كيفية اكتساب شخصية قوية وواثقة عند مواجهة الآخرين
2011-03-05 08:58:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شاكرين لكم هذا الموقع الرائع، أما بعد:
أنا فتاة من غزة أبلغ من العمر 24 عاماً، ظروف الحروب والقتل والدمار أثرت في شخصيتي بشكل كبير، حتى أنني عندما أخرج أشعر بنوع من الخوف إلا أن شخصيتي قوية لكن لدي بعض التصرفات التي أكرهها، فمثلاً عندما أقابل شخصاً غريباً أشعر برغبة في أن أستفرغ وبعد ذلك أشعر بالارتياح.
أنا مدرسة أيضاً، فمثلاً إذا أرادت المشرفة أن تحضر عندي درساً أتوتر قليلاً، وأيضاً أشعر برغبة في الاستفراغ ثم بعد ذلك أشعر بارتياح كبير.
الرجاء ساعدوني في حل هذه المشكلة، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنشودة مطر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن الواضح جدّاً أن شخصيتك تحمل سمات القلق النفسي، وهذا القلق يظهر في المواقف الاجتماعية، فالحرب والدمار وما يحدث في فلسطين العزيزة هو حقيقة أمر اجتماعي، والتبعات التي تنتج من الحروب معروفة وقد تكون لها انعكاسات سلبية على كثير من الناس خاصة الذين لديهم استعداد للقلق.
من المفارقات العجيبة أنه وفي بعض الأماكن تُحسن الحروب من الصحة النفسية للناس، وهذا قد يكون أمراً غريباً.
إذا كان هنالك وازع ودافع وطني واحد أو كان الأمر يتعلق بالعقيدة فتجد الناس في تضافر وفي تعاون وفي تناسق كبير، وهذا يُدعم من صحتهم النفسية كثيراً.
تم ملاحظة هذا في الحرب في إيرلندا وكذلك الحرب السابقة في سيرلانكا، حتى إن مستوى الحالات النفسية قد انخفضت؛ لأن الشعور القومي كان قويّاً جدّاً خلال هذه الحروب، وحتى حالات الانتحار قلّت، علماً بأن إيرلندا وخاصة سيرلانكا كانت تمثل بؤرة للكثير من حالات الانتحار.
عموماً وددت أن أذكر لك هذه الحقيقة علها تكون مفيدة بالنسبة لك.
أرجعُ لموضوعك مباشرة وأقول لك أن ما يحدث لك عند المواجهات من شعور بالرغبة في الاستفراغ بعد ذلك يحدث الارتياح، هذا دليل على وجود هذا التوتر النفسي البسيط، وهذا أيضاً نوع من القلق الاجتماعي.
الذي أنصحك به هو أن تكثري من هذه المواجهات، وأن تقولي لنفسك: (ما الذي يجعلني أتوتر أو أضطرب؟ من أقابلهم ومن أتفاعل معهم هم بشر مثلي، مهما كانت مواقعهم ومهما كانت مناصبهم) هذا أفضل أنواع الإقناع الذاتي.
ثانياً: أريدك أن تتدربي على تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء وهي معروفة وفائدتها عظيمة جدّاً لتقليل من هذه التفاعلات النفسية السلبية.
لتطبيق هذه التمارين يمكنك أن تطبقيها لوحدك وذلك من خلال أن تجلسي على كرسي في غرفة ليس بها ضوضاء وتكون الإضاءة خافتة، حاولي أن تكوني في انسجام واسترخاء وتركيز تام، تذكري حدثاً سعيداً حدث لك في حياتك، أغمضي عينيك، ارفعي رأسك قليلاً، ضعي يديك على ركبتيك، بعد ذلك خذي نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، أمسكي الهواء قليلاً في الصدر لتعطي فرصة لانتشار وتوزيع الأكسجين بصورة صحيحة، بعد ذلك أخرجي الهواء بكل قوة وبطء عن طريق الفم.
كرري هذا الشهيق والزفير خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك كرريه عند اللزوم، وهو تمرين جيد ومفيد.
بقي أن أقول لك أنك أيضاً في حاجة لعلاج دوائي بسيط يساعدك إن شاء الله تعالى في علاج هذه الحالة. الدواء يعرف تجارياً باسم (أنفرانيل) واسمه العلمي (كلوإمبرامين) أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراماً ليلاً، تناوليها ليلاً لمدة شهرين، بعد ذلك ارفعيها إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهرين أيضاً، ثم خفضي الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراماً ليلاً لمدة شهرين أيضاً، ثم بعد ذلك توقفي عن تناول الدواء.
الأنفرانيل يتميز بأنه من أفضل الأدوية لعلاج القلق والتوتر، خاصة المرتبط بالمخاوف، وقد يسبب لك آثار سلبية بسيطة مثل الشعور بالجفاف في الفم أو الثقل في العينين، وهذا يحدث في الأيام الأولى للعلاج، بعد ذلك سوف تختفي هذه الأعراض تماماً.
الدواء من الأدوية السليمة خاصة في مثل عمرك.
أيتها الفاضلة الكريمة: أريدك أن تبني رغبة قوية في عملك وأن تطوري نفسك مهنياً، وفي موضوع الحرب والدمار والقتل الذي يحدث في فلسطين المحتلة أريدك أن تبني شعوراً إسلامياً وقومياً ووطنياً حول هذه القضية، وهذا -إن شاء الله- يخفف عليك كثيراً، وعليك أن تشعري بأنك منسجمة ومتناسقة في تفكيرك مع الذين يحاربون ويقاتلون ويجاهدون لصد العدوان. هذا الشعور الذي نسميه بـ (الشعور بالعالمية) وليس بالشخصنة أو الفردية دائماً يؤدي إلى نوع من المؤازرة والمساندة تلقائياً، فكوني حرصة على ذلك، وعليك التمسك بالدعاء، والدعاء هو سلاح المؤمن دائماً.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.