الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فكما أفادك الأخ الدكتور (مأمون مبيض) في استشارتك السابقة فإن الذي حدث لك هو نوبة هلع أو هرع أو ذعر، وهذه النوبة في الأصل تعتبر من أمراض القلق النفسي المفاجئ، وبصفة عامة: فالهلع والهرع بما أنه نوع من القلق النفسي فقد يأتي في شكل نوبات تكون النوبة الأولى هي الأشد قوة، بعد ذلك تكون النوبات الأخرى أقل في حدتها، ويكون الإنسان متقبلاً لها بعض الشيء، لأن التجربة الأولى هي الصادمة، بعد ذلك بطبيعة الحال يتعود الإنسان ويتوائم مع الأمور.
والنوبات التالية تكون أخف بكثير، خاصة إذا تفهم الإنسان طبيعة حالته، وقام بمقابلة الطبيب وشرح له ما به.
نوبات الهلع كثيرا ما تنتهي من النوبة الأولى، وبعضها قد يؤدي إلى نوع من المخاوف البسيطة في المستقبل، وكذلك الوسواس.
الذي أؤكده لك أن الحالة غير خطيرة، وعليك أن تطبقي ما وصفه لك الأخ الدكتور مأمون من إرشادات، ومن المهم جدًّا أن تصرفي انتباهك عن هذا القلق وهذا الهلع وهذه الوساوس، وذلك من خلال الانصراف في أنشطة مختلفة، وأنت لك الكثير والكثير جدًّا الذي يمكن أن تقومي به، وأنا سعيد جدًّا أن أسمع أنك قد قمت بالتسجيل في دار تحفيظ القرآن، هذا أمر جيد جدًّا، ولا شك أنه سوف يضيف الكثير مما هو إيجابي لصحتك النفسية، ستأتيك الطمأنينة إن شاء الله، ومن خلال التعرف على الصالحات من الفتيات تزداد مهاراتك الاجتماعية، وستجدين إن شاء الله تعالى المساندة من جانبهنَّ.
سؤالك في هذه الاستشارة هو حول ما حدث لك من شعور غريب وسخيف كما نقول، لأنه مُرعب للإنسان، ووصفك جميل جدًّا للحالة وهو الشعور الغريب بعدم استيعاب الدنيا والشعور بالأشياء، أو تشعرين بها كأنها غريبة، هذه الظاهرة هي ظاهرة من صميم أمراض القلق، تحدث لحوالي ستين إلى سبعين بالمائة من الذين يعانون من القلق النفسي خاصة نوبات الهلع أو الوساوس، وتسمى باضطراب الآنية أو الشعور بالتغرب عن الذات، أو تبدد الذات – هكذا تُسمى – والحالة لا تعتبر خطيرة أبدًا وإن كانت مزعجة، وإن شاء الله تعالى بالاستمرار في العلاج والانتظام عليه سوف تنتهي هذه الظاهرة تمامًا، وبجانب العلاج الدوائي لابد أن تركزي أيضًا على تمارين الاسترخاء وتتدربي عليها، ويمكنك أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين.
علاج (استالوجين) الذي تتناولينه الآن ربما يحتاج لرفع الجرعة، خمسة مليجرام ليست كافية مع احترامي الشديد لتقديرات الطبيبة التي نصحتك بذلك، إلا أن هذه الجرعة صغيرة، ولا أعتقد أبدًا أنها ستكون ذات فائدة كبيرة للقضاء على هذه الأعراض، فإذن رفع الجرعة أفضل، ومقابلة الطبيبة النفسية أفضل من ذلك، وأرجو أن لا تحسي بأي نوع من الحرج أو الوصمة الاجتماعية فيما يخص الذهاب إلى الطبيبة النفسية، فهنالك إجراءات علاجية كثيرة تتمثل في الحوار، في الإرشاد، كيفية التدرب على العلاجات السلوكية المعرفية التي تقوم على مبدأ توطيد وتقوية المشاعر الإيجابية والتخلص من المشاعر السلبية، كيفية إدارة الوقت ... هذه كلها ذات فائدة كبيرة جدًّا، والطبيبة النفسية قطعًا سوف ترتب لك العلاج الدوائي بطريقة أفضل، وإذا لم يفدك الـ (استالوجين) فيمكن جدًّا أن تُنقلي إلى مجموعة أخرى من الأدوية.
ختام الأمر أن الحالة إن شاء الله بسيطة، الظاهرة الغريبة التي حدثت لك هي جزء أساسي من نوبات الهلع، وبالمناسبة نوبات الشعور بالتغرب تحدث حتى للأشخاص العاديين حين يكون هناك تعب أو إجهاد نفسي أو جسدي.
ويمكنك مراجعة الروابط التالية حول العلاج السلوكي لظاهرة التغرب عن الذات: (
278493 -
2117098 ).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء والعافية.