الوساوس والخوف من الموت؛ كيف الخلاص منهما؟
2012-03-01 11:31:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع الذي يقدم المساعدة للآخرين، جزاكم الله خير.
أنا فتاة وحيدة محافظة على صلاتي ـ والحمد الله ـ أعرف أن كل ما فرضه الله علينا حق، ولا سيما الموت فهو حق، وأنا مؤمنة بذلك، أريد طرح قصتي أو مشكلتي التي أعاني منها منذ 6 أشهر أو 7 تقريبا، والتي أصابتني بالحزن والهم والقلق وجميع الأمراض النفسية، ولو استمرت معي تكاد أن تأخذ عقلي أيضا وتهلكني.
وهي أنني في بداية الأمر أصبت بوسواس، وبالخوف من الموت، والذي جعلني أعيش بكابوس مؤلم، حقا إنه مؤلم لم أستطع الراحة أبدأ كل شيء أخافه حتى من نفسي، حاولت مرارا وتكرارا الخروج منه، والعيش براحة والقناعة بأنه مجرد وسواس شيطاني، لكن للأسف لم أستطع؛ لأنه تمكن مني حقا، وأصبحت أحسه إحساسا، وليس كما قلت أنه وسواس.
ذهبت لدكتور نفسي وقلت له المشكلة النفسية، لعله يجد الحل لي بعد الله سبحانه، أخذت عدة جلسات سلوكية، وأخذت علاجا، لكن نسيت ما هو اسمه، ولم أستمر عليه، وللأسف أيضا لم يتغير أي شيء، بل زادت حالتي عن قبل بكثير، فتعبت وأتعبت الأهل معي.
قالو بأنني مصابة بعين أو حسد أو سحر لأن حالتي بالكاد تكون غريبة، استمريت على القراءة عند المشايخ ولكن لم أحس بأي تحسن، وكل واحد منهم يقول لي شيئا وأعرف أن مشكلتي ليست كما يقولون، احترت وأحسست بالجنون وتطورت حالتي، ولا أعرف من أنا أيضا أريد مجرد الإحساس بأنني لازلت على قيد الحياة، لأني أصبحت أشعر كأني جسد بلا روح.
فكرت بالموت، والموت لم يغادر تفكيري بتاتا، حاولت وحاولت، وكل محاوله باءت بالفشل، كآن شيئا بداخلي، يقول بأنني سوف أموت قريبا، فعلت أو لم تفعلي سوف تموتين.
عدت مرات أودع أهلي بيني وبين نفسي وأنا أبكي! أخاف من المستقبل كثيرا، ولا أحب ذكر موعد قادم أمامي؛ لأني أربطه بموتي، وهل أنا سوف أعيش لذلك اليوم أو لا؟ أسئلة كثيرة تخطر ببالي، وأجد الجواب بنفسي ويزيدني خوفاً، وألماً وأعلم أن ذلك الاسترسال خطأ لكن ماذا أفعل؟
بعد 5 أشهر من العناء والشقاء ـ الحمد الله ـ أحسست بتحسن ملحوظ، بدأت أخرج من البيت، وأختلط بالآخرين، وخفت حالة الهلع لدي كثيراً، أصبحت أطلق البسمات، بدأت أقتنع أنه مجرد وسواس، لأنني لم أمت وأحمد الله كثيرا على نعمه، مع العلم أن فكرة الموت ما زالت معي!
أريد العيش بكل أريحية، وأن تكون تلك الفكرة طبيعية، لكن لم أستطع وأخشى أن تزداد، وأرجع لحالتي بعد أن تحسنت، الآن أشعر كأني سوف أرجع لتلك الحالة الصعبة التي أسميها "الموت في الحياة".
لكن هناك شيئان م ازالا موجودان بي، ولا أعرف ما هما وبحثت كثيرًا ولا أجد الإجابة. ؛فلذلك أرجوكم طمئنوني، وإخباري ما هو هذا الشيء؟
أولا : عندما أرى شيئا أو موقفًا معينًا أقول بيني وبين نفسي إنني شاهدت هذا الشيء من قبل، ولا أعرف أين، لكنني لا أستطيع معرفة ماذا سوف يحصل، وأحيانا أتخيل ماذا سيحدث؟
بحثت بالمواقع، ووجدت أنها ظاهرة تسمى (الديجافو) لكني لست مقتنعة تماما! أريد الخلاص منها؛ لأنها تجعلني أعيش وحيدة، وأخافها وأنزعج كثيرا منها، أريد العيش بطبيعة تامة، فما هو علاجها؟ وأريد تفسيرها أكثر لو سمحتم.
الأمر الآخر: هو أنني منذ إصابتي بالمرض، في الشهر الثاني أصبحت أرى بعيني أشياء غريبة مثل خطوط ودوائر، وهكذا بمجرد تحريك عيني تتحرك هذه الأشياء، ومازالت معي الآن 24 ساعة أراها، وخاصة بالنور لأنها أشياء سوداء، ولا أراها بالليل، ولا أراها إلا أنا فقط، وليست بوهم، وأنا متأكدة من ذلك 100٪ لا أعرف ما هي؟!
أتمنى بأني قد شرحت لكم حالتي، وفهمتموني لا أعلم هل هو من رأسي؟ لأني دائمًا أحس بصداع، وفي بداية الأمر أصبت بإغماء؛ مما جعل الرؤية في وقت الإغماء تكاد تكون معدومة، بل سوداء، ولا أسمع، وكأن برأسي كهرباء، تستمر ساعة تقريبا، وتذهب، ومن بعدها أشعر بألم غريب برأسي من الجهة اليمنى من فوق، عندما ألمسها تؤلمني كأن هناك جرحا داخل رأسي، وألم مع أذني، ويتشوش لدي السمع أحيانًا، وكذلك الألم كأنه سيصب ماءً من ذلك الجرح، بدأت أرى تلك الأشياء الغريبة، لا أعرف من أين المشكلة، هل من رأسي؟ أم من النظر؟
ملاحظة: لم أفعل أي أشعة للرأس مع أن كثيرًا من الدكاترة نصحوني بفعلها، لكن هناك رفضًا تامًا من أمي، هل سيسبب لي ذلك خطورة كما يقال؟ وأنا أريدها اليوم قبل غدًا.
ظاهرة (الديجافو ورؤية الأشياء الغريبة مازالت معي إلى الآن، إضافة إلى ذلك قشعريرة دائمة في جسمي بجميع الأوقات، وكأن هناك أحدا حولي، لا أعرف ما سببها؟ ولماذا هي معي؟
الوسواس ما زال موجودا ولكنه خفيف، يعني أستطيع الخلاص منه، ولكني أخشى أن يزداد، أما هذه الأشياء الغريبة العجيبة، فأريد تفسيرها بالتفصيل، وجزاكم الله خيرا.
وأتمنى أني قد شرحت حالتي لكم، وإذا كانت هناك أسئلة أنا جاهزة لها.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الغريبه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمن الواضح أنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، وقد تمركز حول الخوف من الموت، وأنت بفضل من الله تعالى اتخذت بعض الخطوات العلاجية السلوكية التي قللت من وطأة هذا العرض.
لا بد أن تستمري في التطبيقات السلوكية لمقاومة هذا الفكر، أي الفكر الذي يقول لك أنك سوف تموتين قريبًا إن فعلت أو لم تفعلي سوف تموتين، خاطبي هذه الفكرة مخاطبة مباشرة بأن تقولي لها (أيتها الفكرة أنت فكرة وسواسية حقيرة، أنا أعرف أن الموت حق، وأعرف أن الأعمار بيد الله، وخوفي منك أيها الموت لن يقدم، ولن يزيد في عمري ثانية واحدة) ابني هذا الفكر، كرريها مع نفسك، أسمعي نفسك صوت ذاتك، وصوت عقلك، وسيري في هذا الطريق، لا تناقشي الفكرة أكثر من ذلك أبدًا.
بجانب ذلك أرى أنك في حاجة للعلاج الدوائي، علاج مثل (السبرالكس) والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام) سيكون مفيدًا جدًّا لك، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة بسيطة بأن تتناولي الدواء بجرعة خمسة مليجراما – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما – تستمري على هذه الجرعة الصغيرة لمدة أسبوعين، بعد ذلك تتناولي جرعة عشرة مليجراما (حبة كاملة) وتستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخففي الجرعة إلى خمسة مليجراما يوميًا لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت أيضًا مطالبة بما نسميه بتمارين صرف الانتباه، وهي مهمة جدًّا: حين تأتيك فكرة سلبية أو أي نوع من القلق أو الشعور بعدم الارتياح اصرفي نفسك لأي فكرة مضادة، وقومي بنشاط عملي فعلي يصرف عنك هذا النوع من التفكير السلبي.
أمر آخر ضروري ومهم جدًّا وهو: تطبيق تمارين الاسترخاء، أرجو أن تركزي كثيرًا على هذه التمارين فهي ذات فائدة كبيرة جدًّا، هنالك مواقع جيدة جدًّا على شبكة الإنترنت توضح كيفية القيام بهذه التمارين، كما أن الإخوة في إسلام ويب سوف يحيلونك إلى استشارات حول تطبيق هذه التمارين.
من المهم جدًّا أن تحسني إدارة وقتك، هذا أمر مهم جدًّا، وهو من أفضل أنواع صرف الانتباه.
بالنسبة لظاهرة الـ (ديجافو) التي ذكرتها: نعم الشعور بالإلفة أو بالتغرب هي ظاهرة نفسية معروفة، والشعور بالإلفة يسمى بالـ (ديجافو) وهي ظاهرة مرتبطة بالقلق النفسي في معظم الأحيان، أرجو أن يكون هذا التفسير مقبولاً لك، وفي بعض الأحيان أيضًا نشاهدها لدى الأشخاص الذين يعانون من نشاط كهربائي زائد في الدماغ خاصة في منطقة الفص الصدغي.
لا أعتقد أن ذلك ينطبق عليك، أعتقد أن المخاوف القلقية الوسواسية هي التي جعلتك تعيشين هذه الظاهرة، ولا شك أن عقار (سبرالكس) مع تطبيق تمارين الاسترخاء وصرف الانتباه سوف تكون آليات كافية جدًّا للتخلص من (الديجافو).
بالنسبة للظاهرة الثانية: أنا أيضًا أميل إلى أنها جزء من القلق وجزء من التأثيرات الإيحائية عليك.
الظواهر الغريبة يتحدث عنها الناس كثيرًا في مجتمعاتنا، وأنا بالطبع لا أهون أبدًا من شكواك، لكن أعتقد أن هذا التفسير مقبولاً جدًّا، لكن لمزيد من التأكد أرجو أن تذهبي وتقابلي طبيب الأعصاب، وليس طبيب الأمراض النفسية، اشرحي له هذا الأمر له، وأعتقد أنه سوف يطلب منك إجراء صورة مقطعية أو صورة عن طريق الرنين المغناطيسي للدماغ، وذلك من أجل التأكد من أن كل أجزاء الدماغ سليمة.
هنالك حالات نادرة جدًّا يحدث فيها نوع من الضعف أو الاضطراب في طبقة (الميلانين Melanin) التي تغطي خلايا الدماغ، وهذا قد تؤدي إلى هذه الظواهر، هذه حالات نادرة، لكن فقط أريدك أن تتأكدي ولا توسوسي حول الأمر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.