنداده، عليك أيضاً بمصاحبة الخيرات من الفتيات والتعلم من كل السمات الجميلة التي يحملنها، وأنا في ذات الوقت أثق أن الآخرين سوف يتعلمون أيضاً منك أشياء جميلة هم يفتقدونها، وربما يكونون في أمس الحاجة إليها.
وبالله التوفيق.