أهلي يمنعونني من الحجاب والنقاب بسبب أخطائي السابقة، فكيف أتصرف؟
2012-06-17 13:19:25 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً أشكركم على هذا الموقع الجميل، جزاكم الله خيراً، وجعل مساعدتكم وتقديم استشاراتكم للسائلين في ميزان حسانتكم بإذن الله.
لقد عرضت على أهلي منذ مدة أني أريد أن أرتدي النقاب وذلك بعد اقتناع وسعادة ورضا تام بهذا القرار ولله الحمد، ولكني فوجئت أنهم صدموا بهذا القرار، وسبب رفض والدتي أنه ذو سمعة سيئة، وأن الفتيات يستخدمونه ليقوموا بإخفاء وجوههم حتى يخرجوا مع من يحبون سراً، وأن من تلبسه لا تكون لها علاقة بالدين ويكن سليطات اللسان لأنهن مختفيات، وأنه مظهر غريب وليس من الدين، وتحججت وقالت إنه لو قامت إحدى المذيعات اللاتي يتحدثن عن الدين في التلفاز بلبسه سوف ترضى، قلت لها من تشاهديهن يوافقن على النمص فكيف سيكون رأيهن بارتداء النقاب!
كما أن قرار شيخ الأزهر كان قد أثر في رأي والدي كثيراً، وقد أحزنني ذلك لأن أهلي لا يحاولون حتى أن يبحثوا ويقرؤوا في الدين، يكتفوا بدعاة التلفاز وكلام الناس! حتى أن خالتي هددتني وقالت لي لو أني ارتديته سوف تقوم بضربي وتمزيقه من على وجهي في الشارع، أنا آسفه على حالي لقد كنت قبل ذهابي للدراسة في بلد أخرى غير التي بها أهلي أرتدي ملابس لا تليق أن تكون زياً شرعياً، وكنت مستهترة - والعياذ بالله - في الصلاة، وكان لي علاقة مع شاب، وأهلي كان يعرفون بها، ولذلك صورتهم عني أني مستهترة وبعيدة عن الالتزام أو حتى الرغبة به.
حتى أن أمي وخالتي قالوا لي عندما عرضت عليهم أني أريد ارتداء الحجاب الشرعي لابد أنني قد تعرفت على شاب في الجامعة، أو على الانترنت أو أنه صديقة تريد أن أقوم بأفعال سيئة معها، أو أنني تعرضت لغسيل مخ - والعياذ بالله -، والله يعلم أني منذ دخولي الجامعة وأنا أحاول قدر الإمكان أن لا أختلط ولا أصادق أي أحد، وقررت التوبة والتقرب من الله، ووجدت الراحة في ذلك، وقرأت في مسائل دينية وفقهية كثيرة، وأحاول أن أصلح من نفسي وأخلاقي، وما النقاب إلا جزء جميل وعظيم من محاولتي للتقرب من الله والحصول على رضاه.
مشكلتي الان أن معظم ملابسي مجسمة وأحاول على قدر الإمكان أن ألبس الحجاب الطويل ليغطي منطقة الحجاب، وعلى قدر المستطاع أن أرتدي أوسع ما عندي، وعندما أخرج أشعر بالحياء وأبكي بسبب مظهري، وعندما أخبرت أمي أني أريد تفصيل الخمار، وارتداء العباءة الواسعة، أو الجلباب أو الإسدال؛ رفضت أن تعطيني المال، وحتى الان لا تعطيني المال إلا على قدر سفري وعيشي فقط، وأنها ستغضب علي وتتبرأ مني!
وبالنسبة لأبي فإن رفضه بسبب أنه لن يكون لي مجال في حقل العمل، ولأن سنة قد كبر ويريد أن يعتمد علي في العمل بعد تخرجي - إن شاء الله - من كلية الصيدلة لأتحمل نفقة الأسرة، فأخبرته أن كثيراً من الأخوات يعملن فلم يصدقني، ولم يتحدث معي بعدها، وقال لو فاتحته سيغضب علي أو أنه قال عندما تتزوجين فأنت حرة! أعلم انه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن أنا والله المستعان لا يوجد بأسرتي من يشجع النقاب أو يحب أهله ويكرهونهم.
كيف أجعلهم يوافقون؟ وهل إذا لبسته من ورائهم في الجامعة سيكون من عصياني لهم؟ هل لبس النقاب من باب الغلو؟ حتى إذا لم أكن وصلت لدرجة عالية من الالتزام هل يمكنني أن أرتديه بدون ذلك؟
أنا لا أريد أن أسبب مشاكل بين والدتي وخالتي، لأنها قالت لي إذا أهلي وافقوا على لبسه فسوف تقاطع أهلي مدى الحياة، وهل إذا ارتديته ووالدتي لم ترتديه يكون علي ذنب؟
أعتذر على الإطالة، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا يا بنيتي أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة - فإنه مما لا شك فيه أن الإعلام قد لعب دوراً سيئاً وقبيحاً في تشويه صورة الأخوات المسلمات الملتزمات، وأنك كما تعلمين أن هذا الإعلام كان إعلاما يعاند الله ويحاد الله ورسوله، وأنه دائماً يسعى إلى إفشاء الفساد والفاحشة بين المسلمين والمسلمات؛ لأنه نوع من أنواع الحرب الشرسة التي يشنها النظام القديم على الإسلام وأهله، هذا الإعلام المسموم أثر بصورة كبيرة في عقول السواد الأعظم من أهل مصر خاصة كبار السن، والذين ليس لديهم قدر من العلم الشرعي ولم يطلعوا على كلام أهل العلم في هذه المسائل، وليس فيهم رجل مثلاً أو شاب ملتزم يعتبر قدوة حسنة أو مثلاً يحتذى به.
فأهلك ضحية هذا الإعلام الفاسد سواء كانت الوالدة أو الوالد أو كانت خالتك، كل هؤلاء ضحية هذا الإعلام الفاسد الماجن الذي أشاع الفاحشة في المؤمنين، وزين المسلمين على أنهم أهل فساد وضلال وانحراف، وباتوا يتتبعون السقطات ليثبتوا أمام العالم أن هذا هو حال الملتزمين والملتزمات والمنتقبات والملتحين، وهذه مسألة تحتاج ابنتي صفاء إلى بعض الوقت، ولكن نحن نستطيع أن نبين هذه الصورة بسلوكنا الشخصي، فأنت لكونك كانت لديك علاقات غير مشروعة، وكان زيك كما ذكرت؛ هذا يجعلهم لا يثقون بك بسهولة، فلذلك أنت تحتاجين إلى أن تجتهدي اجتهاداً كبيراً لتحسين صورة نفسك بصرف النظر عن قضية الحجاب أو النقاب.
فما دمت قد تبت إلى الله واستقمت على هديه واتبعت سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وحاولت أن تقرئي في الكتب الشرعية وزادت معلوماتك الإسلامية بقدر طيب، حاولي بارك الله فيك أن تصححي من سلوكياتك الشخصية، بمعنى أن تتميزي بحسن خلقك، وبصدقك وأمانتك، وعفافك، وفضيلتك، وحلمك، وصبرك معهم وأنت تستقبلين هذه الحرب الشرسة بكل هدوء ولا تنفعلي ولا تتعصبي، واجتهدي في إحسان معاملة الوالد والوالدة إلى أبعد حد، كما أتمنى أن تكرسي جهدك على أن تكوني متميزة في دراستك حتى لا يقولوا بأن هذا الالتزام هو سبب انتكاستك العلمية.
فأتمنى لأن تخططي لأن تكوني من أوائل دفعتك؛ لأنك بذلك ستحققين كسباً رائعاً للإسلام والمسلمين، فوق أنك من الممكن أن تحصلي على البكالوريوس، فقد تصبحين معيدة في الجامعة، وقد تتحولين إلى أستاذة تحملين فكرة الإسلام الرائع وتساعدين هذه الأجيال كلها على تصحيح المسار، وتكونين سببا في هداية بنات جنسك جميعاً من الطالبات اللواتي يدخلن إلى كليات الصيدلة بالمئات، إن لم أقل بالآلاف سنوياً، فإذن ضعي خطة أن تنتصري للإسلام في ميدان ومجال آخر وهو ميدان الأخلاق والسلوك الحق.
وأن تكوني على معرفة دقيقة بضوابط العلاقة ما بين الرجل والمرأة، وأن تجتهدي كل الاجتهاد أن لا تخطئي في هذه المسالة التي لا تقوم على العواطف ولا على الأعراف والتقاليد، وإنما اقرئي بعناية في حدود العلاقة الشرعية ما يبن الفتاة المسلمة وما بين الشاب المسلم الذي ليس من محارمها، والتزمي بذلك بكل قوة فلا مصافحة، ولا اختلاط، ولا ضحك، ولا غير ذلك، وأغلقي هذه الأبواب، وهذا من حقك ثم بعد ذلك حسن المعاملة مع الوالدين إلى أبعد حد، كالقيام بمهام البيت، ومساعدة الوالدة في المطبخ، وغسيل الملابس، وتنظيف البيت، وتنفيذ كل ما يطلب منك حتى تشعرينهم فعلاً بأنك قد تغيرتي.
قد تكوني تفعلين هذه الأمور قبل أو لعلك لم تنتبهي لها الآن، افعليها عن عمد ابتغاء مرضات الله تعالى، كذلك مسألة تقبيل يد الوالد ورأسه، وكذلك الوالدة، وتقبيل قدم الوالد والوالدة هذه أشياء حاولي من خلالها أن تبهريهم بالتزامك، وأن تكوني عامدة متعمدة أن تفعلي ذلك بغية تحبيبهم في الدين، وإشعارهم بأنك قد تغيرت فعلاً، هذه هي العوامل التي يرونها بأعينهم من حيث الصدق والوفاء.
وعدم مشاهدة هذه الأفلام والمسلسلات ومقاطعتها ولا تتكلمي معهم، لا تقولي انظروا أو لا تنظروا، وإنما إن وجدت ذلك انسحبي "واسمحوا لي، أستأذن" واذهبي إلى غرفتك واجلسي لتقرئي قرآناً، وتقرئي كتاب علم شرعي، لا يجدونك تفعلين خلاف ذلك، هذا كله سيكون كفيلا بالرد عنك والدفاع عنك كسلوك عملي، كذلك أيضاً عندما تتكلمين مع خالتك في قضية الحجاب قولي لها أنت خالتي ومنزلتك منزلة الوالدة، وأنا لا أستطيع أن أخالف أمرك..إلى غير ذلك ما من الكلام الطيب هذا، ولكن كوني حريصة بأن تلتزمي معهم ومع أبنائها في الشرع.
فإذا ذهبت مثلاً إلى بيتها وأولادها الذكور حاولوا مصافحتك والكلام معك تكلمي معهم بهدوء، وقولي لهم أنا حقيقة قضية المصافحة أعلم أنها لا تجوز واسمحوا لي لا تجبروني على شيء أنا لا أحبه، واعتزي بدينك، ولكن بهدوء ولطف وثقة في نفسك، أن هذا هو الحق، ولكن اعرضي بضاعتك بهدوء، واجعلي هنالك من يكسبها لا من يرفضها.
فيما يتعلق بالنقاب أنا لا أرى أنه لا مانع إذا كنت بعيدة وحدك في الجامعة خاصة إذا كنت تدرسين بعيداً عن أهلك أن تلبسي النقاب، حتى تعودي إليهم حتى إذا وصلت قريبا من القرية من الممكن أن تضعيه في حقيبتك ولا يعلم بذلك أحد ما دمت تدينين الله تبارك وتعالى بذلك.
وأنا أرى أن النقاب نعمة وما دام لا توجد هناك معوقات في الجامعة ولا في الدراسة البسي كحال السواد الأعظم من أخواتك الملتزمات، ودعك من هذا الكلام الفارغ ولا تلقي بالاً لعواء الكلاب، فإننا لو أن كل كلب يعوي ألقمناه حجراً لصار كل حجر بدينار، لا تلتفتي إلى هذا العواء بارك الله فيك، وحاولي بارك الله فيك أن تغيري من ملابسك رويداً رويداً ولو أن تضغطي على نفسك، ولو أن تصومي حتى توفري مثلاً قيمة ثوب وتشترينه واسعاً مرة بعد مرة حتى تغيري سلوكك.
هذا وبالله التوفيق .