أثناء حديثي مع الأشخاص أحس بهاتف في نفسي أني أسبهم.. فما العلاج؟
2012-02-01 09:53:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعاني من حالة لا أعرف ما هي! وهي أنني عندما أكلم أصدقائي في الهاتف أو أكلمهم وجهًا لوجه تأتيني هواتف في نفسي أثناء تكليمي لهم أن هذا الشخص ابن كذا, وكذا وكذا, وأسبه وألعنه, وهكذا, وعندما أقدم واجب العزاء لأحد, وأنا أتكلم معه تأتيني هواتف في نفسي أنني أقول له: إن شاء الله تموت أنت, وهكذا, ثم أسأل نفسي بعد أن أنتهي من حديثي: هل سمع هذا الكلام أم لا؟ وأبكي بكاءً شديدًا, وفي اللقاء التالي معه أحاول أن أقارن بين معاملته لي ومعاملته لي في المرات السابقة فإن أحسست بشيء من التغير أقول: إنه سمع, وأعاود البكاء إلى أن فقدت الثقة بنفسي, وحياتي أصبحت جحيمًا.
سؤالي: هو هل هذا هو الوسواس القهري؟ وإن كان هو فما علاجه؟
وهل هذا الكلام من السب واللعن يسمعه من أكلمه أم لا؟
وما هذا المرض الذي أعاني منه؟
وهل يمكن الشفاء منه -بإذن الله-؟
أفيدوني سريعًا -أفادكم الله-, أرجوكم ساعدوني؛ فحياتي كلها جحيم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنعم, أؤكد لك وبكل قوة أن هذا نوع من الوسواس القهري، ولا شك أنه وسواس قبيح، ولكني في ذات الوقت أؤكد لك أنك لن تُقدم مطلقًا على النطق, أو التفوه بهذه الكلمات السخيفة التي تراودك, وتهاتفك داخليًا.
من نعمة الله ورحمته أن الوساوس القبيحة والسيئة والرديئة لا يقوم صاحبها بفعلها أبدًا، بل يعتبرها الكثير من علماء النفس هي نوع من المحبس الآمن للنفس من أن ترتكب أو تقع في أخطاء, فهذه وسواس متسلطة عليك، وهي مرتبطة بتفاعل واستشعار معين، وهو حين تلتقي بإنسان تحت ظروف معينة, ولحدث معين، فأؤكد لك أنه وسواس قهري متسلط، والعلاج هو:
أولًا: أن تفهم أنه وسواس قهري، وأنك لن تقوم به أبدًا، أي أنك لن تنفذه، وأن حديث النفس غير مسموع للطرف الآخر، وهذا يجب أن يكون مطمئنًا لك.
ثانيًا: لا بد أن لا تستسلم لهذه الوساوس، فحين تُقدم - على سبيل المثال – للقاء أحد من أجل السلام عليه, أو مجاملته, أو تقديم واجب العزاء وهكذا، فيجب أن تقول لنفسك مبكرًا: إن الوسواس سوف يأتيك، ولكنك في هذه المرة سوف تحقِّره, ولن تستجيب له أبدًا، بمعنى أنك لن تترك للفكرة مجالاً لأن تعبر في نفسك, أو تجول في خاطرك، وتستبدلها بفكرة مضادة في نفس اللحظة, فهذا أسلوب من أساليب العلاج الناجحة جدًّا.
وأريدك أيضًا أن تقوم بتمارين خارج الفعل، أي أن تكون هذه التمارين ليست حقيقية، ولكنك تجسِّد وتجسِّم وتمثِّل الواقع الذي تحدث فيه الوساوس, فمثلًا: وأنت جالس في مكان هادئ تأمل أنك قابلت شخصًا تعرفه تمامًا, وذهبت إليه من أجل تقديم واجب عزاء, أو شيء من هذا القبيل، وفكِّر في نفس الأفكار التي تأتيك، وقم في نفس الوقت بصدها, وطردها, واستبدالها بفكر مخالف، وهكذا.
إذن هذا هو التدريب الفعلي, ومتى ما ركز الإنسان في تطبيقه, وحاول أن ينقله إلى مستوى الواقع والحقيقة, وجد أنه مؤثر ومفيد جدًّا.
التمرين الآخر هو: أن تربط ما بين الفعل والفكر الوسواسي, واستشعار, أو إحساس, أو مزاج وجداني مخالف تمامًا, ومنفِّر للفكرة الوسواسية, فمثلاً: فكِّر في هذا الوسواس، وقم في نفس الوقت بالضرب بقوة وشدة على يدك حتى تحس بالألم, فقد وجد علماء السلوك أن الربط ما بين الألم وإيقاعه على النفس والوسواس، مع التكرار سوف يُضعف تمامًا الفعل الوسواسي، وهكذا.
هذه تمارين بسيطة لكنها ذات جدوى, وذات منفعة ثابتة، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.
أنت في مرحلة عمرية يكثر فيها مثل هذا النوع من الوساوس، وغالبًا تكون عابرة, وسوف تنصرف -إن شاء الله تعالى- لكن بالطبع علاجها, وتحقيرها, ورفضها, ومقاومتها مطلوب؛ لأنه سوف يعجل -إن شاء الله تعالى- بالشفاء, والتعافي, ويمنع الانتكاسة أيضًا.
من المهم جدًّا صرف الانتباه، ونعني به أن يحسن الإنسان إدارة وقته، ويقوم بأفعال مفيدة، لا يترك فيها للفراغ مجالاً حتى لا تستحوذ عليه الأفكار الوسواسية.
دراسات كثيرة جدًّا أشارت أن تمارين الاسترخاء ذات جدوى كبير جدًّا في إضعاف (ضعف) الوسواس؛ لأن الوساوس أصلاً مرتبطة بالقلق، وتمارين الاسترخاء مضادة تمامًا للقلق، فأرجو أن تسعى لتطبيقها، وتتدرب عليها، وذلك من خلال تصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين.
العلاج الدوائي أيضًا مطلوب في حالتك، فهو مكمّل لهذه الوصفة العلاجية الإرشادية، وهنالك أدوية كثيرة: ويعتبر عقار فلوزاك – هكذا يسمى تجاريًا في مصر – واسمه في كثير من دول العالم تجاريًا هو بروزاك، واسمه العلمي هو فلوكستين، وهو دواء متميز جدًّا في طرد الوساوس, وتحسين المزاج, وإزالة القلق، لكن من الضروري جدًّا الالتزام بالجرعة الصحيحة, وللمدة المطلوبة، وهو غير إدماني, وغير تعودي، وهو سليم، وهذا بالطبع مشجع جدًّا على الالتزام به.
الجرعة هي: أن تبدأ بكبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا، تستمر عليها لمدة شهر، ويفضل تناول الدواء بعد الأكل، بعد انقضاء الشهر اجعل الجرعة كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وإن تمكنت من مقابلة طبيب نفسي فهذا أيضًا سيكون أمرًا جيدًا ومفيدًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.