مزاجي المضطرب يفسد حياتي الزوجية

2025-03-17 02:47:11 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني منذ بداية زواجي -أي ما يقارب 8 سنوات- من تغير المزاج، بشكل مفاجئ، فأحيانًا أكون مبتهجةً، وراضيةً، وذات روح إيجابية، وفجأةً أصبح غاضبةً، ناقمةً على كل من حولي! لا أشعر بطعم الحياة؛ فحياتي الزوجية منذ بدايتها كانت مضطربةً، ومتزعزعةً، بسبب مزاجيتي التي تكاد أن تقضي علي، والمشاكل لا تنتهي، ولا أتذكر أسبوعًا مرّ علي من دون مشاكل، كان سببها مزاجيتي المتقلبة!

أشعر دائمًا بحزن شديد، ويرافقه قلق، وتوتر، وشعور بعدم الأمان والاستقرار، وأعيش دائمًا في حالة ترقب وانتظار، لتلك اللحظة التي يمكن لوضعنا أن يتغير، لا أستطيع أن أندمج في الحياة الاجتماعية بشكل سلس ومرن، كما أن تغير روتيني اليومي يضايقني جدًا.

أخاف من أن أفقد زوجي وأطفالي؛ فهم يعانون من سوء حالتي، لدرجة أنني بدأت أشعر بأن زوجي لم يعد يستحمل المزيد، أحاول دائمًا أن أتغير، ولكن محاولاتي لا تدوم طويلاً، وسرعان ما أعود إلى مزاجيتي التي لا تطاق، أرجو منكم مساعدتي حتى لا أخسر عائلتي!

وللعلم: فأنا أرضع طفلي الثالث رضاعةً طبيعيةً في حال قمتم بوصف دواء، ولكم مني خالص الشكر والتقدير، وجزاكم الله عنا كل خير.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإني أشكرك كثيرًا لأنك مستبصرة، وعلى وعي وإدراك تامين بمشكلتك، والتي وصفتها بالعصبية، والتوتر، وعسر المزاج، والشعور بالكدر، للدرجة التي أثرت سلبًا على علاقتك الزوجية والأسرية، وأشكرك كثيرًا لأنك لم تضعي اللوم على أي طرف آخر، وهذا حقيقةً دليل على استبصارك -كما ذكرت لك-، وعلى تواضعك، وأنك بالفعل تسعين لإصلاح نفسك.

أيتها الفاضلة الكريمة: أبشرك أن حالتك بسيطة؛ حيث يظهر أنك تعانين من القلق الانفعالي، وهذه ربما تكون سمةً من سمات شخصيتك، وأن البناء النفسي لشخصيتك يقوم على هذا؛ مما جعل الظروف مهيأةً لكي تصبحي أكثر انفعالاً وتوترًا، ولا شك أن الانفعالات والتوترات تفقد الإنسان طريقه؛ مما يجعله يحس بالكدر، والاكتئاب، وعسر المزاج -كما ذكرت لك-.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنصحك بالتفكير الإيجابي؛ فالتفكير الإيجابي هو الزاد الحقيقي من الناحية النفسية، للتغلب على كل الصعوبات والأفكار السلبية.

ثانيًا: أنصحك بأن تعبري عن ذاتك وعن نفسك أولاً بأول، ولا تجعلي الانفعالات السلبية تتراكم داخل نفسك، وتؤدي إلى احتقانات؛ مما ينتج عنه هذه الانفجارات النفسية، التي تعود عليك بالضرر، وكذلك على أسرتك.

ثالثًا: أرجو أن تطبقي ما ورد في السنة المطهرة، فيما يخص علاج الغضب والعصبية، والتعامل معهما؛ فحين تأتيك إشارات الغضب الأولى، فعليك بأن تغيري مكانك، وعليك أن تغيري موضعك، ثم عليك أن تستعيذي بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأن تطفئي هذه النار، وعليك أن تنفثي ثلاثًا على شقك الأيسر، وعليك بالوضوء، وصلاة ركعتين، وهذا توجيه نبوي عظيم، وأنا لديَّ تجارب كثيرة حول هذا العلاج النبوي، وقد أفادت الكثيرين؛ فإنه يأتيني من يقول لي: إنه حين يأتيه الغضب بمجرد أن يفكر في العلاج النفسي السلوكي النبوي للغضب ينتهي عنده الغضب، وتطفأ ناره، وهذا شيء عظيم يجب أن نستفيد منه كثيرًا.

رابعًا: أود أن أصف لك دواءً واحداً، دواء فاعل وجيد وسليم، وبما أنك مُرضعة فأقول لك: إذا كان عمر الطفل أقل من ستة أشهر فلا تتناولي الدواء، أما إذا كان عمره أكثر من ذلك فتناوليه، والدواء سليم -إن شاء الله-، ولن تكون هنالك تبعات سلبية على الطفل.

الدواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat)، ويعرف علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، أرجو أن تبدئي بتناوله بجرعة نصف حبة –أي عشرة مليجرام– يوميًا في الصباح، أو في المساء إذا شعرت بأي نوع من الاسترخاء الزائد من تناول الدواء في فترة الصباح، ويفضل تناول الدواء بعد الأكل، وبعد انقضاء عشرة أيام وأنت على هذه الجرعة، ارفعيها إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الزيروكسات دواء ممتاز لعلاج القلق والتوتر، وكذلك المخاوف والوساوس، وحتى الاكتئاب، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة جدًّا؛ حيث إن الجرعة القصوى لهذا الدواء يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم، ولكنك لست في حاجة لهذه الجرعة، والدواء غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية.

وأنصحك أيضًا بممارسة أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، وهنالك أيضًا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أنصحك بممارستها، ولتطبيق هذه التمارين يمكنك أن تجلسي في مكان هادئ على كرسي مريح، أو تضطجعي على السرير، وبعد ذلك ارفعي رأسك قليلاً، وضعي يديك على صدرك، أو على ركبتيك، بعد ذلك خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، ثم أمسكي على الهواء قليلاً في صدرك، وذلك حتى يحدث تشبع للأكسجين داخل الخلايا العصبية، بعد ذلك أخرجي الهواء بكل بطء وقوة عن طريق الفم.

كرري هذا التمرين من أربع إلى خمس مرات في كل جلسة، بمعدل جلسة في الصباح، وجلسة في المساء، لمدة ثلاثة أسابيع، ثم بعد ذلك اجعليه ممارسةً يوميةً بالنسبة لك، وسوف تجدين فيه -إن شاء الله خيرًا كثيرًا وعليك بالتفكير الإيجابي -كما ذكرنا- فهو أمر جيد، وأنت لديك أشياء جميلة وعظيمة في حياتك، وهذا -إن شاء الله- سيكون دافعًا إيجابيًا لك.

حاولي أن تعبري عن ذاتك -كما ذكرت لك- أولاً بأول، وحاولي أن تتجنبي التصادم الاجتماعي، والتصادم الزوجي؛ بمعنى أن الإنسان حينما يكون في لحظات غضب، ولم يستطع أن يتحكم في هذا الغضب، فليبتعد قليلاً عن الطرف الثاني، هذا من وجهة نظري يفيد كثيرًا، وأنا على ثقة تامة أنك -إن شاء الله- بتطبيقك للإرشادات السابقة، وتناول الدواء الذي وصفناه سوف تتبدل حياتك، وتصبح إيجابيةً، نسأل الله لك كل الهناء والسعادة، والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net