بعد وفاة أبي أصابني اكتئاب، ما نصيحتكم؟
2011-06-01 10:08:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتشرف بطرح مشكلتي بين يدي نخبة أمثالكم، مشكلتي بدأت منذ ما يقارب خمسة أشهر حين توفي والدي، والدي الذي يمثل لي كل شيء في حياتي أخ وأب وزوج وأم، هو كل شيء بالنسبة لي، ولكني حاولت أن أتماسك وأن أعود كما كنت ونجحت أمام الناس، ولكني من الداخل منهارة تماما.
مع كل صباح كنت أجدد فيه أحلامي أصبحت أجدد أحزاني وأذرف دموعي، وبحكم بدء دراستي لعلم النفس فقد أحسست أني أوشكت على الإصابة بالاكتئاب، فحاولت جاهدة أن أخرج من هذه الأجواء فأصبحت أشغل صباحي بالقرآن وباقي أوقات بالانترنت وغيره.
لا مجال للتفكير ولكن ما حدث لي هو اضطراب في نومي فأصبحت أنام ما يقارب 19 ساعة متواصلة منذ عودتي من الجامعة إلى ذهابي لها مرة أخرى، وذلك يتعبني وخصوصا أنني أتحسر على ذهاب يومي سدى، بالإضافة إلى أن الجميع غاضب من هذا النظام، ولا أدري ماذا أفعل؟!
أنا مستسلمة للنوم تماما، ففيه أرى أحيانا أبي، وأسأل عن همي! ولكن الامتحانات على الأبواب ولابد من وقفة حازمة لهذا النظام، خصوصا أنه كان يحدث لي مرة في الشهر تقريبا، والآن مرتين في الأسبوع أنام بهذه الطريقة.
وجهوني فأنتم أصحابنا وأطباؤنا، ولكم جزيل دعواتنا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ العنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك، ونقول لك: الحزن على الآباء وعلى الأمهات، ووفاء الأعزاء والأحباب، هي عملية إنسانية تدل على الرحمة الموجودة في القلوب، ويعرف تمامًا أن بعض الناس قد تطول أحزانهم والبعض قد تقصر لديهم الأحزان، ونحن بصفة عامة وفيما يخص علم النفس والسلوك نقول إن فترة التأثر والأحزان المسموح بها هي حوالي ستة أشهر تقريبًا، مع بعض وجود الفوارق الفردية ما بين الناس.
أن تحزني على والدك هذا أمر طبيعي، لكن في ذات الوقت يجب أن تصلي إلى قناعات أن استمرارية هذا الحزن وبهذه الكيفية التي تعطل حياتك وتجعلك تعيشين في هواجس، هذا ليس أمرًا محمودًا، وأنت تعرفين أن كل نفس ذائقة الموت، ولكل أجل كتاب، والذي هو مطلوب منك هو الاجتهاد العلمي، التميز، التفوق، حتى تحملين اسم والدك، هذا هو المطلوب منك الآن، وعليك بالدعاء لوالدك بالرحمة والمغفرة.
أنت صالحة -إن شاء الله- ودعاء الابن الصالح مطلوب ومجاب بإذن الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له) فهذا هو الذي يطمئنك وهذا هو الذي سوف يؤدي -إن شاء الله تعالى- إلى خروجك من هذه الأحزان المطبقة بعض الشيء.
إذن الذي أمامك الآن هو أن تقولي: (تدمع العين، ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب سبحانه) وأن تقولي: (من خلال العلم ومن خلال الأخلاق العالية الراقية سوف أحمل اسم أبي) مع الدعاء له بالرحمة.
هذه هي الثوابت التي تساعدك إن شاء الله تعالى لأن تبني طاقات نفسية جديدة، وتخرجي من هذه الحالة.
لا أريدك أبدًا أن تصرفي انتباهك بالجلوس على الإنترنت لفترات طويلة، هذا نوع من الهروب الغير مجدي، استثمري وقتك في الدراسة، الحمد لله تعالى أنت حريصة على تلاوة القرآن، وعليك بالدعاء، وعليك بالترويح عن نفسك بما هو مشروع، لا مانع من أن تشاهدي بعض البرامج التليفزيونية الجيدة من وقت لآخر، اخرجي مع أخواتك مع صديقاتك لتروحي عن نفسك، هذا كله طيب، وفي نفس الوقت إن شاء الله تعالى يحسن من دافعيتك نحو الدراسة.
النوم لساعات طويلة هو دليل على الشعور بالإحباط، وهذا يعالج بما ذكرناه لك من إرشاد، وكذلك ممارسة التمارين الرياضية، هذه مهمة جدًّا ومطلوبة، فأرجو أن تمارسي أي تمارين رياضية داخل المنزل، على الأقل يجب أن يستمر التمرين لمدة نصف ساعة، هذا يعطيك إن شاء الله طاقات جيدة، وعليك أيضًا أن تتناولي كوبا من القهوة في الصباح، هذا يزيد إن شاء الله درجة الاستيقاظ لديك.
أنا لا أريد حقيقة أن أتعجل وأطلب منك أن تتناولي أدوية، وإن كنت أعرف أن عقار بروزاك يفيد كثيرًا في مثل هذه الحالات، لكن لا زلت أعتبر أن مشاعرك هي مشاعر طبيعية، هي دليل على الرحمة التي في قلبك، هي دليل على الرابط القوي الذي كان بينك وبين والدك، وهو نوع من البر له أيضًا.
فنسأل الله تعالى له الرحمة ولك التوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.