كيف أجمع بين رحمة الله بخلقه وبين موتهم جوعا وعطشا؟
2014-04-14 04:03:15 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
هنالك في هذا العالم أطفال صغار يموتون بسبب المجاعة الشديدة, وكذلك حيوانات ونباتات تموت بسبب المجاعة, نعلم في الإسلام أن رحمة الله أكبر من رحمة الأم على ولدها, الأم ما كانت أن ترضى لولدها البريء الذي لم يذنب أي ذنب أن يموت بين أحضانها بسبب الجوع, فما هذا التناقض بين ما نعلمه في ديننا, وبين ما يحدث في الواقع؟
الرجاء الشرح.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك أيها الأخ الفاضل في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا وإياك الإيمان الصادق, واليقين بما قاله الله تعالى وقاله نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ونشكر لك -أيها الأخ الكريم– حرصك على دفع الوساوس أو الشبهات التي يوقعها الشيطان في قلبك، ولكن نصيحتنا لك أن تُعرض عن هذا النوع من التفكر، فإن الشبهات لا طاقة لها، وإذا قامت لك الأدلة والبراهين الساطعة على وجود الله سبحانه وتعالى, وعلى صدق نبوة نبيه -صلى الله عليه وسلم– فالواجب عليك بعد ذلك قبول ما جاء به هذا الرسول, والتسليم له، وإن لم يُدرك عقلك بعض تفاصيله.
وأما ما ذكرت من رحمة الله فهو أمر صحيح، فإنه سبحانه وتعالى أرحم بالإنسان من أبيه وأمه، فهو سبحانه وتعالى يوصي الآباء والأمهات بالأبناء، فيقول سبحانه: {يوصيكم الله في أولادكم} ويوصي سبحانه وتعالى الأبناء بالآباء والأمهات، فيقول سبحانه: {ووصينا الإنسان بوالديه} فأي رحمة أعظم من هذا، ولكنها رحمة العظيم الحكيم، لا تشبه ولا تماثل رحمة المخلوق، فالأم ترحم ولدها ولكنها تجهل المصالح على حقيقتها، وتجهل الغيب، أما الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده رحمة واسعة، لكنها رحمة العليم الحكيم.
فهو يُقدر سبحانه وتعالى عليهم بعض المكروهات لعلمه سبحانه وتعالى بأن المصالح وراء هذه المكروهات، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم} فهو يُقدر المصيبة على الإنسان لما تحمله هذه المصيبة له من الخير، فيقدر موت الصغير تحت نظر والديه لما يعلمه سبحانه وتعالى من الخير لهذين الوالدين في هذه المصيبة التي نزلت بهما، فهو بذلك يمحو عنهما ذنوبًا عليهما، ويرفع درجتهما بصبرهما على ذلك، ويكتب لهما العِوض والخُلف عن هذه المصيبة، فهناك خيرات كثيرة إذن ما كانت لتصل لهم لولا هذه المصيبة التي نزلت بهم.
وأما هذا الميت فإن الله سبحانه وتعالى يقدر له من الخير ما لا يُحصيه ولا يعلمه إلا الله تعالى من وراء هذه المصيبة التي نزلت به، فهو سبحانه وتعالى إذن رحيم بخلقه، عليم بمصالحهم، لطيف بما يُجريه عليهم من الأقدار.
وفعل المكروه بالإنسان لمصالحه المترتبة على هذا المكروه لا ينافي الرحمة بوجه من الوجوه، ونحن نرى في الواقع المشاهد أن الوالد مع شدة رحمته وحبه لولده قد يفعل به بعض المكروه، فقد يكويه بالنار ليداويه من المرض، وقد يوافق على إجراء عملية جراحية له فيها بتر لبعض أعضائه لما يترتب على ذلك من المنفعة والمصلحة له، فهذا مثال تقريبي, يقرب لك هذه الحقيقة، وهو أن تقدير المكروه –أو فعل المكروه– لا ينافي الرحمة والإحسان والرفق، وذلك لما يترتب على هذا المكروه من المصالح والمنافع.
ونحن نؤكد لك -أيها الحبيب- نصيحتنا لك التي بدأنا بها وهي الإعراض عن الاسترسال مع الوساوس والشكوك فإنه لا نهاية لها، والإقبال على ما يثبت الإيمان في القلب من النظر في مخلوقات الله تعالى, وآياته الكونية الدالة على كماله, وقدرته سبحانه وتعالى، والتفكر في آيات كتابه الدالة عليه وعلى صفاته، حتى يتقوى الإيمان ويزداد اليقين.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الإيمان الصادق.