الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
هذه الأعراض التي وردت في رسالتك -والتي معظمها أعراض جسدية، وأعراض نفسية قليلة- هي إحدى الحالات النفسوجسدية (psychosomatic)، ويظهر أن القلق هو العرض الرئيسي.
وهذه الآلام التي تشعرين بها فوق الثدي، وكذلك منطقة الإبط الأيسر ونصف الذراع الأيسر، هي في الواقع انقباضات عضلية ناتجة عن القلق النفسي.
والآلام في الصدر دائمًا لها رمزية مهمة جدًّا، وهي دليل على تخوف الناس من أمراض القلب؛ حيث يُعرف أن أمراض القلب كثيرة، وأن هذه الأمراض كثيرًا ما تكون خطيرة، خاصة الذبحات، ونحن نعرف أن ذبحات القلب قد تبدأ فعلًا بألم في منتصف الصدر، وبعد ذلك ينتقل هذا الألم أو يسري حتى الذراع الأيسر وهكذا.
هذه الصورة الإكلينيكية طُبعت في عقول كثير من الناس، خاصة الذين يعانون من القلق. وأصبح من يعاني من القلق والتوتر والمخاوف، حين تأتيه هذه الانقباضات العضلية يحاول أن يفسرها بأنها ربما تكون دليلًا على وجود مرض في القلب، وهذا بالطبع يؤدي إلى المزيد من القلق والتوتر.
ولا أرى أي مؤشر حقيقي على أن الأعراض التي تعانين منها هي أعراض تدل على وجود مرض في القلب، ولكننا دائمًا نقول إن إجراء فحوصات أساسية يؤدي إلى طمأنينة الإنسان. ومهما كان الطب غير متقدم في بلدك، فالفحوصات المطلوبة هي فحوصات أساسية جدًا، مثل إجراء تخطيط للقلب.
هذا فحص بسيط وأنا على ثقة بأنه يوجد لديكم في بلدكم، فأرجو أن تقومي بهذا الفحص، وهذا لا يعني أبدًا أن لدي شكوكًا في أنك تعانين من ضيق في شرايين القلب، ولكن الذي قصدته من النصح بإجراء هذا الفحص هو أن تطمئني؛ لأن القلق الوسواسي من هذا النوع قد يؤدي إلى ما يُعرف بالمراء المرضي (hypochondriasis)، أو القلق المفرط حول الصحة (Health anxiety)، وهي حالة تشغل الإنسان ويتوهم فيها أنه مصاب بالمرض، ومهما تم طمأنته من خلال الوصف ومن خلال وضع المبررات الإكلينيكية، إلا أن إجراء الفحص وُجد أنه الوسيلة التي تبعث على طمأنينة أكثر، فأرجو أن تقومي بذلك الفحص.
بقي بعد ذلك أن أقول لك إنك في حاجة لبعض الأدوية البسيطة، أدوية مضادة للقلق، وإن شاء الله تساعدك كثيرًا. والدواء الأول يُعرف باسم (ديناكسيت، denaxit)، وهو متوفر في فلسطين حسب ما أعرف، أرجو أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة أربعة أشهر.
والدواء الثاني يُعرف علميًا باسم (فلوكستين، fluoxetine)، ويُسمى تجاريًا باسم (بروزاك، prozac)، وهو من الأدوية الجيدة جدًّا المضادة للقلق والتوتر وكذلك الاكتئاب والوساوس، فأرجو أن تتناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا. استمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
جرعة الفلوكستين التي وصفناها لك هذه هي جرعة صغيرة؛ لأن هذا الدواء يُعطى في بعض الحالات حتى إلى أربع كبسولات في اليوم، وربما تجدين الدواء تحت مسمى تجاري آخر غير بروزاك، عمومًا اسألي عنه تحت مسماه العلمي وهو فلوكستين كما ذكرت لك.
بقي أن تسألي الله تعالى الرحمة لوالدتك، هذا مطلوب، وهذا -إن شاء الله- يساعدك أيضًا في تخطي هذه الأعراض.
أنصحك أيضًا بترتيب وقتك، وإدارته بصورة جيدة، والاستفادة من الزمن في أعمال المنزل وفي الاطلاع والقراءة، والترويح والترفيه عن النفس بما هو متاح، وممارسة أي نوع من الرياضة، هذا -إن شاء الله- سوف يكون فيه أيضًا فائدة كبيرة جدًا بالنسبة لك.
أنصحك أيضًا بأن تقومي بتمارين الاسترخاء: (
2136015)، وهي متعددة وكثيرة، وتفيد جدًا في علاج القلق، خاصة القلق المرتبط بأعراض جسدية متمركزة في منطقة الصدر.
ستكون تمارين التنفس التدريجي مفيدة لك، ولتطبيق هذه التمارين أرجو أن تستلقي على كرسي مريح أو على السرير، أغمضي عينيك وافتحي فمك قليلًا، فكري وتأملي في حدث سعيد حدث في حياتك، وبعد ذلك خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، اجعلي صدرك يمتلئ بالهواء، وبعد ذلك أخرجي الهواء عن طريق الفم، ويفضل أيضًا أن يكون إخراج الهواء - أي الزفير- بطيئًا وبقوة.
هذا التمرين يُكرر خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة ثلاثة أسابيع، ثم مرة واحدة لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك لا مانع من ممارسته عند اللزوم.
ويمكنك أيضًا أن تستصحبي تمرين التنفس المتدرج هذا بتمارين استرخاء العضلات.. قومي بالقبض على راحة يديك بشدة شديدة حتى تحسي بالألم، وخاطبي نفسك أنك الآن تحسين بالألم وذلك من شدة شد اليدين، وبعد ذلك قومي بفك اليدين وإطلاقهما واسترخائهما مع تركيز تأملي بأنك في حالة استرخاء.
كرري نفس الشيء بالنسبة لعضلات البطن، أي قومي بالقبض والشد، ثم بعد ذلك بالإطلاق والاسترخاء، وهكذا لعضلات الصدر والرقبة وحتى عضلات جفون العينين يمكن أيضًا شدها واسترخاؤها، وكذلك القدمان والساقان.
هذه التمارين تعتبر تمارين جيدة ومفيدة، وتؤدي إلى الكثير من الارتياح النفسي والجسدي، وهذا هو الذي أود أن أوجهه لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
وبالنسبة لما ذكرته حول اختلاف حجم الثديين، هذا كثير ويحدث، وموجود لدى الكثير من النساء، وليس دليلًا على وجود أي مرض.
ختامًا: نشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.