الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khalid حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هنالك إجماعا علميا أن الوسواس القهري هو مرض مزمن وانتكاسي، هذه حقيقة علمية لا نستطيع أبدًا أن نحيد عنها، لكن هذا أيضًا يجب أن لا يكون مزعجًا لك؛ لأنه ليست كل أنواع الوساوس هي من النوع الانتكاسي المزمن.
ثانيًا: بعد أن ظهرت الأدوية المضادة للوساوس تغيرت الأمور تمامًا، فمثلاً كانت نسبة الشفاء من الوساوس قبل ظهور هذه الأدوية هي عشرين بالمائة فقط، أما الآن فقد أصبحت نسبة الشفاء سبعين إلى ثمانين بالمائة، وهذه تعتبر نسبة عالية جدًّا.
أمر ثالث وهو ضروري جدًّا: هو أن الإنسان حين يعرف مشكلته ويعرف ما به يستطيع أن يتخطاها ويتجاوزها، وذلك من خلال الآليات السلوكية التي يكون قد تدرب عليها، وأصبحت راسخة لديه.
هذا هو الموقف العلمي، وأنا أراك ذو استجابات سريعة جدًّا للعلاج، وهذا يبشر أن فرص الشفاء في حالتك عالية جدًّا، فأنت استجبت للبروزاك بجرعة كبسولة واحدة، علمًا بأن الوساوس القهرية في معظم الأحيان تحتاج إلى جرعات وسطية أو إلى جرعات كبيرة، أي أربعين إلى ثمانين مليجرامًا يوميًا من البروزاك على سبيل المثال.
ومن الواضح جدًّا أنك قد تطبعت مع الوساوس، وأصبحت تتفهمها، وهذا أيضًا من صميم الآليات العلاجية السلوكية.
بالنسبة لأسباب ودور الانفعال النفسي في الوساوس القهرية: لا نستطيع أن نقول أن الوساوس القهرية لها أسباب، لكن هنالك عوامل، وبالفعل القلق هو أحد الروابط التي قد تسبب الوساوس القهرية، والوساوس القهرية تزيد من القلق، إذن هنالك نوع من الحلقات المفرغة، وفي بعض الحالات تأتي الفكرة الوسواسية دون أي مقدمات، دون أي روابط، دون أي مثيرات لها، فالأمر يختلف من إنسان إلى آخر، لكن نعرف من تكون وساوسهم مرتبطة بأحداث حياتية، مثلاً الضغوط النفسية الشديدة قد تثير الوساوس، شاهدتُ من أتت له الوساوس بعد أحداث مفرحة، أحد الأخوة رزق ابنًا بعد سنين طويلة، وفرح فرحًا شديدًا للدرجة التي أصابته وسوسة هل هذا الابن هو ابنه فعلاً أم لا... وهكذا.
فإذن قد تكون مرتبطة ببعض العوامل، لكن نستطيع أن نقول أنه لا توجد أسباب.
بالنسبة لحالتك: أرجو أن تطمئن، فالأمور مبشرة، الأمور ممتازة، واستمر على البروزاك، وأنا حقيقة أفضل أن ترفع الجرعة إلى أربعين مليجرامًا يوميًا، حتى وإن كان هناك تحسنا، لكن ما دمت تشعر بشيء من الضيقة في الصدر والشعور بالقلق والخوف فأعتقد أن البروزاك سيساعدك كثيرًا جدًّا، ودائمًا القلق والشعور بالخوف يكون الوسواس مختبئًا خلفه، فحتى نقضي عليه تمامًا ارفع جرعة البروزاك إلى أربعين مليجرامًا يوميًا، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك خفض الجرعة واجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
وأنت مدرك تمامًا للآليات العلاجية السلوكية للوساوس والتي تقوم على تحقير الفكرة، وعدم مناقشتها، وعدم إخضاعها للمنطق، ربطها بفكرة أو بفعل مخالف ومضاد لها، واستبدالها تمامًا، وفي نفس الوقت يجب أن تصرف انتباهك عن الوساوس بأن لا تترك للفراغ وقتًا ليسيطر عليك، وأنت الحمد لله رجل منجز ولديك أسرة كريمة، وسعيد في حياتك، ولديك مهنة محترمة، فأعتقد أن القلق الوسواسي البسيط نفسه كان سببًا في نجاحك. هذا قد يكون كلامًا غريبًا بعض الشيء، لكنه حقيقة، لأن الإنسان الذي لديه شيء من الوساوس دائمًا تجده منضبطًا ومرتبًا وانتقائيًا وشيء من هذا القبيل، لأن القلق هو طاقة نفسية إيجابية ولا شك في ذلك.
سر على نفس المنوال السلوكي الذي تنتهجه، وتناول الدواء بالصورة التي ذكرناها لك، وحقّر هذا الفكر التسلطي السخيف، لا تعطه أي مجال لأن يسيطر عليك ويكون ملحًّا.
فيما يخص أفكار الناس حول السحر والجن: هذه أمور أيضًا يجب أن تتجاهلها، فالحقائق واضحة جدًّا في هذا الأمر، ومرجعنا الوحيد الذي نعتمد عليه هو ما ورد في شرعنا الحنيف الذي شرفنا الله به.
وأود أن أضيف إضافة أخيرة وهي ضرورة الحرص على تمارين الاسترخاء، هذا الضيق الذي يأتيك خاصة في فترة الصباح يمكن لتمارين الاسترخاء أن تساهم مساهمة كبيرة بصورة واضحة جدًّا، وللتدرب على هذه التمارين راجع: (
2136015 )، وبما أنك تعيش في قطر إذا أتيت إلى قسم الطب النفسي أيضًا يمكن لأحد الأخوة المعالجين النفسانيين أن يقوم بتدريبك على هذه التمارين.
أشكرك كثيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.