لا أشعر بالراحة مع خطيبي
2011-11-02 12:45:36 | إسلام ويب
السؤال:
أنا خطبت منذ فترة شهرين, كان خطيبي مسافراً في الإمارات, وكنا نتكلم على الهاتف للتعارف على نية الخطبة, لكني لم أكن أحبه, ولا أحب التحدث معه وقتها, وقلت عندما يأتي من الممكن أن يكون مختلفا, وعندما أتى هو وأهله أحسست من النظرة الأولى أنه خذلني, وأنه ليس هو فتى أحلامي, وحزنت كثيرا؛ لأن شكله غير جميل أبدا بالنسبة لي, ووافقت على الخطبة منه؛ لأن وضع أهلي المادي ليس بجيد, ولا أريدهم أن يتحملوا مصاريفي أكثر, خصوصا أن لي 3 أخوات بالجامعة, وأيضا لي أخت غير متزوجة, وأرى أهلي كيف يشفقون عليها, ويتهامسون, ويدعون لها بالزوج الصالح, لم أحب أن أخوض تجربة الفتاة العانس بالنسبة لأهلي, ونظرات الناس لي, ولا أريد أن أعيش في بيت أهلي مرة أخرى, ويعاملونني على أني مسكينة, لكن المشكلة الآن بعد ما وافقت لا أجد فيه أي شيء يجذبني, لا شكلا, ولا مضمونا, أحسه إنسانا كئيبا, لا يعرف الضحك, أحاول أن أحبه لكن لا أعرف كيف!؟
لدرجة أني أحاول أن أرد عليه بالرسائل بكلمات لا أعنيها, وأحاول أن أبتسم وقتها, وأجرب أحيانا قبل النوم أن أردد أني أحبه, لكن عبثا, أتضايق منه عندما أسمعه يغازلني, وأتهرب منه إذا كان يريد أن يتكلم معي, حتى إنه متضايق مني, لماذا لا أتحدث معه؟ لماذا لا أقول له كلاما حلوا؟
أعامله كأنه غريب, لا أدري كيف أدخله إلى حياتي, لا أستطيع أن أبوح له بأسراري, أو حتى بأي أشياء عادية,لدرجة أني لم أقل لأي شخص بجامعتي أني خطبت, أحس أني لا أستطيع أن أكمل معه, لا أدري كيف أحبه, هل أكمل معه أم أتركه؟ لا أعرف ماذا أفعل؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ola taha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمنَّ عليك بكل خير، وأن يقدر لك الخير حيث ما كان, وأن يرزقك الرضا به, كما نسأله تبارك وتعالى أن ييسر لك زوجًا صالحًا يكون عونًا لك على طاعته ورضاه, وتأنسين به, وتدوم بينكما المودة والوئام, والمحبة والانسجام.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فأقول لك:
إن الحياة الزوجية -أختي الكريمة الفاضلة- ليست كأي شركة من الشركات مثلاً, من الممكن أن تكون مقاعد دراسة تنتهي بعد نهاية العام الدراسي, وكل يذهب إلى طريقه، أو مثلاً نجلس بجوار بعض في المواصلات ولكن في نهاية المطاف نفترق, ولا شراكة تجارية التي من الممكن أن تتوقف، أما الحياة الزوجية فنظرًا لأنها قد تستمر لعشرات السنين أحيانًا بعضها يصل إلى خمسين أو ستين سنة، فهل يعقل أن يظل الإنسان طيلة هذه الفترة في نوع من عدم الانسجام مع الطرف الآخر؟! أعتقد أنها حياة تُشبه حياة المساجين الذين أخذوا حكمًا مؤبدًا، وابتعدوا عن العالم, والواقع تمامًا.
ولذلك أقول -أختي الكريمة-: كان الأولى بك -جزاك الله خيرًا- أن تسلكي المسلك الصحيح، وهو مسلك الصراحة مع والديك، وهذا ما أطلبه منك الآن، لأنني لو قلتُ لك اصبري وحاولي فإن الأمر ليس في صالحك, بسبب أنك إن تزوجت, وأصبحت زوجة الآن، من الذي سيقبل بامرأة ثيّب؟! وإذا كانت أخواتك الأبكار لم يتقدم لهنَّ أحد إلى الآن، فهل يُعقل أن يترك الناس أخواتك الأبكار وأن يأتوا إليك أنت, وأنت امرأة ثيب؟! أمر مستعبد, وإن لم يكن مستحيلاً.
ولذلك أقول -بارك الله فيك-: الأولى بك -ما دام الأمر كذلك حسب ما وصفت في رسالتك- أن تجلسي مع أقرب والديك إليك، سواء كان الوالد أو الوالدة أو معهما معًا، وأن تقولي (أنا أخذت هذا القرار نتيجة هذه الظروف) وتحكي لهم الظروف التي دفعتك لقبول هذا الأخ، ثم تبيني لهم مدى النفرة الموجودة في قلبك، وتقولي لهم (أنا أريدكم أن تساعدوني في حل المشكلة)؛ لأني أتمنى أن يكون لهم دور في حل المشكلة؛ لأنهم في جميع الأحوال سوف يتحملون الآثار المترتبة على ما تقررين، إما قرار الاستمرار والمواصلة، وإما قرار الانفصال، فكلا الأمرين لا بد أن يتحملا فيه قسطًا من المسؤولية، وأنا أرى أنك فعلاً أخطأتِ، فكان الأولى بك إذا رأيت هذا الأمر, وشعرت بهذا الشعور الواضح البين أن تطلبي تأجيل مسألة مراسم الخطبة إلى فترة، ثم تتكلمي مع والديك بكل صراحة، وأن تقولي لهم: أنا أتمنى أن أتزوج, ولا يمكن لأحد أن يرفض أبدًا الزواج, وأنا أعلم الظروف التي نحن فيها، ولكن أنا غير متقبلة لهذا الأخ, لا شكلاً, ولا موضوعًا، فهل تريدونني أن أعيش تعيسة في حياتي كلها؟! أنا أتمنى أن أخرج من البيت اليوم قبل الغد, حتى أتيح فرصة لأخواتي، وأنا مدركة ومقدرة الظرف الذي نحن فيه، ولكن هل تجبرونني أن أنتحر انتحارًا نفسيًا, وانتحارًا شرعيًا؟ بمعنى أن أظل مع رجل لا أحبه, وقد أقصر في حقه)، والدليل على ذلك أنك لا تبوحين له بأسرار عادية جدًّا في حياتك، وأحيانًا تردين عليه ردودًا غير مقنعة بالنسبة لك، ولكنها ردود، بل إنه شعر بنفسه أنك لا تعاملينه معاملة حسنة، وأنتما ما زلتما بعيدين عن بعضكما، فما بالك لو كنتما تحت سقف واحد؟ فقد تبدو منك عبارات أو تصرفات، وقد تمنعين نفسك منه، وقد يعتدي عليك بدنيًا بنوع من الإهانة، أو الضرب, أو غير ذلك؛ لأن الحياة غير منسجمة.
فأرى -بارك الله فيك- أن ترجعي إلى والديك حتى يساعداك على أخذ القرار المناسب، واشرحي لهم كل شيء بصدق وصراحة ووضوح -ابنتي عُلا- لأنك حاولت مساعدة الغير على حساب نفسك، وها أنت الآن تشعرين بعدم الانسجام، وأنا أقول: لعله رحم بك قبل أن يدخل بك هذا الأخ، فنحن ما زلنا على البر كما يقولون، فهناك فرصة للتراجع، وما عند الله لن يضيع أبدًا، ويقينًا بأن الله قدر لك رزقا في علمه سبحانه وتعالى, وهو موجود في خزائنه، وسوف ينزل في الوقت الذي أراده الله تعالى.
هذا الكلام كله متوقف على أن يكون هذا الأخ غير مقبول فعلاً ، يعني أنك قد تخطئين أو تحلمين برجل كالمذيعيين وأبطال الأفلام مثلاً، نقول لك هذا الكلام غير واقعي، فإذا كان الرجل شكله مقبولاً بين الناس فنقبله، أما إذا كان فعلاً شكله غير مقبول وتشعرين فعلاً تجاهه بعدم التقدير, أو الاحترام, أو الميل, والكراهية والنفور، فأنا أقول: من حق نفسك عليك أن لا تجبريها على أكل طعام لا تحبه، أو على العيش مع رجل تبغضه, أو لا تريده.
ولكن أقول: الأمر قد مضى وانتهى، ولكن حتى نأخذ قرارًا صائبًا ومناسبًا، لا بد من مشاركة الوالدين في هذا القرار، فتكلمي معهما بكل صراحة ووضوح، حتى لا تظلمي نفسك في أي القرارين، فإنه إن قدر الله وطلب منك الاستمرار سيكونان شركاء لك في المسئولية، فإذا حدث هناك شيء فقطعًا سيتوليان الدفاع عنك, ويكون لهم موقف، وإذا قرروا معك الاعتذار للرجل فسيكون أيضًا القرار قرارا جماعيا، لا يقولون بأنك أنت التي فعلت, وأنت التي تركت، وإنما تقولين أنت أنا عرضت الأمر عليكم, وشرحته لكم بكل صراحة ووضوح، وأنتم أخذتم القرار معي، فأنا لم آخذ القرار وحدي.
ولكن أركز على ضرورة بيان الأسباب التي جعلتك تقبلين هذا الأخ, وأنها ليست من داخلك، وليست من قناعاتك الشخصية والخاصة, وإنما نوع من المجاملة, ومراعاة لظرف الواقع، ولكنك شعرت بعدم قدرتك على الاستمرار في هذا الأمر.
هذا وبالله التوفيق.