هل يعاني ابني من تأخر لغوي؟
2012-05-13 09:57:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أشكركم مقدما، وأتمنى أن أجد جوابا أو تفسيرا لمشكلتي.
ابني يبلغ من العمر سنة وثمانية أشهر، وهو البكر، وليس لديه إخوة حتى الآن، وأريد أن أعرف إن كان ما يعانيه هو تأخر لغوي، أم أن المشكلة أكبر من ذلك، وأقرب للتوحد، أو سبرغر، أو غيره من الأمراض؟
وسوف أذكر لكم بعض تصرفاته الإيجابية والسلبية..
نبدأ بالإيجابية: وهي أنه يلعب معي ومع والده، ولاحظت عليه منذ أن كان عمره عدة أشهر بأنه يضحك إذا هززت رأسي، أو درت حوالي نفسي، فيقهقه كثيرا، ولا يسكت حتى أتوقف.
في مرات يبادر باللعب، فيركض ويلف وجهه باتجاهي كي ألحق به، ولا يخاف من الغرباء كثيرا، إلا إذا كان العدد كبيرا، ولكن سرعان ما يتعود عليهم.
لديه حركات استباقية لكل شيء مكرر، مثال: حين ألبسه ثيابه يمد يديه ورجليه ، ويساعدني، ويحاول أن يلبس حذائه لوحده، وعندما أمد له يدي لكي نذهب لمكان ما، فإنه يمسك بيدي، ولكن عندما نخرج يحب الجري بعيدا، وينظر خلفه كي لا نلحقه.
لا ينطق حتى الآن بأي كلمة، فهو يقول: ماما وبابا وديدي، ولكن دون توظيف للكلمة، ويلتفت مرات حين أناديه باسمه، ومرات لا يلتفت، ولكن يركض باتجاهي لو قلت له: خذ، أو الطعام، أو الحليب، ومن أول مرة ينتبه لكل شيء أقوم به من الأعمال المنزلية، فيراقبني، وينظر لكل شيء أفعله، وكذلك حين أصلي يقف أمامي وينظر لي حينما نخرج من البيت، ويركض باتجاه باب العمارة، ويركب الدرج بيديه ورجليه قبلنا، فهو يعرف العمارة لوحده وكذلك الشقة، ويعرف حين أعطيه حفاظته - أكرمكم الله - فيرميها في القمامة وعندما يرن هاتفي يأتي به ويضعه على أذني.
لكنه لا يقلدني، ويقول: الووو مثل بقية الأطفال، ويعرف استخدامات الأشياء، ولكنه لا يستخدمها بطريقة سليمة، كالمفتاح فإنه ينتظر حين أفتح الباب، فيبكي ليأخذ المفتاح، ويتمشى به، ولكنه لا يحاول وضعه على الباب وتقليدي في فتحه، وكذلك المشط، يخفض رأسه حين يرى المشط، ولكنه لا يتظاهر بتمشيط شعره حين يمسك بالمشط، ويتمشى به فقط، ولكنه حاول تقليدي في عملية صب الماء من الإبريق للكأس.
ما أخاف منه هو أنه لا ينطق حتى الآن، وأرى أنه يتلفت حين أحاول تعليمه شيئا، ومرات ينظر إلي ولكنه لا يفهم ما أقول، ولقد حاولت تعليمه أن يقول: باي باي كثيرا، وأسماء وأجزاء الجسم، والتقبيل، ولكنه لا يتعلم، وأشعر بأنه لا يتعلم مسميات الأشياء،بالرغم من محاولاتي لتكرار الأسماء أمامه: كالكرة، والمفتاح، والريموت، ولكنه لا يستجيب حتى الآن.
عندما يريد شيئا، ويكون في متناوله، يأخذه، وإن كان بعيدا، فإنه يحاول الوصول إليه كأن يركب على الكرسي، أو يرفع يده لكي أحمله، ومن ثم يأخذه، ويمد يده باتجاه الشيء الذي يريده.
كذلك يحب أن يحاول تدوير كل شيء لثواني، ثم يترك اللعبة، أو يحاول أن يلعب بها بطريقة سليمة، ويهتم بالعجلات، ولكنه يهتم بالألعاب الأخرى أيضا، ولا يطيل في عمل أي شيء لأكثر من دقائق.
لقد ذهبت به للحضانة منذ شهر، ففي الأيام الأولى حين كنت معه، كان يجري بين الأولاد وهم يلعبون بالكرة، ولكنه يجري ويحاول إمساك الكرة وهو يضحك، وأشعر بأنه يجري بلا هدف، فحين تكون الكرة بمتناوله، فإنه يرميها بعيدا، ويركض خلفها، ولكن بعد غيابي عنه، تقول لي معلمته: بأنه يجري دائما، ويحب الخروج للحديقة، ويبكي حين يضعون الطعام أمامه، فلا يحب الأكل معهم، حتى لوجودي، مع أنه يأكل حين أزور أهلي، أو أهل والده، أو المطاعم، ويلعب مع الأطفال إذا لعبوا معه، ويضحك حين يراهم يلعبون أو يقفزون، وكذلك يبكي لذهابي، ويفرح لحضوري، فيرفع يده لكي أحمله، وفي البيت يتبعني أينما ذهبت، ويبكي إن لم يجدني.
كما لاحظت بأن الأطفال في الحضانة ومن هم في عمره يلعبون ويتظاهرون باللعب، كقولهم: الووو للهاتف، أو إطعام لعبه، أو عمل حركات مع المعلمة أثناء ما تغني لهم، ولكن ابني حتى لو جلس بينهم فهو مشغول بلعبة أخرى، أو أي شيء آخر، ولكنه لا يهتم بما يحاولون تعليمه.
لقد ذهبت به للدكتور، وفحصه فحصا شاملا، وقال: بأنه سليم من الناحية الجسمانية، وقال: إن كنت تشكين فيه فاعرضيه على أطباء نفسيين، أو أعصاب، أو اجعليه يختلط بالأطفال، وسوف يتعلم كل شيء.
أنا لا أريد أن أعرض ابني للفحوصات، وأشياء لا يحتاجها، فإن كنتم ترون ذلك، فأشيروا علي هل ما ذكرته يستدعي القلق؟
آسفة على الإطالة، وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نشكرك على الوصف التفصيلي والمتأني لحالة ابنك، وهذا بالطبع يدل على قوة ملاحظتك، واطلاعك بالمراحل التطورية للطفل، وأيضًا يشوبك شيء من القلق على حالة ابنك، فمتلازمة التوحد أصبحت مخيفة جدًّا للناس بالرغم من أن تشخيصها له ضوابطه وله معاييره، ولكن أي نوع من تأخر التطور للطفل يزعج الآباء والأمهات.
من خلال وصفك الدقيق: أولاً يجب أن نتفق أن هذا الطفل طبيعي جدًّا فيما يخص التفاعل الاجتماعي، وكذلك التفاعل الوجداني، وليس له نمطية أو تكرار رتيب كما نشاهد في حالات متلازمة التوحد.
أما بقية الإشكالية فهو موضوع اللغة: ومن المعروف أن الأولاد لديهم مقدرة أقل من البنات فيما يخص التطور اللغوي، كما أن العوامل الوراثية والأسرية تلعب دورًا في نمو اللغة وتطورها، وسنة وثمانية أشهر لا أعتقد أنها مزعجة أبدًا كعمر مضى ولم يتحدث الطفل أو لم ينطق.
نعم كان من المفترض في هذا العمر أن تكون هناك جملة على الأقل من ثلاث كلمات، لكن التفاوت بين شخصيات الأطفال معروفة كما ذكرت لك، وخاصة الأولاد.
الذي أستطيع أن أقوله أن هذا الابن - حفظه الله - لا توجد مؤشرات حقيقة أنه يعاني من متلازمة التوحد، أو (اسبرجر)، أو الحالات المشابهة، ومتلازمة التوحد لا يجوز أبدًا تشخيصها قبل عمر ستة وثلاثين شهرًا، أو حتى ثمانية وأربعين شهرًا، فأنا أتحدث عن مدة طويلة ثلاثة سنوات أو أربع سنوات.
نعم الآباء والأمهات ينزعجون، والبعض يسأل كيف ننتظر كل هذه المدة، والبعض يعتقد أن التدخل مبكرًا، وربما تكون له فوائده علاجية، وإن كان هذا الأمر مشكوك فيه الآن، بمعنى أنه إذا كان الطفل فعلاً سوف يصاب بالتوحد، فلن نقوم بأي إجراءات وقائية حقيقية، وهذا معظم البحوث تشير إليه.
أنا أقول لك وحسب المشاهدات التي أمامي، والوصف الدقيق الذي ورد في رسالتك: لا أرى أن هذا الابن يعاني من متلازمة التوحد، فتفاعلاته جيدة، وإن كانت في بعض الأحيان لا يكون هذه التفاعل بالصورة التي تريدينها، ولكن لا أعتقد أنه سبب كافي لأن نعتقد أن الطفل يعاني من متلازمة التوحد.
الطفل فحص فحصًا سليمًا، وبالتأكيد قد تم التأكد من سمعه، وهذا مهم جدًّا، وأعتقد أن الذي بقي فقط هو أن تتيحي لهذا الطفل فرصة للتفاعل مع الأطفال، ولا تدعي ملاحظات معلمة الأطفال تزعجك، فالذي يحدث طبيعي، والفوارق الشخصية بين الأطفال موجودة كثيرًا، ومن وجهة نظري الذي أراه هو تعريض طفلك للنشاط الاجتماعي، ومحاولة تطوير اللغة لديه من خلال التكرار والاستفادة من الألعاب ذات الطبيعة التعليمية، والألعاب الناطقة كثيرًا ما تكون مفيدة لهؤلاء الأطفال.
بعد أن يبلغ الطفل عمر السنتين والنصف إذا لم يكن هناك تقدم حقيقي في حالته - لا قدر الله - هنا أقول لك: يجب أن تُعرضيه على مختص في الأمراض التطورية لدى الأطفال.
أسأل الله له العافية ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.