تحيري في اختيار التخصص سبب لي اكتئابا وقلقا
2011-12-15 08:26:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة طموحة, أحلم بأن أدرس وأتخرج وأحصل على وظيفة مرموقة تخدمني وتخدم مستقبلي وحياتي, أتمنى أن أصبح شخصا فعالا، بل شديد الفاعلية في المجتمع, في سنوات الثانوية كنت طالبة متفوقة, كنت أحصل على أعلى الدرجات, كنت نادراً ما أحصل على درجة غير كاملة، نسبتي كانت تصل إلى 100% - ولله الحمد والمنة - .
تخرجت من الثانوية و احترت في اختيار تخصصي, لم يكن لدي اتجاه واضح ومحدد, أخيرا قررت أن أدخل سنة تحضيرية للكليات الطبية، وسيكون لدي وقت للتفكير واختيار تخصصي بعد انتهاء السنة التحضيرية، درجاتي خلال السنة التحضيرية قلت بكثير عما كنت علية خلال المرحلة الثانوية, لم أعد أحصل على درجات عالية, في البداية قلت إنها البداية وكل شيء يكون صعباً في بدايته, حاولت كثيراً رفع قدراتي و مجهودي؛ تحسّنت قليلاً لكن ليس بالكثير, خلال فترة السنة التحضيرية أصبح لدي توجه لدخول كلية الصيدلة.
انتهيت -بحمد الله- السنة التحضيرية بمعدل (4,3) لم يكن هذا ما أطمح له, لكنه كان مرضيا لحد ما, تم قبولي في كلية الصيدلة - ولله الحمد - وأنا الآن في السنة الأولى، في بداية الدراسة في الكلية كنت متحمسة ومتفائلة بعض الشيء, لكن ضغوطا دراسية كثيرة واجهتني، صعب علي مواجهتها, واجهت صعوبات في فهم المواد وفي المذاكرة، وأصبح كل وقتي وكل أيامي مخصصة للمذاكرة, قل خروجي من المنزل, وقلت زياراتي وجلوسي مع أهلي، وانعدمت تقريباً مشاهدة التلفاز, أو ممارسة أي شيء ممتع أحبه, كل ذلك أثر على نفسيتي وحيويتي وسعادتي.
أخشى أن تضيع أحلى أيام عمري وشبابي في الدراسة, والمؤلم أني رغم كل ذلك لا أحصل على درجات عالية ولا حتى متوسطة - درجاتي متدنية في غالبية المواد- أرى مستوى زميلاتي أفضل مني فيؤلمني ذلك, وأنا أرى نفسي الأقل بين الجميع, أخاف حاليا من الرسوب، أصبح الرسوب كابوسي, في بعض الأوقات يجتاحني اكتئاب شديد فأفكر بتغيير تخصصي أو ترك الدراسة كلياً، لكن طموحي عال ولا أريد أن أتوقف أبداً.
ساعدوني .. شدوا من عزيمتي وأعطوني حلولاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نرجس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
فإن التذبذب في المستوى الأكاديمي قد يحدث دون أي أسباب، وفي أحيان أخرى تكون هنالك أسباب موضوعية، مثل الظروف الحياتية السلبية، أو الإصابة بعلة نفسية كالاكتئاب النفسي مثلاً، لكن في كثير من الحالات لا نجد أي سبب، وهذا نعتبره نوعًا من التقلب الطبيعي في مستوى الأداء والمقدرات، وكم شاهدنا أناسا كانت مستوياتهم بسيطة أو متواضعة جدًّا في مرحلة معينة، ثم بعد ذلك نجدهم انطلقوا انطلاقات فعالة وقوية جدًّا في المرحلة التي تليها.
لي زميل كان مؤهله ضعيفا نسبيًا، وقد استطاع الدخول للجامعة بعد جهد شديد، وبعد ذلك – أي بعد انضمامه للجامعة – انطلق انطلاقة قوية جدًّا، وكان من أفضل الطلاب وتخرج منها.
وفي المقابل أيضًا نجد أناسًا كانوا متميزين في المراحل السابقة كالثانوية، وبعد ذلك حدثت لهم صعوبات في الدراسة الجامعية، وهذا قد ينطبق عليك، والذي أنصحك به هو أن تدرسي إن كانت هنالك أسباب لهذا الأمر، والأسباب يمكن أن تكون خاصة على المستوى الاجتماعي أو الأسري، فاسعي للوصول إلى التشخيص بنفسك، قولي لنفسك: (لماذا أنا هكذا؟ ما الذي يجعلني أتدهور؟ أنا كنت متميزة، وإن كان السبب هو كذا وكذا فهذا سبب لا يستحق) وهكذا، عليك أن تبحثي عن الأسباب وأن تحاولي في نفس الوقت أن تعالجيها وأن تحيّديها على الأقل.
ثانيًا: أريد أن أذكرك بحقيقة مهمة، وهي أن الأسس القوية لمقدراتك الأكاديمية واضحة جدًّا وهي جوهر الأمر، فما دام الأساس قويا وفعالا - فإن شاء الله تعالى - حتى وإن حدثت بعض الإخفاقات في مرحلة ما فهذا يمكن تخطيه، لأن الأساس في الأصل ثابت، وعليه أنا متفائل جدًّا أن الذي مر بك هو أمر عابر، وعليك الآن أن تنطلقي انطلاقة جديدة، لا تعيشي تحت القلق التوقعي (أنا سوف أفشل، أنا سوف يحدث لي كذا وكذا) لا، تذكري أن مقدراتك في الأصل جيدة، بل ممتازة، وهذه الفترة هي فترة مؤقتة وليس أكثر من ذلك.
أنصحك أيضًا بأن تضعي آمالاً معينة حيال الدراسة ونتائجها، فالصيدلة علم محترم جدًّا، وهنالك الآن ما يعرف بالصيدلة السريرية، وهي من أفضل أنواع الممارسات الطبية، يمكنك أن تدرسي هذا التخصص، وهذا يمكن أن يكون هدفًا بالنسبة لك مثلاً، وحين توجد الأهداف ويتم التركيز عليها سوف تتوجه كل الطاقات نحوها.
الإنسان هو مشاعر وفكر ثم سلوك، فاجعلي مشاعرك إيجابية، واجعلي فكرك مستقبليا، وعيشي على الأمل والرجاء، ومن ثم سوف يتعدل السلوك، بعد ذلك عليك بإدارة الوقت بصورة صحيحة، فخصصي أوقاتا للدراسة، وهذه الأوقات يجب أن تتحيني الوقت الذي يكون فيه استيعاب الإنسان جيدًا، وفترة الصباح هي أحسن الفترات، بعد صلاة الفجر، يعرف أن استيعاب الإنسان يكون جيدًا، وبعد القيلولة أيضًا حين تعودي من الكلية وترتاحي قليلاً، سوف تشعرين بنشاطك قد تجدد، ومن ثم تبدئين في الدراسة.
الدراسة الجماعية مهمة جدًّا، فتخيّري عددًا من صديقاتك وزميلاتك في الدراسة، ويمكن أن تكون هنالك لقاءات دراسية جماعية مرتين أو ثلاثة في الأسبوع، فهذه مفيدة جدًّا.
لا تنسي جوانب الحياة الأخرى من الترويح عن النفس حسب المتاح وبما هو معقول، وممارسة أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، القراءات غير الأكاديمية مهمة جدًّا، قراءة القرآن أيضًا تشرح الصدر وتُفتح الذهن وتطمئن النفس، وفي نفس الوقت تجدد الطاقات وتحسن التركيز، هذه كلها سبل بسيطة لكنها مهمة لزيادة الفعالية والتحصيل الأكاديمي.
لا تنظري أبدًا إلى ما حدث لك من عثرات، فأنت صغيرة في السن، ولك مقدرات قوية جدًّا، وهذا التخصص تخصص جيد ومحترم، وهذا هو الذي تحتاجين إليه، أي التفكير الإيجابي، ولا أعتقد أنك محتاجة لأي نوع من العلاج الدوائي على الأقل في هذه المرحلة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.