كثرت على الهموم بسبب الالتزام والأصدقاء والمستقبل، انصحوني.
2011-10-09 09:46:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
يا من كنتم ولا تزالون نبراسا ومربيين فاضلين -بعد الله عز وجل- لكل من طلب استشارتكم.
أبدأ استشارتي بالاستفسار عن أشياء لا تزال تحيرني، وأحيانا أجد لها إجابات، ولكن لا أقتنع بها، وأظل في غياهب الشك والجهل، وفي بعض الأحيان ظلام حالك، لا أرى فيه إلا بصيصاً من نور.
كنتم بعد الله -سبحانه و تعالى- سببا في شفائي من مرض الاكتئاب الذي حل بي (بسبب صدمة عنيفة وتعلقي بغير الله -وهو حب فتاة خائنة- ومن تعلق بشيء غير الله عذب به) ذلك بإتباع نصائحكم ومحاولة تطبيقها دون اللجوء إلى العقاقير، والتي استمريت عليها لمدة لا تزيد عن الشهر ولله الحمد، والتي كانت تحسسني بالانتعاش والراحة.
ثانيا: أعلم أن اللحية واجبة، ولكن هل إن لم أقم بإعفائها سأظل أرتكب خطيئة كبيرة، وأكون من المجاهرين بالمعصية، وأن يحتمل أن لا تقبل مني الطاعات وأني سأعذب أو أن أكتب من المنافقين؟ وهل إن التزمت على الدين الصحيح فسأتعرض لابتلاءات الصالحين وأتعرض للوحدة والوحشة ومعاداة الناس لي وأن أصبر حتى يأتيني اليقين، وما هي أنواع الابتلاءات حيث أنني أخاف من وقوعها؟
وقد كنت قد التزمت فترة 3 أشهر، فكنت أحس فيها تارة براحة في صدري وانشراح ونور الإيمان يسري في قلبي، ولكنني في وقت وآخر أحسست بالوحدة القاتلة، فقد كان لي صديق ملتزم وهو صديق الطفولة، وكان سببا في التزامي ولكنه بعد ذلك أصبح عاديا، يخفف لحيته ويكثر من المباحات وبعض المعاصي دون اللجوء للكبائر، ودون سماع الأغاني ودون شرب الشيشة، أو حتى الدخان، أصبح متدينا ولا أقول أنه ملتزم، لكنه تزوج وتركني وحيدا وهو يقضي معظم وقته مع زوجته.
هناك صديق آخر ملتزم ولكنني لا أرتاح له، حيث أنه يحب الاستهزاء بكلامي، ويتفنن في بعض الأحيان بتصيد أخطائي، بل إنه لا يتورع في بعض الأحيان الوقوع في الغيبة، ولكنه في أحيان أخرى يذكرني بالله ويأخذني إلى المحاضرات وإلى نزهة في بعض الأحيان إلى البحر.
لكنني في المقابل تركت أصدقاء العمر، ومن أقوم بالضحك معهم، وأجد ضالتي عندهم بل وأضحكهم بل ويستبشرون برؤيتي، ولكنهم في نفس الوقت لدي عدة ملاحظات:
1) نحن خمسة أشخاص 2 لا يشربون الشيشة والباقي يشربونها، ولكنهم لا يأمروننا بشربها ونحن لا نطيق رائحتها فضلا عن شربها.
2) ينامون عن صلاة الفجر وأحيانا عن صلاة العشاء بسبب نومهم عند عودتهم من العمل.
3) لا يحبون الغيبة ولكنهم يتفرجون للبرامج والمسلسلات التي تعرض في الكافي شوب، وأيضا يضحكون كثيرا ولا يذكرون الله إلا قليلا في مجالسهم مثل أستغفر الله على مزحة .
4) لا يجتمعون إلا على الكافي شوب لشرب الأرجيلة ولكنهم يصومون رمضان ويعتمرون.
ثالثا: أنا في دولة عربية مسلمة وولدت بها وأحس أنني غريب بها مع أن جميع أهلي بها ولكنهم لا يعطون الجنسية، ولا يعاملونك إلا كالعامل الذي دخل إلى الدولة بالأمس وليس لنا حقوق بها نحن المواليد، بل إنهم ضيقوا علينا الأرزاق، فإذا أردت أن أغير عملا أفضل لأرتاح نفسيا أو حتى أجد راتبا أفضل فإنك لا تستطيع نقل كفالتك، وذلك بسبب توطين الأعمال بشكل إجباري، بل إنه يتملكني هاجس بأنني سأطرد من عملي في المستقبل بسبب التوطين، فهل يجوز لي في ظل هذه الظروف التي تقيد الحرية والتي تحسسك بالعنصرية، بل أيضا أنك تقلق على ابنك في المستقبل كيف ستكون حالته، وهو يعامل معاملة الأجنبي الغريب، وهو مولود في هذه الدولة، وأبوه أيضا بل إن أجداده أمضوا فترة ليست بالقصيرة وتزيد عن الثلاثين سنة، فضلا عن آباء أجدادهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله هل يجوز لي في هذه الحالة الهجرة إلى بلاد النصارى؟ والذين نجد عندهم الأمن والعدل والعلاج واللجوء والمصاريف بل والجنسية أيضا، وحيث أستطيع الزواج بسرعة .
أخيراً: كيف أكون راضيا بما أنا فيه؟ حيث أن جميع أصدقائي وأقاربي بل حتى إخوتي الكبار أجدهم في بحبوحة من العيش متزوجين، ورواتبهم أفضل مني -ولا أجد من هو أقل مني منهم حتى أتعزى به-، وكلما زاد لدي الإحباط والشعور بتأخر الزواج وعدم الإمكانية حاليا إلا بعد سنة انكب على العادة السرية، وبمشاهدة الأفلام في بعض الأحيان لأنسى أحزاني وشكوكي.
سامحوني على الإطالة ولكن ثقتي بكم أكبر، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك أيها الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونلخص لك الكلام حول النقاط الكثيرة التي ذكرتها في استشارتك في نقاط كذلك.
أما النقطة الأولى وهي حول حلق اللحية، فإن حلق اللحية حرام، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة بالأمر بإعفائها، ولا ينبغي للمسلم أبدًا أن يتساءل ليُقدم على الذنب هل هو من صغائر الذنوب أم من كبائرها، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إياكم ومحقّرات الذنوب).
ينبغي لك أن تجاهد نفسك بقدر الاستطاعة للعمل بهذا التحذير النبوي الذي صحت فيه الأحاديث، وكن على ثقة بأن الله -عز وجل- سيسهل لك الطاعة إذا علم منك قصد خير، وسيتولى تثبيتك عليه.
أما العذاب إذا أخل الإنسان بهذا الواجب، فإنه من أمر الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فإن الله -عز وجل- يعذب من يشاء عدلاً، ويغفر ويسامح من يشاء فضلاً -سبحانه وتعالى-، ولذلك كان من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإنسان العاصي تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء الله غفر له ما دون الشرك.
وأما ما ذكرت من أن الالتزام بالدين هل سيكون سببًا للتعرض للابتلاء؟ فليس كذلك دائمًا، فإن الله -عز وجل- ببره ولطفه ورحمته يعامل العبد بما هو نافع له، فإذا رأى أن من مصلحة العبد أن يبتليه ليكفّر عنه بعض ذنوبه أو ليرفع درجته عامله بذلك، وهو -سبحانه وتعالى- كذلك لطيف بعباده الآخرين الذين لا يقدرون على تحمل البلاء، فلا ينبغي أن يكون هذا الهاجس وهذا الظن سبب صارف لك عن التدين والتزام ما أمرك الله -عز وجل- به والإكثار من نوافل الأعمال، فينبغي أن تسارع لنفع نفسك وتكثر ما استطعت من الأعمال الصالحة، مع إحسان الظن بالله تعالى أن يعافيك، وقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة إلى ضرورة الاهتمام بسؤال الله تعالى العافية في الصباح والمساء.
لا شك أيها الحبيب أنك كلما ظللت في التدين وأكثرت من نوافل الأعمال من ذكر الله تعالى والصلاة والصدقة وحضور مجالس العلم والذكر، فإنك ستجد أنس الطاعة ولذة المناجاة لله سبحانه وتعالى، وهذا وعد الله -عز وجل- الذي وعد به أولياءه الصالحين بأنه يرزقهم الحياة الطيبة جزاء لطاعاتهم وأعمالهم الخيّرة.
أما في النقطة التي تحدثت فيها عن الأصدقاء، فوصيتنا لك أيها الحبيب أن تختار من الأصدقاء من يعينك على دينك وينفعك في دنياك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، فهؤلاء الصحبة والرفقة الذين يمارسون بعض الأعمال التي لا تليق بالمسلم سواء كانت معاصي أو غير ذلك، لا ينبغي لك أن تحرص على صحبتهم، وابذل وسعك في الحصول على أصدقاء صالحين.
إن الأصدقاء الخيرين من أعظم الأسباب التي تثبت الإنسان على الطاعات، وقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا المعنى في أحاديث كثيرة، لاسيما للإنسان التائب أو الذي لم يزل في أول طريق التدين والالتزام، فإنه بحاجة إلى أصحاب لهم من الدين والعلم وحسن الخلق ما يبعث فيه الجد والهمة ليعمل بأعمالهم.
هذا النوع من الأصحاب ستجدهم بكثرة إذا ما دخلت المساجد -وهو في هذا البلد الذي أنت فيه كثير ولله الحمد- وحضرت مجالس العلم، وتعرفت على الشباب الصالحين، فإنك ستجد فيهم الإخوان الطيبين الذين يكونون زينًا لك في الخير وعدة لك في البلاء.
أما ما ذكرته من هواجس التخوف من المستقبل بالنسبة لك ولأبنائك في هذا البلد الذي أنت فيه، فهذا همٌّ أكثره باطل لا ينبغي لك أن تعتني به وأن تصرف إليه همومك، فإن علم ما يكون في الغد عند الله سبحانه وتعالى، وما يدريك لعل الله -عز وجل- قد ادخر لك خيرًا كثيرًا وتيسيرًا لأمورك وسعة في رزقك، وأنت تهتم بما ليس واقعًا.
فأحسن بالله -سبحانه وتعالى- الظن وتوجه إليه بصدق، وخذ بالأسباب المشروعة للرزق الحسن، وسيأتيك ما كتبه الله -عز وجل- لك.
أما ما ذكرته من اهتمامك بأنك أقل إخوانك دخلاً وأنك لا تجد فيهم من تتعزى بهم، فهذا -وسامحنا على هذا التعبير- قصور نظر منك، فينبغي لك أن ترفع نظرك قليلاً لترى الآخرين وهم بالملايين إن لم يكونوا أكثر من ذلك الذين لا يجدون لقمة العيش في اليوم الذي هم فيه، وإذا قلبت ناظريك يمينًا وشمالاً وفكرت في أحوال الناس المعدمين لرأيت عظيم فضل الله -سبحانه وتعالى- عليك ووفور ما أعطاك.
ينبغي أن تتأمل فيها أولى، وهي الوصية النبوية التي أرشدنا فيها -صلى الله عليه وسلم- إلى النظر إلى مَن دوننا، فإنه أجدر أن لا نزدري نعمة الله -سبحانه وتعالى- علينا.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكتب لك الخير حيث كان، وييسر لك الأمور ويبسط لك في رزقك، ويرزقك الزوجة الصالحة ويثبتك على الدين حتى تلقاه.