الخوف من الزواج وتبعاته وصعوبة اتخاذ القرارات.. ما الحل؟

2025-04-30 02:23:32 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية: أود أن أشكركم جزيل الشكر على جهودكم الجبارة في مساعدة الناس، جزاكم الله كل خير.

أنا شاب، عمري 32 سنة، وأعمل بإحدى الدول الخليجية كمهندس، بالنسبة لمشكلتي والتي تؤرقني جداً هي أنني أشعر بالحيرة في اتخاذ القرارات، ودائماً أخاف من المستقبل، فمثلاً عندي الآن مشكلة، وهي أنني أرغب في الزواج، وأشعر بأني أحتاج لذلك، خصوصاً بأنني لم تكن لي، ولن تكون لي أي علاقات غير شرعية -والحمد لله-.

لست أعاني من أي مشاكل عضوية، لكنني أشعر بالخوف من مجرد الارتباط، ومن القرارات التي أتردد فيها هو ترددي في أن أفتح بيتًا مع احتمالية أن أخسر عملي، خصوصاً بعد الأزمة المالية، كيف لي أن أرتبط بفتاة ولست أعلم إن كنت قادرًا على أن أكون جديراً بها، وما إلى ذلك من الأفكار السيئة التي تراودني!

المصيبة بأنني أعرف بأن ذلك خطأ غير مقبول، وأنا -ولله الحمد- مواظب على الصلوات والعبادات، وأعلم بأن كل شيء مقدر بإرادة الله -عز وجل-، وأن الرزق بيد الله تعالى الكريم، لكن لا أعرف كيف أضبط هذه المخاوف.

أشعر بأن شخصيتي ضعيفة ومهزوزة، بالرغم من أنني ناجح في عملي، وجميع من حولي يشهدون لي بذلك، لكنني أشعر بعدم الرضا عن نفسي، وكل ذلك يجعلني أشعر بالإحباط والاكتئاب تجاه كل شيء، فأصبحت لا أشعر بالسعادة، ولا أشعر بأنني مرتاح.

لا أعلم كيف أتخلص من هذه المشاكل، حتى أصبحت لدي قناعة راسخة بأنني سأظل أعاني من المشاكل طيلة حياتي، جميع أصدقائي من حولي مستقرون بحياتهم، وقد تزوجوا وأصبح لديهم أبناء، ويسألني الجميع عن عدم زواجي حتى الآن، لا أعرف ماذا أقول لهم، أفكر كثيراً بأن أذهب إلى طبيب نفسي، ولكن لثقتي بكم وبموقعكم الكريم أكتب لك، عسى أن أستفيد وأجد عندكم النصيحة والحل لمشكلتي.

وشكراً لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كامل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا أعتقد أن لديك مشكلة صعبة الحل، بالرغم من أنك منزعج كثيراً لهذا التردد الذي يأتيك، وتجد صعوبة في اتخاذ القرارات، وأصبحت تشعر بالإحباط، وتعتقد أن شخصيتك ضعيفة ومهتزة، وذلك بالرغم من نجاحك في عملك، وشهادة من حولك بأنك إنسان ناجح -بفضل الله تعالى-.

الذي تعاني منه هو التفكير الوسواسي، الوساوس من هذا النوع تنشأ من قلق نفسي بسيط، وبعد ذلك يأخذ الإنسان معلومة ما أو حقيقة ما ويبدأ في تفصيلها وتحليلها، وهذا كله له أثر تراكمي سلبي يؤدي إلى أن يهتز الإنسان داخلياً، ويفتقد ثقته في نفسه، وهذا في حد ذاته يُولّد نوعًا من القلق الجديد.

إذن مخاوفك حول الزواج وتبعاته بالرغم من رغبتك فيه، هو ناتج مما نسميه بالخوف الوسواسي، والوساوس التي تعاني منها لم تصل -والحمد لله- لدرجة الوسواس القهري الحقيقي، هي مجرد ظاهرة ربما تكون مرتبطة بشخصيتك، فنعرف أن كثيراً من الناس تتسم شخصياتهم بشيء من الوسوسة، والوسواس إذا كان بدرجة بسيطة يعتبر طاقة نفسية إيجابية، ولكنه إذا جعل الإنسان يحلل الأمور، وينظر إلى ما وراء الحقائق، ويسترسل ويدخل في اجترارات عقلية كثيرة تفقده الطريق الصائب فيما يخص التفكير واتخاذ القرارات، لا شك أن هذا نوع من الوسواس السلبي.

وحقيقة الأمر المهم في علاج مثل هذه الأشياء هو التجاهل، أنا أعرف أن ذلك ليس بالسهل، ولكنه ليس بالصعب أيضاً، أنت الآن لديك مشروع زواج وأعتقد أن هذا أمر جميل وأمر مفرح، ويجب أن تقدم عليه دون أي تردد، وكل هذه الأفكار حول المستقبل وما سوف يحدث، أعتقد أن هذه أمور واهية يجب ألا تشغلك، عش لحظتك بقوة، -والحمد لله- أنت رجل مؤهل، وعلى استقامة، ولديك وجودك وأصدقاؤك، فهذه حقيقة نوع من الرصيد الإيجابي والجميل جدّاً الذي سوف يكون لك معيناً -إن شاء الله- في تدبير أمرك، وأن تعيش حياة طيبة وسعيدة.

إذن تجاهل هذه الأفكار السالبة، وفيما يخص الثقة بالنفس وضعف الشخصية؛ فأنت لست بضعيف الشخصية، ولكنك لم تكتشف مواطن القوة في شخصيتك، وهذه هي الإشكالية، وأنا أقول لك إن القلق النفسي من أكبر المساوئ التي قد تحدث منه، هو أن يجعل الإنسان لا يقدر مقدراته الإيجابية، ويركز فقط على السمات السلبية!

أنت رجل منجز -بفضل الله-، ويجب أن تحكم على نفسك بأفعالك وليس بمشاعرك، وهذا مهم جدّاً، الحكم عليك بما تقوم به وتنفذه أعتقد هو الصواب، وهذا سوف يُشعرك بقيمتك الحقيقية، وهنا سوف تقدر ذاتك تقديراً صحيحاً، وبعد ذلك يجب أن تقبل ذاتك وتسعى لتطويرها، هذا هو المفترض، اترك المشاعر جانباً وركز على أفعالك، في محيط العمل، تواصلك الاجتماعي، سوف تجد أن هنالك إنجازات كبيرة وعظيمة جدّاً في حياتك، أن تبني صورة إيجابية عن نفسك هو من أجمل وأفضل وأنجح الطرق لمحاربة ومواجهة هذا التفكير السلبي والتشاؤمي.

يبقى أيضاً أمر آخر وهو ضروري جدّاً، وهو أن تلجأ إلى الاستخارة، الاستخارة الشرعية تبعث السكينة في نفس الإنسان خاصة إذا كان الإنسان متردداً في اتخاذ قراراته، وهذا الأمر قد جربه الكثير من الناس ووجدوه نافعاً، فعليك بالاستخارة، والاستخارة في كل شيء.

أنت في حاجة لعلاج دوائي، -وبفضل الله تعالى- توجد أدوية جيدة جدّاً لمقاومة القلق، والتوتر، والفكر الوسواسي، والأدوية التي سوف نصفها لك هي -بفضل الله تعالى- أدوية سليمة وغير إدمانية وغير تعودية، ويمكنك الحصول عليها من الصيدليات في محل إقامتك دون وصفة طبية، هنالك دواء يعرف تجارياً باسم (بروزاك PROZAC)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين FLUOXETINE)، عليك أن تبدأ في تناوله بجرعة 20 مليجرام يومياً، يفضل أن تتناوله بعد تناول الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم -أي 40 مليجراماً-، واستمر عليها لمدة 6 أشهر، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم، واستمر عليها لمدة 6 أشهر أخرى، ثم خفضها إلى كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء، و-إن شاء الله- سوف تجد منه فائدة كبيرة.

وهنالك دواء آخر إذا لم تتحصل على الفلوكستين؛ يمكنك أن تصرف هذا الدواء الصيدليات، والدواء يعرف تجارياً باسم (زولفت ZOLOFT)، ويسمى علمياً باسم (سيرترالين SERTRALINE)، وجرعته هي 50 مليجراماً (حبة واحدة)، تناوله يومياً ليلاً بعد الأكل، استمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم -أي مائة مليجرام-، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة، أو بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء، استمر على هذه الجرعة لمدة 6 أشهر، ثم تخفض الجرعة بعد ذلك إلى حبة واحدة في اليوم لمدة 6 أشهر أخرى، ثم خفضها إلى حبة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، والدواء من الأدوية الممتازة والفعالة والمفيدة جدّاً، فيمكنك أن تختار الفلوكستين أو السيرترالين حسب ما هو متوفر.

بقي بعد ذلك أن أقول لك بأن تحاول أن تدير وقتك بصورة جيدة، وعليك أن تطور نفسك مهنياً واجتماعياً، مارس الرياضة، تواصل مع الطيبين والصالحين والخيرين وسوف تجد منهم السند -بإذن الله-، ولا تتردد أبداً في أمر الزواج، وأسأل الله تعالى أن يتم لك هذا على خير وبركة، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net