طالب طب كلما قرأت عن مرض تخوفت من حدوثه لي!

2025-05-22 01:37:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا في أمس الحاجة لردك -يا دكتور-، وأبلغ من العمر 21 عامًا، سأبدأ قصتي من البداية، وأرجو أن يتسع صدرك لي، فأنا في حاجة ماسة لردك.

قبل شهرين تقريبًا، وفي إحدى الليالي، كنت جالسًا على الكرسي ثم قمت بسرعة، فشعرت بألم شديد في ظهري مع تنميل في الأطراف وتسارع في ضربات القلب، لدرجة أنني سمعتها، وأيقنت أنني سأموت، ثم هدأت قليلاً وبدأت في المشي، لكنني شعرت بعدم التوازن أثناء المشي، ولم أخبر أحدًا خوفًا مما حدث، فذهبت إلى النوم.

استيقظت في اليوم التالي وأنا أعاني من مغص وطرش، فذهبت إلى المستشفى حيث تم تشخيص حالتي على أنها نزلة معوية، بعدها بأسبوع بدأت أشعر بتشويش خلف الرأس، فعملت أشعة على الرأس وكانت سليمة، لكن الحالة استمرت.

بعد أسبوعين، بدأت آلام الصدر تظهر لي، فذهبت إلى طبيب القلب وقال: إنني طبيعي، ثم شعرت بضيق في التنفس، فعدت إلى طبيب القلب الذي حولني إلى طبيب نفسي وصرف لي علاج "لوسترال" و"دوجماتيل"، الآن أنا مستمر على العلاج منذ 3 أسابيع، وأشعر بتحسن، فقد اختفت آلام الرأس والصدر، والضيق أصبح أخف من قبل.

وتأتيني بعض الوساوس التي تسيطر عليّ بأنني قد أكون مصابًا بمرض خطير، وفي الأيام الحالية أشعر بوجود شيء يضايقني في منطقة الحلق؛ فمرة أحسّه تحت اللسان، ومرة خلف اللسان، ومرة في سقف الحلق، وأحيانًا في بداية الحلق، حتى أنني أشعر وكأنني سأبلع لساني؛ مما تسبب لي في الخوف، وسألت الطبيب وقال لي: إنها أعراض نفسية.

والشيء الآخر -يا دكتور-: أنه كلما أردت ممارسة الرياضة كما نصحني الطبيب، تأتيني فكرة بأن جسمي ضعيف ولا يتحمل، وأنه قد يحصل تمزق في الأوعية الدموية بسبب نقص الكولاجين الذي قد أكون مصابًا به؛ لأنني سبق أن قرأت عن نقص الكولاجين، فهل ما أشعر به من ضيق في منطقة اللسان هو من الأعراض النفسية؟ وهل سيستمر معي؟

شعرتُ أمس بآلام في عظام الساقين، فهل هي نفسية؟ وما الأعراض التي قد تظهر لي أيضًا؟ كما أنني ألاحظ أنني لا أتحمل البرد، فما نصائحك لي في حالتي هذه؟ فمن الأعراض التي بدأت معي من البداية ولا زالت هي أنني أشعر أنني لا أتحمل البرد، وأخاف من الإصابة بأمراض البرد؛ لاعتقادي بأن جسمي لا يتحمل، وألاحظ وجود طقطقة في الأذن، مع إحساس بعدم الاتزان أحيانًا.

وفي الفترة الأخيرة، بدأت أشعر ببعض الحرارة في جسمي والتعرق، فهل هي أعراض أيضًا؟ والمشكلة أنني طالب طب، وكلما قرأت عن مرض، تخوفت من حدوثه لي، وأكثر شيء مضايقني الآن هو الشعور بوجود شيء في مؤخرة اللسان وأعلى الحلق، وشعور غير مريح في الحلق عند التنفس؛ مما يجعلني أفكر أنني سأختنق بسبب ابتلاع اللسان.

وشكرًا لك.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أعطيت ما يمكن أن نسميه بصورة مثالية جدًا لما يصاب به طالب الطب، خاصة حين يحضر المحاضرات مع الدكاترة عن الأمراض وأوصافها وأنواعها.

بعض الطلاب لديهم القابلية والاستعداد، ربما يكون هذا الاستعداد مرتبطًا بالبناء الشخصي، أو استعداد غريزي بأن يحدث لهم نوع مما نسميه بالتوحد، أي أن ما يسمع به من أوصاف لمرض معين يأتيه الشعور بأنه مصاب بهذه الحالة، وهذه الحالات تعتبر لا أقول نوعًا من التوهم المرضي، ولكنها مما يمكن أن نسميه بالفعل بالمراء المرضي، ولا شك أن الحالة نفسية قلقية وسواسية تخوفية، هذا تقريبًا هو الوصف الإكلينيكي والوصف السريري لحالتك -أيها الفاضل الكريم-.

والعلاج -إن شاء الله- سهل، وإن كان يتطلب منك جهدًا، ولا شك في ذلك، وهو أولًا أن تقتنع أن هذا ناتج من القلق النفسي، ناتج من الوساوس ومن المخاوف، وليس أكثر من ذلك، أي أنه لا يوجد لديك مرض حقيقي يجعلك تفسر وتأول الأمور بصورة ليست صحيحة.

أنت حين تحدثت عن نقص الـ (كولاجين)، هذه حالة نادرة، وحالة لا يمكن أن تكون أبدًا أنت مصابًا بها، ويجب أن تحقر هذه الأفكار، ويجب أن تقول لنفسك أن حالتي قلقية، والقلق الوسواسي من هذا النوع يُعالج بالتجاهل.

الأمر الآخر: يجب أن تلجأ إلى حسن التأويل، فليس من الضروري أن يُسيء الإنسان التأويل دائمًا، حتى في هذه الأعراض: الآلام الجسدية مثلًا، يمكن أن تأولها بأنها ناتجة من شد عضلي بسيط، وهذا الشد العضلي ناتج من التوتر النفسي الذي تعاني منه، وكما تتوتر النفس وتحتقن فإن العضلات تتوتر وتنقبض.

فهذا النوع من التفسيرات المنطقية والصحيحة هو الذي سوف يفيدك.

الموضوع الآخر هو: يجب أن تمارس الرياضة، هذا الشعور الذي يأتيك بأن جسمك ضعيف، هذا ليس حقيقة، أنت تمشي وتتحرك وتتكلم، والرياضة يمكن أن تكون رياضة تدريجية، كالمشي مثلًا، ويجب أن تتفهم أنها جزء من العلاج الأساسي بالنسبة لك، وهذا ضروري جدًا.

الوساوس تعالج أيضًا بفكرة مضادة، أو بإدخال منفر ما، مثلًا يمكنك أن تتأمل في كل هذه المخاوف الوسواسية، وفي نفس الوقت تقوم بربطها بموقف غير سعيد حدث لك، الربط ما بين هذا الحدث غير السعيد وما بين الفكرة القلقية الوسواسية سوف ينفرك من الفكرة الوسواسية.

تمرين آخر يمكن أن نعتبره جيدًا وممتازًا، وهو أن تضع على يدك هذا الرباط المطاطي الذي تربط به الأوراق المالية، قم بجذبه بشدة وفي نفس اللحظة فكر في هذه الأعراض القلقية التي تأتيك، وهذه التفسيرات غير المبررة، وبعد ذلك قم بإطلاق هذا الرابط المطاطي لتحس بلسع وألم شديد في يدك.

هذا التمرين يكرر عشر مرات متتالية يوميًا، وقد وجد العلماء أن تطبيق هذه التمارين السلوكية المنفرة بانتظام ولمدة أسبوعين يقلل من القلق، ومن الوساوس، ومن المخاوف بصفة عامة.

هذه التمارين تتطلب التركيز، وأن تأخذها بجدية؛ لأنها حقًا وحقيقة تتمتع بمصداقية عالية، وهي قائمة على تجارب علمية سلوكية أثبتت جدواها.

اسع لأن تعيش مستقبلك بأمل وقوة، فأنت -الحمد لله- في ريعان شبابك -وإن شاء الله- تتخرج من كلية الطب وتصبح طبيبًا مختصًا ومتميزًا، لا بد أن تعطي نفسك حيزًا لمثل هذا التفكير الإيجابي.

أنصحك بالرفقة الطيبة، فالإنسان حين يرافق من هو منضبط في تنظيم وقته، ويكون طابع حياته الجدية والمثابرة والإنتاجية، لا شك أن في ذلك نفعاً كثيراً، ولا شك أن التزامك بالمساجد والحرص على الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن والدعاء والذكر؛ سوف يعود عليك بفائدة كبيرة جدًا في دينك ودنياك وآخرتك.

ويا أخي الكريم: هذه المخاوف يجب أن تُحقر تمامًا، ولأن الإنسان في الأصل ما يصيبه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فالأمر واضح جدًا، وسل الله أن يحفظك وأن يعطيك الصحة والعافية والنجاح.

تمارين الاسترخاء تعتبر تمارين جيدة، فأرجو أن تتدرب عليها، إما بواسطة الأخصائي النفسي الذي تذهب إليه، أو بحصولك على كتيب، أو بتصفح أحد المواقع التي توضح كيفية أداء هذه التمارين. هذا -إن شاء الله- سوف يفيدك كثيرًا جدًا، وسوف تجد فيها خيرًا كثيرًا جدًا.

العلاج الدوائي أعتقد أنه جيد ومفيد إلى درجة كبيرة، خاصة إذا أخذت به مع تطبيق الإرشادات السلوكية، هنالك عامل تضافري ما بين الدواء، وما بين تعديل السلوك، وتغيير نمط الحياة، والتفكير الإيجابي..؛ هذه إذا اجتمعت مع بعضها البعض تعطينا صورة جميلة جدًا ورائعة للصحة النفسية الجيدة.

دواء لسترال دواء جيد وفعال، وأنت لم توضح الجرعة، ولكن الذي أراه أن جرعتك اليومية يجب أن تكون ما بين 100-150 ملغ، أي حبتين إلى ثلاث في اليوم، أما الدوجماتيل فيمكن أن يكون بجرعة 50 ملغ صباحًا ومساءً، وعلى هذه الجرعة العلاجية لا بد أن تستمر ستة أشهر، وبالتزام مطلق، وبعد ذلك يمكن أن يبدأ التخفيض التدريجي لهذه الأدوية.

أنصحك بأن لا تتردد كثيرًا على الأطباء، والأعراض واضحة أنها نفسوجسدية، وأنا على ثقة كاملة أن حالتك سوف تتحسن جدًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

www.islamweb.net