لا أجد توافقا بيني وبين زوجي... فما نصيحتكم لي؟
2012-10-02 08:32:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أود في البداية أن أشكركم على هذا الموقع، والذي يضم كافة ما يطرأ على الإنسان من مشاكل، ومن جميع النواحي، وأشكر سعة صدوركم، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على حسن انتمائكم إلى الإسلام، والذي منه اشتق اسم الموقع، ولكم فائق العرفان بالجميل لما تقدموه للمسلمين، وحتى الأديان الأخرى.
إنني سيدة متزوجة، وعندي ثلاثة أطفال، وزوجي يقل عني ثقافة، واخترته وأعتبره الوحيد الذي سار بخطبتي حتى النهاية، لأنني كنت قليلة الخاطبين، ليس لقلة جمالي، فإنني مقبولة الشكل، ومن عائلة طيبة، وسمعة حسنة، رغم أن والدتي كانت تعاني من مرض الفصام، ومنفصلة عن والدي، ولكنها استطاعت أن توصلنا إلى الكليات، ومنا من أكمل شهادته العليا مثلي ومثل أخي الكبير، وبمساعدة جدتي لأمي، ومع ذلك لم يتقدم لخطبتي إلا القليل جدا، وعندما تقدم زوجي لي، وافقت على الرغم من تردد إخوتي في القبول لفارق السن، حيث أكبره بسنتين، وهو غير موظف، ويعمل عملا خاصا في محل قد لا يتناسب مع مكانتي كمدرسة في الجامعة، وأيضا قالوا لي: أنه يقبل بي لراتبي، وأنا أصريت على الزواج منه لأنني اعتبرته فرصة لن تتكرر في ظل ظروف الزواج القليلة، ورغبتي في الزواج والارتباط، وكبر سني، حيث تزوجت في سن الثالثة والثلاثين.
هو إنسان طيب، وحنون، ويحبني، ولا يهتم سوى بعمله، وأنا مصدر فخره، لأنني ساعدته في بناء حياتنا، ولم أكلفه كثيرا من أعباء الزواج وتكاليفه، أو مصاريفي أنا وأطفالي بعد ذلك.
أنا الآن أقارن نفسي بزميلاتي، ومن هن في نفس وظيفتي وعمري، انتظرن وتزوجن بفرص جيدة، ورجال أكثر ثقافة، ورغم أن البعض منهن تعاني من الزواج ومشاكل الحياة، فإني أحمد الله في سري، لأن زوجي غير ذلك، أعطاني حرية في الخروج متى أشاء، ويقول: إن ثقتي عالية بك، ويحاول أن يرضيني، ولكن في داخلي لا أشعر بالسعادة معه لقلة ثقافته، وبعده عني، حيث لا أراه إلا في الليل، لا يأكل طعام الغداء في البيت، واهتمامه بعمله، ولا يتحاور معي، وحتى علاقتي الحميمة معه أصبحت فاترة، أعاني من برود جنسي معه، رغم أن إلحاحي في الزواج لأسد الحاجة النفسية للجنس.
أنا الآن لا أشعر بأي شيء معه، حاولت أن أفهم الأسباب، وحددتها في نقاط:
أولا: سرعة القذف عنده، ومن أول يوم للزواج، حيث أن العلاقة الزوجية كانت ذات طرف واحد، وهو الوحيد المستفيد، وحاولت التفاهم معه بأن لي الحق في التمتع بالعلاقة على مدار الثمان سنوات للزواج، حتى بدأ في السنة الأخيرة يحاول إرضائي، وهنا الطامة الكبرى، حيث أنني لم أعد أشعر بشيء معه، وربما لخوفي من سرعة القذف عنده أو حرجي منه لتأخري في التمتع، وإحساسي بأنه تعب، ولم أصل إلى ما أريد.
ثانيا: عدم اعتنائه بالنظافة التي أريدها، فهو مدخن، ولا يعتني بأسنانه كثيرا، وأتضايق من رائحة فمه وإبطيه، وأتحرج من أن أطلب منه دائما تفريش أسنانه، ووضع مزيل التعرق.
ثالثا: الفارق الثقافي بيننا.
رابعا: مشاكل أسرته، حيث أن عنده أختا واحدة، تدخلت في حياتي كثيرا حتى تزوجت أخيرا، وأمه الإنسانة الكبيرة، وهي مصابة بالخرف، وأعاني من مسألة نظافتها، والعناية بها، وارتباطنا بها، فلا نستطيع أن نخرج أو نسافر بسبب وجودها، وسبب عمله الذي لا يتركه أو يأخذ إجازة للراحة.
أنا الآن ألوم نفسي في داخلي لزواجي منه، رغم أنني أحبه وأحب أطفالي، وأحب بيتي الذي بنيته بتعبي، وخوفي من أن اللوم لاختياري، ثم حتى إني لو تطلقت، هل سأحظى بفرصة زواج أخرى في مثل سني؟ وعندي أطفال يحتاجون رعايتي، وهل سأكون مثل أمي مطلقة؟ ثم أنني إنسانة خائفة دائما ومترددة، وأحتاج إلى الاستشارة، وطلب رأي الآخرين ممن أثق بهم، وأكره هذه الصفة في نفسي.
وللعلم: جلبت خادمة لرعاية أم زوجي وأطفالي، لأنني لا أحتمل العبء علي، وأدفع راتبها من راتبي.
ساعدوني أرجوكم، حاولت أن أراجع طبيبا نفسيا، ولكنني ترددت، حتى لا يقول زوجي أنني مثل أمي، أو يعتقد أحد أنني مجنونة.
أنتظر مشورتكم بفارغ الصبر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك أستاذتنا الكبيرة في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للمشكلة، ونثني عليك كمال العقل وهذا الموقف في تناول هذه المشكلة، ونعتقد أنك لن تكوني مجنونة، وأنت بهذا الوعي وبهذا العقل، ونسأل الله تعالى أن يديم عليك فضله، وأن يزيدك توفيقًا وسدادًا، وندعوك إلى إكمال المشوار مع هذا الرجل، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يحقق لك السعادة التي تريدينها، وشجعي هذا الزوج على أن يقوم بواجباته الخاصة والعامة على الوجه الأكمل والوجه الأتم.
نكرر شكرنا لك للثناء على الموقع، ونحب أن نقول: بأن هذا واجبنا، فشرف لنا أن نكون في خدمة إخواننا وأخواتنا، الذين نسأل الله تبارك وتعالى أن يسعدهم بهذه الشريعة، وبهذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى.
وأرجو أن تبتعدي عن مقارنة وضعك مع الأخريات، فإنك لا تعلمي من حياة الأخريات إلا ما ظهر من حياتهنَّ، وأرجو كذلك أن تعلمي أن نجاح الزوج ليست بشهادته وليست بثقافته، ولكن المهم قبل ذلك دينه، وأخلاقه، ونجاحاته في الحياة، وحسن تعامله مع الآخرين، وهذا لا علاقة له بالشهادات غالبًا، لأن الكثير من الناجحين أكاديميًا معاقين اجتماعيًا إلا من رحم ربك، وقليل ما هم.
فاحمدي الله تبارك وتعالى على ما أنت فيه، والإنسان لا يعرف مقدار النعمة التي عنده إلا إذا نظر إلى مشاكل الآخرين، وإذا كنا نحن نطلع صباحا ومساء على مشاكل الآخرين، فإننا نعتقد أنك في نعيم - ولله الحمد - وأنك في خير كثير جدًّا، وأنك كنت موفقة ومسددة في رضاك بالزوج صاحب الدين، وفي اهتمامك وإصرارك على المحافظة على بيتك، فلا تفكري في الطلاق، ولا تفكري في الذهاب لأي طبيب، فأنت لستِ مريضة، بل أنت ناضجة وعاقلة، وإذا كان عندك إشكال فتواصلي مع الموقع، ونحن على استعداد أن نرد عليك في كل وقت وفي كل حين، حتى نصل جميعًا إلى الحلول المناسبة.
ما ذكرتِ من عجز الزوج عن القيام بواجباته الخاصة، هذا لعل الناحية النفسية لها أثر كبير في هذا الجانب، وننصحك أن تساعديه، بأن تكوني أنت المبادرة، بأن تكوني أنت من يُقبل على هذه العلاقة ويتهيأ لها، وشجعيه، وعلميه أن هذه المسألة تحتاج إلى خطوات كثيرة، وإلى مداعبات كما جاء في الآثار عن رسولنا عليه صلوات الله وسلامه – فينبغي أن تتهيئي نفسيًا لهذه العلاقة، حتى تشاركي زوجك لحظات المتعة، وإذا كان الزوج عنده مشكلة في سرعة القذف فلا تلوميه على هذه المشكلة، لأن هذا يُعمّق هذا الجانب، ويكرر عنده الفشل، وكما قلنا حاولي أنت أن تكوني أنت المبادرة، وحاولي أن تتعودي الكلام الجميل معه.
كذلك من المهم جدًّا أن يسمع هذا الزوج ويعرف أهمية أن يهتم بنظافته، وبمظهره، وبأسنانه، لأن هذا هو هدي النبي - عليه الصلاة والسلام – الذي كان إذا دخل بيته يبدأ بالسواك، والعلماء قالوا: لأنه كان يقبّل ويتقرب من زوجاته حتى يصل لصاحبة النوبة – عليه صلوات الله وسلامه -.
وعليه كذلك أن يهتم جدًّا بنظافته وبمظهره، وهذا كلام قد ينفع فيه النظرات واللمحات، ولا حرج في هذا، لا حرج في أن تبيني له مثل هذه الأمور، فالعشرة بينكما طويلة، ولكن من الحكمة أن تقولي: (أنتَ طيب، وأنا سعيدة بك، ومهتم بأولادك، وأسأل الله أن يوفقك، وأشكر لك البر بالوالدة، ولكن أرجو أن تهتم لأمور: (واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة) وهذا من حقك طبعًا، لابد للمتعة أن تتحقق للطرفين، ولكن بالمساعدة، وبالوعي، وبالتواصل مع العلماء، وبالسؤال عن مثل هذه الأمور، بتشجيع الزوج على ترتيب حياته مرة أخرى، بحيث يهتم بمظهره، ويقلل أيضًا من جهده في العمل، خاصة وأنت تقومين ببعض النفقات، فاجعلي هذا سبيلاً إلى جعله يهتم أكثر وأكثر ببيته وأسرته، وأنت أول من يستفيد من هذه الناحية.
أسعدني وأعجبني أيضًا أنك جئت بخادمة لتقوم بخدمة أم الزوج، والمسألة تحتاج إلى صبر واحتمال، وهذا أمر تؤجرون عليه، وأرجو أن تتذكري أن أم الزوج في مقام الأم، وأن الإنسان إذا كان بارًا بأم الزوج – أو بأمه – يجد ذلك إن شاء الله في ذريته وفي أبنائه، وفي أطفالك الذين نتمنى أن تسعدي بهم وأن يسعدوا بخدمتك وخدمة والدهم كذلك.
ونريد أن نقول - الحمد لله - الذي خلصك من تلك الأخت، وأمور الحياة قصيرة، وطالما كان بينك وبين الزوج وفاق فلا يضرك حال الأم، ولا يضرك حال تلك الأخت التي كانت تتدخل وتُسيء، ومثلك معلمة ناضجة تستطيع أن تتعامل مع هذه الأمور، وإذا علم الإنسان مشاكل الآخرين ومصائبهم هانت عنده المصائب، ولذلك ينبغي أن تدركي أن هذه الحياة لا يمكن أن تكون بلا مشاكل، وليس هو الإشكال، إذ المهم هو كيف نتعامل مع المشكلات، وكيف نضع كل مشكلة في إطارها الزماني والمكاني، وكيف نُعطي كل مشكلة حجمها؟
وتعوذي بالله من الشيطان الذي يريدك أن تعودي إلى الوراء، والذي يريد أن يخرب عليك، والذي يدعوك إلى أن تُطلقي من زوجك وتفارقيه، وأعتقد أن هذه خسارة كبيرة جدًّا، ولا يخفى على أمثالك أنه من الصعب، بل قد يكون من المستحيل أن تجد المرأة في هذه السن وعندها ثلاثة أطفال رجلا يرتضيها ويُسعدها، فحافظي على هذا الزوج، وشجعيه على الصعود بنفسه، وتعاملي معه بتواضع، وحاولي دائمًا كما قلنا أن تبدئي بذكر ما فيه من إيجابيات حتى تتوصلي إلى تصويب النقص و السلبيات، وأنت - ولله الحمد - معلمة، وهذه الاستشارة تدل على نُضج وكمال عقل، فأرجو أن تستخدمي هذه المهارات في إصلاح الوضع الأسري عندك، وتجنبي المقارنة مع الأخريات، ولا تصدقي من تزعم أنها سعيدة، فإن السعيد يعرف نفسه، وأنت لا تعرفين من أخبار الأزواج الآخرين إلا ما ظهر من حياتهم؛ ولذلك من الظلم للزوج أن تقارنيه بالآخرين، كما أنه من الظلم للزوجة أن يقارنها زوجها بالأخريات.
ونعتقد أن مفاتيح التغيير بيدك، وأن المرأة لها تأثير على زوجها بحسن تبعلها لزوجها، وإظهار ما فيها من مفاتن وجمال له.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يسعدك مع هذا الزوج، وأن يحفظ لك هذه الذرية.