هل يمكن أن تختفي التشنجات من الطفل دون تناول الدواء؟
2025-05-20 23:33:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الدكتور/ محمد عبد العليم.
كنتُ قد استشرتكم سابقًا بخصوص طفلي، الذي يبلغ حاليًا (16) شهرًا، وأرجو التكرم بالرجوع إلى استشاراتي السابقة، حيث ذكرت أن ابني أثناء نومه يبدأ بالبكاء، ويصدر صوتًا وكأنه يلتقط أنفاسه.
علماً بأنه في المرة الأولى أُجري له تخطيط للدماغ، وكانت النتيجة سليمة، وبعد ثلاثة أشهر، أُعيد التخطيط، وأظهر وجود بعض الشحنات في قشرة الدماغ من الجهة اليمنى، في حين كانت صورة الرنين المغناطيسي سليمة بنسبة 100%، وقد كان رأيكم حينها أن أبدأ بإعطائه الدواء.
قررت أن أنتظر وأراقب ما إذا كانت الحالة ستتكرر أم لا، وبالفعل، انتظرنا وقد غابت الأعراض لمدة أربعة أشهر، ثم عاودت الظهور مجددًا، ولكن بشكل مختلف.
فقد حدثت أثناء نومه، ولكن دون بكاء أو محاولة لالتقاط الأنفاس، وكانت أطرافه في وضع طبيعي، ولون بشرته طبيعي أيضًا، كما أنه كان يتقلب أثناء نومه وكأنه واعٍ، أي أن تصرفاته كانت تشبه تصرفات الشخص النائم بشكل طبيعي، واقتصر الأمر فقط على حركة بسيطة في الفم.
حتى الآن، لم أقم بإعطائه الدواء، لأني كنت أظن أن الحالة قد اختفت، إلا أنها عادت مجددًا ولكن بشكل أخف.
أنا على دراية بالحالة، لكن ما زلت مترددة وخائفة من إعطائه الدواء، إذ لم أشعر بالاطمئنان الكامل تجاه استخدامه، خاصة أن ما يحدث له ليس ظاهرًا بشكل واضح أو ملاحظ، كما أنني أخشى من حدوث تشنج -لا قدّر الله- إذا حدث خطأ في الجرعة.
وأود أن أحيطكم علمًا أيضًا بأن والده يرفض تمامًا إعطاءه أدوية من هذا النوع، ويعتقد أن الطفل لا يعاني من أي مشكلة.
أنا مرهقة جدًا، وفي نفسي صراع داخلي، أشعر أنني غير قادرة على معالجة طفلي، وأخاف أن أمتنع عن إعطائه الدواء فتتطور حالته، مع العلم أنه لا يُصاب بتشنجات، ولا يزرقّ لونه، ولا ينقطع نفسه.
أرجو منكم طمأنتي:
هل من الممكن أن تختفي هذه الحالة من تلقاء نفسها لأنها بسيطة؟ أم أنها قد تتطور؟
وهل المشي على الرمل يُفيد في حالته؟ فقد سمعت أن الاستحمام بالشاي المُر يساعد في سحب الشحنات الزائدة من الجسم.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن التشنجات الصرعية عدة أنواع كما أسلفنا سابقاً، وفي بعض الأحيان تكون كهرباء الدماغ في وضع غير طبيعي، وهذا الوضع غير الطبيعي قد يكون أقل من الدرجة المطلوبة لإظهار الصرع الكامل، أي أنه يوجد نشاط صرعي على مستوى التغير الكهربائي، ولكنه لم يصل للدرجة التي تحدث التشنجات الظاهرية، وهذه تعتبر درجة أقل من الصرع.
أعتقد أن هذا الابن -حفظه الله- يقع في هذه المجموعة، أي المجموعة التي تعاني من تشنجات صرعية على مستوى التغيرات الكهربائية في الدماغ، ولكن -بفضل الله تعالى- هذا النشاط الكهربائي أخف من المطلوب لإحداث التشنجات العضلية والجسدية الظاهرة.
ما دام هذا الطفل لم تأته هذه الحالة لمدة أربعة أشهر، ثم ظهرت فقط عند النوم، هذا أيضاً دليل قاطع على أن النشاط الكهربائي غير الطبيعي بدأ في الانحسار والخمول، بمعنى آخر أن الحالة تسير في تحسن.
هذا هو الوضع العلمي الدقيق لحالة هذا الابن -حفظه الله-.
يأتي بعد ذلك أهمية العلاج من عدمه، الشيء المرجح بين العلماء والأطباء هو أن يُعطى العلاج أيضاً في مثل هذه الحالات؛ حتى يحدث نوع من الاعتدال والسواء (السوية) الكامل في كهرباء الدماغ، ونقضي تماماً على هذا النوع من النشاط الصرعي الخفي أو البسيط.
إذًا، أيتها الفاضلة الكريمة: هذا هو المنهج العلمي الصحيح، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وما يثار عن هذه الأدوية ليس كله صحيحاً، الجرعة المطلوبة في حالة هذا الابن هي جرعة صغيرة، وأعتقد سوف تكون المدة قصيرة أيضاً.
ما يعرف بالتشنجات الانسحابية يحدث إذا تم التوقف فجأة عن الدواء، وكانت الجرعة جرعة كبيرة، لذا تُعطى الأدوية بجرعة تدريجية، ثم بعد ذلك تعقبها الجرعة العلاجية، ثم يخفف الدواء تدريجياً أيضاً حتى يتم التوقف تماماً عن الجرعة العلاجية.
أرى أنه من الواجب أن يُعالج هذا الطفل، والأمر في غاية البساطة، ويجب أن لا نترك الطفل ليكون عرضة لنشاط صرعي خفي، ربما يقلل من كفاءة الدماغ لديه في المستقبل.
أنا لا أريد أن أسبب لكم أي نوع من القلق، ولكن الأمانة تقتضي أن أناصحكم، وأرجو أن يتفهم زوجك الكريم هذا الأمر، وأعتقد أنه سوف يقتنع تماماً إذا ذهب إلى الطبيب المختص، وأعني به طبيب الأطفال المختص في أمراض الأعصاب، ويفضل من له خبرة في أمراض الصرع لدى الأطفال.
هذا هو الأفضل وهذا هو الذي أراه، وأسأل الله تعالى لابنك العافية والشفاء.
أما ما ذُكر حول الاستحمام بالشاي والمشي على الرمل، ففيما أعلم ليس هنالك أي أساس علمي لهذا الذي يُذكر. هناك كهرباء مضطربة في الدماغ والذي يتم تعديلها عن طريقه هو الدواء؛ لأن الدواء يعمل على المستويات الفسيولوجية والكيميائية، وعلى مستوى ما يعرف بالمستقبلات العصبية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لابنك العافية والشفاء، وبالله التوفيق والسداد.