الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد جمعة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأسأل الله تعالى أن يفرج عنك، وأشكرك كثيرًا على ثقتك في شخصي الضعيف.
بالفعل أنت تعاني من وساوس قهرية، وساوسك تحمل طابع المخاوف في ذات الوقت، والأشياء التي يجب أن نتفق عليها بصفة قطعية أن الوساوس يمكن أن تعالج، وأن علاج الوساوس يتطلب الصبر والالتزام، وأن الوساوس يجب ألا تكون سببًا في حرمانك من العلاج.
هذه النقطة مهمة جدًّا، لأن بعض الذين يعانون من الوساوس القهرية تجد وسوستهم تصل حتى للدرجة التي تنهيهم عن العلاج، أو إذا بدؤوا العمليات العلاجية ثم تحسنت أحوالهم تتحول هذه الوسوسة إلى مخاوف نحو الأدوية وما شابه ذلك.
العلاج يجب أن يشمل العلاج الدوائي، وهذه حقيقة مهمة، لأن الوساوس فيها جانب بيولوجي لا يمكن أن ننكره أبدًا، ويجب في ذات الوقت أن تشمل العلاج السلوكي، وبالتأكيد إذا تواصلت مع طبيب نفسي - له قناعة بالمدرسة البيولوجية والمدرسة السلوكية في ذات الوقت - يكون هذا الأفضل بالنسبة لك.
ومن جانبي أؤكد لك حقيقة أخرى، وهي: أن مقاومة الإنسان للوساوس هي جزء أصيل جدًّا في العلاج، لكن الإنسان قد تضعف دفاعاته أو يفقدها في بعض الأحيان - وكما حدث لك – وذلك نسبة لعدم تناول الدواء. هذا لا يعني أن نحتم على الأدوية لوحدها، لكن أقول أن دور الأدوية مهم، والأدوية هي أسهل أنواع العلاج.
إذن إن ذهبت إلى الطبيب النفسي - كما ذكرت لك – هذا إن شاء الله تعالى يكون فيه سبب في إزالة هذه الوساوس، وإن لم تتمكن أقول لك ابدأ في تناول الدواء، والأدوية الجيدة كثيرة، منها عقار بروزاك – والذي يعرف علميًا باسم فلوكستين – وجرعة البداية هي كبسولة واحدة في اليوم – أي عشرين مليجرامًا – يتم تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها كبسولتين، استمر عليها لمدة شهر ونصف، ثم بعد ذلك اجعلها ثلاث كبسولات في اليوم، تتناول كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلا، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
هذه هي أقل مدة للعلاج الدوائي لهذا النوع من الوساوس، والذي يتسم بوجود مخاوف.
أما بالنسبة للعلاج السلوكي فطرقها كثيرة جدًّا، من أهمها أن تمارس تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة جدًّا، لأن الوساوس مرتبطة بالقلق، والاسترخاء ضد القلق، وإليك كيفية تطبيق هذه التمارين، وهي برقم (
2136015) وبعد ذلك التزم بالمبادئ السلوكية التي ذكرتها، وهي تحدي الوساوس من خلال تحقيرها وتجاهلها واستبدالها بفعل أو فكر مخالف، وأن تربط فكرة الوسواس بأمر مكروه وملفوظ ومرفوض بالنسبة لك، ودائمًا اصرف انتباهك عن الوساوس بأن تشغل نفسك بما هو مفيد.
هذه هي الخطوات الرئيسية للعلاج، وأنا أقول لك لا تحرم نفسك من العلاج أبدًا، وأفضل أن تبدأ الدواء مباشرة، وبعد ذلك إن تمكنت أن تذهب إلى الطبيب فهذا فيه خير كثير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.