كرهت أبي لأنه يحقد علي..فهل أنا على صواب؟
2011-05-05 11:28:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شخص ولدت في هذا الزمن المليء بالأحقاد والضوضاء، كنت شخصاً غير عادي في طفولتي، كنت أحب الإسلام وديني حباً يصل لدرجة أني كنت أتمنى أني أفديه بروحي، وولد معي حلم وهو أني في يوم من الأيام سأكون شخصاً يقود الأمة إلى النصر، ويجعل من أمة الإسلام أقوى الأمم، وأجعل من الإسلام عملاقاً والباقي حشرات، ولكن عندما كبرت انصدمت بالواقع وبالذات عندما دخلت الكلية التي لم أرغب بها وهي كلية الحقوق، ولكني رضيت بقضاء الله، وفي السنة الأولى لم أكن متفوقاً بسبب عدم رغبتي فيها، بل كنت أرغب بكلية العلوم، فهي كانت حلمي، ولكن السنة الثانية تفوقت بتقديرٍ جيد جداً والثالثة أيضاً.
لاحظت منذ ذلك الوقت حقد أبي الذي لم يسعد بتفوقي، لدرجة أنه كان يصبح عنده الضغط مرتفعاً لدرجة النزف، فهو يتمنى عدم وصولي لأي منصب؛ لأن أباه الذي ما زال حياً الآن قال له: إن أولادك عندما يكبرون ويصلون إلى أي منصب لن ينفعوك، فأبي يخشى أن أصل لأي شيء خوفاً من أني لن أعرفه وأجهله بعد ذلك، وكان يفرح فرحاً شديداً عندما أفشل في التقديم لأي وظيفة، وعندما تخرجت من الكلية بتقدير جيد جداً قمت بالتقديم بالكلية الحربية، وعندما لم يتم اختياري فرح فرحاً شديداً، فهو يحقد علي حقداً شديداً، لماذا؟ لا أعلم! ولاحظت أمي ذلك أيضاً وأخي، أي أني لست واهماً، فهو يفترض السوء، ويتمنى عدم نجاحي إرضاءً لأبيه وأخيه أيضاً، وليس أبي أيضاً الذي يخشى أن أفلح، فعندما قمت بالتقديم للنيابة العامة لاحظت أيضاً خالي الذي بدلاً من أن يدعو لي بالقبول ويشد عزمي وجدته يحبطني ويقول لي إنهم لن يقبلوني.
لماذا تلك الأحقاد؟ وماذا أفعل؟ وصل بي الأمر أني كرهت أبي، فهو يفترض السوء، والله عز وجل قال في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرًا فله وإن ظن شرًا فله) ولله خير الأمثال وأعزها، ولذلك طالما أبي يفترض ذلك فسينال ما يظنه به، وأقسم بالله لن أتراجع عن ذلك، فهل أنا على صواب في ذلك؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب.
نحن قد لا نشاركك الرأي أيها الحبيب في أن أباك يحمل لك كل هذا الحقد، ويكن لك كل هذه الضغينة، ربما يكون قد صدر منه موقف من المواقف بسبب طارئ كأن يكون غاضبًا عليك لأمر ما، أو يكون حاول بعض الناس أن يوغر صدره عليك، أو نحو ذلك من الأسباب، فأحب أن تنكسر شوكتك لأمر ما، ولكن هذا لا يعني أبدًا أن هذا هو دأبه وهذا هو سلوكه الدائم، فإن هذا مخالف ومنافٍ للفطرة البشرية، بل الفطرة التي جبل الله عز وجل عليها المخلوق هي حب ولده والرحمة به، فإن رحمة الوالد بولده رحمة جعلها الله عز وجل في قلب كل والد، ومن ثم فنحن نظن أيها الحبيب أنه ربما حصل موقف من هذه المواقف التي ذكرنا لك، وحاول الشيطان بعد ذلك أن يستغلها ليوقع الوحشة والنفرة بين قلبك وقلب أبيك، فإن هذا دأب الشيطان وعادته يسعى جاهدًا لقطع الأرحام وإفساد ذات البين، ولذا نتمنى أيها الحبيب أن تتغلب على هذه المشاعر السلبية، وأن تتذكر محاسن أبيك وفضائله عليك، وأن تتذكر أنه سبب في وجودك في هذه الحياة، وقد أحسن إليك كثيرًا وأنت صغير، فأعطاك وأنت فقير، ورعاك وأنت ضعيف، وكد وعمل من أجل أن يكتسب لك لقمة العيش، إلى غير ذلك من الفضائل الكثيرة التي يستحق أن تكافئه بها بكل إحسان وإن أساء إليك، بل مهما بلغت الإساءة، كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا} فأمر بمصاحبة الوالد الكافر الذي يجاهد ولده ليكفر، أمر مصاحبته بالمعروف، وما ذاك إلا للمعروف الذي قدمه هذا الوالد لولده.
نحن نتمنى أيها الحبيب أن لا تغيب عنك هذه المعاني العظيمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) فللوالد عليك حقوق، فاحذر أن تضيع هذه الحقوق وتقصر في حقه عليك تحت هذه الدواعي التي يدعوك الشيطان إليها ويحاول أن يكبرها في نفسك، ثم نقول أيها الحبيب أيضًا وصية عظيمة في نقاط:
الأولى: لا تحقد على أحد بمثل هذه الأسباب التي ذكرت، فكون الشخص يتمنى لك أن لا تفوز أو أن لا تنجح أو نحو ذلك فإن هذا لن يضرك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف) فلا يستطيع الناس وإن اجتمعوا حرمانك من شيء قدره الله لك، كما لا يستطيعون أن يقدموا لك شيئًا لم يقدره الله عز وجل، فأرح نفسك من هذا، واعلم أن الأمر كله بيد الله وأن القدر ماضٍ.
الثانية: كن ممن أوصاهم الرسول صلى الله عليه وسلم بمحاسن الأخلاق بل وأفضلها، وهي أن تعطي من منعك، وأن تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، ولا يزداد الإنسان بالعفو إلا عزًّا ورفعة ودرجة، فاحرص على أن تكون ممن يبادل الناس بإساءتهم إحسانًا، واعلم بأن مكارم الأخلاق وأدب الإنسان عنوان لفلاحه بإذن الله سبحانه وتعالى.
ومن ثم نحن ندعوك أيها الحبيب أن تحسن علاقتك بأبيك، وتجاهد نفسك على بره وإحسانه بقدر الاستطاعة، فبره واجب وإن كان قد أساء إليك، فضلاً عن كونه لم تبدر منه بادرة ثابتة حقيقية تدل على إساءته إليك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهديك لأحسن العمل والخلق، وأن يوفقك إلى كل ما فيه مرضاته، ونسأله سبحانه وتعالى أن يفتح أمامك أبواب الخير وييسره لك حيث كان.