الغيرة المرضية وعلاجها نفسياً
2002-12-19 23:03:33 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
يعيش والدي حياة طبيعية هو وزوجته مع بعض الخلافات العادية التي تجري بين الأزواج وهما الآن في الستين من العمر لكن منذ شهرين تغير الوضع حيث دعاها كما أخبرتنا هي للتسامح؛ لأنه يريد السفر إلى الحج، ولكن من خلال الكلام الذي جرى بينهما اتهمها بعدة اتهامات بأنها تخونه منذ القديم ويسمي الرجال الذين يتهمها بهم؛ بل إنه بالغ بذلك وقال لها: أنت أخبرتيني بذلك! وهي لم تخبره بشيء، وبدأت الاتهامات تزيد في كل يوم، وأصبح يكرهها ويكره حتى نفسه أحياناً لكنه لا يخبر أحداً بذلك، وأصبح يخرج في الليل عدة مرات ويراقب ويشك في كل تصرف تتصرفه أمي بل إنه صار يخفي عنها النقود الموجودة عنده، وكلما خلا بها يؤنبها ويزيد عليها من الاتهامات وأصبح كثير الشرود والتفكير، وكلما سألناه عن سبب شروده يقول: لا شيء. أو يعتذر وهكذا، والمشكلة تتفاقم في كل يوم ولا ندري ما العمل! هل هو مرض نفسي أم أن هناك سحراً أم غير ذلك؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / حسن حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بدايةً أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصرف السوء عن والدك، وأن يشفيه وسائر المسلمين من كل مكروه وسوء، وأن يذهب عنه هذا البلاء، وأن يرزقكم الصبر عليه وحسن الخلق معه .
أخي الكريم حسن!
لا أعتقد أن ما يحدث لوالدك له علاقة بالسحر، إذ لا يتصور أن يقوم أحد بذلك، خاصة وأن والديك كبار في السن، وليس من مصلحة أحد -فيما أعتقد- أن يلحق بهما ضرراً، أو يحرص على أن يفرق بينهما، ولذا أنصح بمراجعة طبيب نفسي؛ لاحتمال أن يكون من أعراض الشيخوخة وتقدم السن، مع أنه لا مانع من القراءة عليه، أو رقيتة بالرقية الشرعية؛ لأن القرآن شفاء لصدور المؤمنين، ويطمئن قلوبهم، إلا أن هناك من الأمراض ما جعل الله دواءه في غير القرآن، من الأدوية الكيماوية أو غيرها، وأوصيك أخي أنت ووالدتك وإخوانك جميعاً بالصبر الجميل، وعدم الضجر والنفور من تصرفات الوالد؛ لأنه في حالة مرض، ويحتاج منكم إلى حسن المعاملة والصبر الجميل، وما يحدث له أو يصدر عنه من كلام أو تصرفات إنما هو شيء خارج عن إرادته، فاصبروا عليه، وتحملوه إلى أبعد حد، وأحسنوا معاملته حتى يعافيه الله من هذا البلاء.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق .
الشيخ موافي عزب .
==================
وبعد استشارة المستشار النفسي أفاد بالتالي :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكرك على سؤالك واهتمامك بوالديك .
العلة التي يعاني منها والدك تحمل سمات ما يعرف بالظنان الباروني الاضطهادي (الغيرة المرضية)، ولا شك أن هذه حالة مرضية نفسية أو حتى يمكن أن نسميها حالة ذهانية، ولابد من علاجها، والعلاج الأساسي يتمثل في الأدوية المضادة للذهان العقلي، وهناك عدة عقاقير مفيدة في هذا السياق، أذكر لك منها الدواء المعروف باسم (استلازين) وجرعته هي خمسة ملغرام ليلاً لمدة شهر، ويمكن ان ترفع بعد ذلك إلى عشرة ملغرام ليلاً لمدة ستة اشهر، ويمكن أن ترفع الجرعة لأكثر من ذلك، إلا أن هذا الشئ لا أنصح به بدون رقابة طبية لوالدك؛ وذلك نسبة لعمره، ويعطي مع هذا الدواء دواء آخر مضاد للآثار الجانبية واسمه (ارتين)، وجرعته هي خمسة ملجم يومياً، فيكون من الأفضل أن تعرض والدك علي أي طبيب نفسي إذا تيسر ذلك؛ للاشراف علي العلاج؛ لأن هناك الكثير من الأدوية الأخري التي ربما تناسبه أيضاً، كما أن مثل هذه الحالات تتطلب بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، ولا نستبعد أن يكون والدك يعاني من اكتئاب مصاحب، كما أن هناك ضرورة للتأكد من ذاكرته ومقدراته المعرفية.
أود أن أنصح بعدم الإكثار من جداله فيما يخص أفكاره المرضية؛ لأن كثرة النقاش ومحاولة إخضاعها للمنطق ربما يزيد منها .
أما فيما يخص موضوع السحر، فلا أعتقد أن هناك ما يشير إلى وجود ذلك، وأنا أؤمن إيماناً مطلقاً بفائدة الرقية الشرعية، والعلاج القرآني، حسب ما ورد في السنة المطهرة، على أن يكون المعالج والمريض على درجة من الإيمان، علماً بأني لا أستحسن ولا أفضل مطلقاً تدخل بعض الذين يمارسون العلاج الديني، خاصةً ما يقومون به من تسميات وتشخيص دون أي دليل مما يكون له وقع سلبي على المريض، ويجعله يتنقل من معالج إلى آخر حتى يقع في الأيادي الخاطئة، والتي تمارس الشعوذة أحياناً بحثاً عن الكسب المالي، وبالله التوفيق .
د/ محمد عبد العليم .