الوساوس القهرية المتعلقة بالذات الإلهية ترهقني، فهل من حل لها؟
2025-05-01 01:35:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني منذ فترة طويلة من وساوس عن الذات الإلهية، وأحاول الابتعاد عنها قدر المستطاع، وعندما أصلي تأتيني أفكار عن الجنس، وأتخيل أشياء غريبة، فأستمر في صلاتي، ولكن أقطعها من 3 إلى 4 مرات أو أكثر؛ خوفًا من أن صلاتي غير مقبولة، وبعد الصلاة أقول كيف أفكر بهذه الأشياء؟
المهم أنني أعاني منها بشكل مستمر؛ مما جعل حياتي مدمرة؛ لأن هذه الأفكار تأتي في الأوقات العادية غالبًا؛ مما جعلني أعاني من حالة كئيبة، فأصبحت أؤخر الصلاة بسبب هذه الوسوسة، أرجو إفادتي؛ لأنني أوشكت على الضياع.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ توبا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد تمت الإجابة على استفسارك هذا في وقت سابق، وقد أفادك أحد الإخوة المشايخ بما هو مطلوب في مثل هذه الحالات، فعليك الأخذ بما نصحك به.
وأنا أقول لك من الجانب النفسي: الوساوس موجودة، وهي كثيرة، والوساوس تنشأ من بيئة الإنسان، ونحن -والحمد لله- أمة خيِّرة، والوساوس ذات الطابع الديني خاصةً حول الذات الإلهية، والصلاة، والطهارة، والوضوء كثيرة جدًا، ومنتشرة في مجتمعاتنا، ونحن نقول: إنها دليل -إن شاء الله- على الإيمان، وليست دليلاً على ضعف شخصيتك، أو قلة في إيمانك، بل نعتقد العكس تمامًا، والوساوس عرفت حتى في زمن النبوة، والإنسان عليه أن يحقرها، وأن يتجاهلها، وأن لا يأخذ بها، وأن يستبدلها بأفكار مضادة لها تمامًا.
وعليك أن تكثري من الاستغفار، وأن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وألا تقطعي صلاتك أبدًا، فقد أفتى العلماء الأفاضل: بأن أصحاب الوساوس من أهل الأعذار، ومهما اقتحمت هذه الأفكار عقلك فيجب أن لا تغيري من مسارك، وحقريها، وحطميها وقاوميها، وكذلك تجاهليها؛ هذه هي المبادئ الرئيسية الأساسية في العلاج.
وهناك تمارين وُجد أنها مفيدة جدًا، وهناك ما يسمى بتمرين إيقاف الأفكار؛ وهو أن تجلسي في مكان هادئ، وأن تفكري في هذه الوساوس، حتى يمكنك أن تستجلبيها لنفسك، وأنت في قمة التفكير قولي لنفسك: (قفي، قفي، قفي)، قوليها بكل شدة وقوة، وكأنك تخاطبين نفسك، وتخاطبين هذه الوساوس لتقف.
التمرين الثاني هو: أن تتأملي أيضًا في هذه الوساوس، وفجأة قومي بضرب يدك على جسم صلب، حتى تحسي بألم الشديد، كرري هذا التمرين من 5 إلى 6 مرات متتالية؛ والهدف هو أن تربطي ما بين الفكر الوسواسي وبين الألم؛ حيث إن الألم من المنفرات، وحين نربط هذه المنفرات والمقززات بالفكر الوسواسي، أو الفعل الوسواسي، فإن هذا قطعًا سيؤدي إلى إضعافه، وهذا التمرين يجب أن يطبق يوميًا، ولمدة أسبوعين على الأقل.
تمرين ثالث وهو: أن تتصوري وتتخيلي أن هذه الوساوس قد وضعت في إناء زجاجي، وبعد ذلك قمت بوضعها تحت رجلك، وقمت بالدوس عليها، وتحطيمها، وهذا التمرين يتطلب التركيز والتأمل، وهو مفيد جدًا، ويجب أن يؤخذ بجدية.
فكرة رابعة: هذه الوساوس حينما تأتيك استبدليها بفكرة مضادة لها تمامًا؛ فحين تأتيك الفكرة عن الذات الإلهية مثلاً قولي: (أنا سوف أذهب وأقرأ جزءًا من القرآن الكريم، ولن أفكر في هذه الفكرة) وهكذا.
إذن: الطرق السلوكية العلاجية كثيرة جدًا، وهذه الوساوس تستجيب لتلك السلوكيات العلاجية.
وأريد أيضًا أن أعطيك بشارةً كبرى، وهو أنه بفضل الله توجد أدوية فعالة وممتازة لعلاج هذه الوساوس، وحين يربط الإنسان هذه الأدوية الفعالة بالتمارين السلوكية التي ذكرناها، وبما وصفه لك الأخ المستشار الشرعي، فسوف تكتمل الصورة العلاجية، وسوف تكتمل هذه الحزمة العلاجية الفعالة، وفي نهاية الأمر سوف يزول الوسواس، وكذلك الحالة الاكتئابية الثانوية التي أصابتك من جراء هذه الوساوس.
من أفضل الأدوية التي نصفها في مثل حالتك عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك PROZAC)، أو (فلوزاك FLOZAC)، ويسمى علميًا باسم (فلوكستين FLUOXETINE)، وهو موجود في مصر-بفضل الله تعالى-، وغير مكلف، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا، تناوليها بعد الأكل، واستمري عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم –أي 40 مليجرامًا–، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم، واستمري عليها لمدة عام، بعد ذلك توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء من الأدوية السليمة، والفعالة، وغير الإدمانية، ولا يؤثر مطلقًا على هرمونات الأنوثة، ولا تعتقدي أن مدة العلاج طويلةً، لا، هي ليست مدةً طويلةً، وكل الأبحاث والتطبيقات العملية أشارت إلى أن المدة والجرعة التي وصفتها لك هي الصحيحة.
هنالك أمر آخر ضروري جدًا: لا تتركي لهذه الوساوس مجالاً لأن تعطل حياتك.
أنت -الحمد لله- في بدايات الشباب، حيث الطاقات النفسية والجسدية العالية، عليك أن تستفيدي من هذه الطاقات في دراستك، في التواصل الاجتماعي، في ممارسة الرياضة، وأن تكون لك رؤيا مستقبلية إيجابية، وعليك بمساعدة الآخرين، وتطوير مهاراتك الاجتماعية؛ وهذا كله -إن شاء الله- سيفيدك، ويقضي تمامًا على هذه الوساوس، وختامًا نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.