كيف أتخلص من خوفي وقلقي الدائمين، وتقلبات مزاجي الحادة؟

2025-05-07 22:43:01 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من خوف شديد وقلق وتوتر دائمين، وأشعر بأن أعصابي مشدودة باستمرار، كما أنني سريعة الغضب لأسباب تافهة، وأخاف من الأصوات المرتفعة، خاصةً إذا كنتُ منشغلة بشيءٍ ما، وفاجأني أحدهم بصوت عالٍ أو دخل عليّ فجأة، وليس لدي ثقة في نفسي، وأعاني من اضطراب في النوم.

ينتابني خوف من المرض والموت، وأرى الكثير من الكوابيس والأحلام المزعجة، وإذا شعرت بالخوف أو الانزعاج؛ أصرخ وأضرب ابني البالغ من العمر سبع سنوات ضربًا قويًا.

كما أنني أشعر بالمرض والوهن باستمرار، وأكثر من الصراخ على زوجي وابني وإخواني، وأغضب عليهم لأسباب تافهة جدًا، وأعاني من ضيق في التنفس، على الرغم من عدم وجود أي مرض عضوي يُفسِّر هذه الأعراض.

أنا كثيرة الشكوى والتذمُّر، وأخاف من الحسد والعين، ودائمًا أكون متشائمة، خاصةً إذا فرحتُ أو مررتُ بموقف سعيد؛ حيث أقول في نفسي: "أكيد سأموت أو سيحدث لي شيء سيء"، كما أنني كثيرة التفكير والندم على ما فات، ويقال عني إنني موسوسة وخائفة.

والسؤال: كيف أتخلص من خوفي وقلقي الدائمين وتقلبات مزاجي الحادة؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد أعطيت صورة واضحة عن الحالة التي تعانين منها، وأقول لك أن كل الذي بك هو ما نسميه بـ (قلق المخاوف)، فهذا الخوف الشديد والتوتر الدائم، واضطراب النوم، وعدم تحمل الأصوات المرتفعة، وكذلك الشعور الدائم بقلة الثقة في الآخرين -وبقية الأعراض التي ذكرت في رسالتك-، كلها مؤشر حقيقي أنك تعانين من (قلق المخاوف)، وهي حالة نفسية بسيطة، ولا نعتبرها من الأمراض النفسية الشديدة، وإن كانت بالطبع تسبب الكثير من الإزعاج لصاحبها.

بداية العلاج: أن تضعي صورة إيجابية عن نفسك بقدر المستطاع، هذا مهم جدًّا، فالإنسان كثيرًا ما يكون له أشياء جميلة في حياته، وإنجازات طيبة ونعم كثيرة، ولكن بمجرد أن تحصل له مضايقة في أمر ما، أو تدخل سلبيات على حياته ينسى كل هذه النعم وكل هذه الإيجابيات، ويبدأ تفكيره يكون سلبيًا للدرجة التي تؤثر على مزاجه بصورة واضحة، وتبني لديه القلق والشعور بعدم الطمأنينة، وعدم إحسان الظن بالآخرين والتذمر، وهكذا.

أنت محتاجة لأن تنظري لحياتك من منظار آخر، وأنت بالطبع لك نعم كثيرة، فلديك أسرة، وهذه في حد ذاتها ليست بالسهلة، وأنا على ثقة كاملة أنك تقومين بالكثير من الأعمال الطيبة، ولكن التفكير السلبي جعلك تنظرين إلى الأمور بشيء من السوداوية، وافتقاد للانشراح. نعمة وجود الزوج والذرية -ونعم كثيرة- في حد ذاتها يجب أن تكون دوافع قوية جدًّا للتغيير الذاتي.

الإنسان أيضًا مطالب بأن ينظر إلى الأمور بثقة، وإلى المستقبل بأمل ورجاء، والذي ننصح به هو أن تنظمي وقتك، تنظيم الوقت والقيام بالواجبات المنزلية والزوجية والاجتماعية، بصورة جيدة تجعل الإنسان يحس بالرضا، وهذا يقلل من المخاوف والقلق والتوتر ويؤدي إلى تحسين المزاج.

لا شك أن الحفاظ على الصلاة في وقتها، وأن تكون بخشوع وطمأنينة، وكذلك المحافظة على تلاوة القرآن والدعاء والذكر، هذه مدعمات علاجية رئيسية، وكثيرًا ما نهملها في حياتنا، أو نجعلها من آخر ما نلجأ إليه، وهي يجب أن تكون في جدول أسبقياتنا، فأوصيك ونفسي بالاجتهاد في هذا الأمر.

أيضًا هنالك أشياء كثيرة وجد أنها مفيدة، مثل ممارسة الرياضة، ممارسة تمارين الاسترخاء، هذه كلها تُحسِّن كثيرًا من الصحة النفسية للإنسان.

أرى أنه سيكون من الجيد لك أن تتناولي أحد الأدوية، وقبل الكلام عن تناول الدواء، أحب أن أقول: التوتر والخوف -والنظرة السلبية من هذا القبيل- ربما تكون ناتجة من بعض المتغيرات الكيميائية الداخلية، ويظهر أنه لديك استعداد، والذين لديهم الاستعداد التكويني أو الغريزي أو النفسي -لهذا النوع من الأعراض- تحدثُ لديهم تغيُّرات في بعض المواد تسمى بالـ (مرسلات العصبية - Neurotransmitters)، وهي توجد داخل الدماغ، وهذه المواد تتكون في أطراف الأعصاب ومستقبلات الأعصاب، ويجب أن تكون متوفرة في الفجوة الموجودة بين الأعصاب، ولكن لسبب ما هذا لا يحدث بالصورة الصحيحة، وهذه المواد لا يمكن قياسها في أثناء الحياة بصورة دقيقة، ولكن وضعت الفرضية هذه بعد ثوابت وشواهد علمية كثيرة.

إذًا الدواء سوف يساعدك جدًّا، وبفضل الله توجد أدوية كثيرة جدًّا، والدواء الذي نفضله ونجده جيدًا في حالتك يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس، cipralex)، ويعرف علميًا باسم (اسيتالوبرام escitalopram)، وكثيرًا ما نصفه للإخوة والأخوات، وبفضل الله تعالى كانت الاستجابات والمنافع من هذا الدواء رائعة جدّاً.

الجرعة تكون عشرة مليجرامات ليلًا، ويفضل تناولها بعد الأكل، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا ليلاً، والاستمرار عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تفخض الجرعة إلى عشرة مليجرامات ليلًا لمدة ستة أشهر، ثم تجعل خمسة مليجرام لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

يتميز السيبرالكس بأنه دواء غير إدماني غير تعودي، وليس له أي آثار سلبية على الهرمونات النسوية، فأرجو أن تبدئي في تناوله، وأن تطبقي الإرشادات السابقة، وأن تكوني أكثر إيجابية في تفكيرك.

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

www.islamweb.net