خطبت امرأة ولكن ظهر لي أن خالتها تذهب إلى ساحر، ما نصيحتكم؟
2012-10-15 07:02:21 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً على الإجابة الحكيمة أستاذي الفاضل, ولكن أريد أن أوافيك ببعض تفاصيل كيفية معرفتي بأن خالتها زارت مؤخراً ساحراً لعمل سحر لجلب رجل للزواج.
لكي تكتمل عندك وعندي الصورة، وكي أعرف ماذا علي فعله، وهل أنا على حق أم لا؟ لأني بعد سماع هذا الخبر أصبحت عندي شكوك وتخوف من المجهول, مع أن هذه البنت في فترة العلاقة المحرمة السابقة عندما كنا نجلس ونتكلم لا يظهر منها في تعاملها ما يدعو إلى أنها بنت غير مخلقة، بل الذي جعلني أستمر معها هو أنني عندما أنصحها في الخير تبدو موافقة، ولا تجادل كثيراً .
لقد جاءني هذا الخبر عن لسانها، ولكنها لم تكن تخاطبني بل كانت تتكلم عبر البريد الالكتروني مع أختها التي تقطن بعيداً في فرنسا.
علما بأني أعطيتها الرمز السري لبريدي الالكتروني، وأعطتني بدورها رمزها السري، وكنت أتفقد بريدها وتتفقد بريدي, وفي الشهر الماضي وجدت محادثة مسجلة لها هي وأختها فيها بعد كلامهم في بعض المواضيع، وما بعد ما يلي: البنت لأختها: ( خالتي قالت لي إنها ذهبت عند امرأة والتمست منها أن تعطيها سحراً لجلب الرجل، وأعطتها شمعة وعسلاً تشعل كل يوم شمعة، واليوم أشعلت واحدة، ولقد رآها رجل وكلمها وطلب منها الزواج منها شريطة أن تتشارك معه في تأجير البيت، قالت لي خالتي: والله لن أتشارك معه) والذي زادني شكاً هو أنها بعد إكمالها هذه القصة لم تظهر لأختها أنها تنكر ما فعلته خالتها ولم تعاتبها على ذلك الفعل بل أختها أيضاً لم تنكر الموضوع، كأنهم يتكلمون عن أمر عادي.
هذا الذي أدخل في قلبي الشك، وأصبحت عندي رؤية متناقضة, خصوصاً وأنها تمكث عند خالتها كثيراً في بيتها الذي يضم أيضاً جدها وجدتها.
الغريب في الأمر أنها مؤخراً أحست أني اطلعت على بريدها، وقرأت المحادثة، ولكي تغير لي الفكرة, اتصلت بي في الهاتف, وبعد الكلام قالت لي: خالتي مسكينة ذهبت لكي تعمل الرقية الشرعية عند امرأة تفعل الرقية الشرعية، ووجدت عندها ثقافة لمنع الزواج.
استغربت لمحاولتها تبديل الحقائق، لأنها أحست أني أبتعد عنها, وأنا أعلم أن خالتها لم تذهب لتفعل الرقية بل ذهبت عند ساحرة, ولكني لم أقل لها أني رأيت المحادثة.
هذا كل ما في القصة، أتمنى أن توجهوني إلى الطريق الصحيح -بإذن الله- هل أكمل الخطبة أم أتراجع؟ وأستغفر الله العظيم.
والله المستعان
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك هذا التفصيل الذي وصلنا، ولا يخفى عليك – وأنت ولله الحمد على علم – بأنه من أتى ساحرًا أو كاهنًا أو عرّافًا ليُجرب فقط – يقول: دعنا نرى – لن تُقبل له صلاة أربعين يومًا، ومن أتى ساحرًا أو عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم – ولا شك أن ما فعلته خالة الفتاة ليس بصحيح، لكن أيضًا العبرة بالفتاة، والعبرة بقدرتك على تأثيرك عليها، والعبرة بصلاحها في نفسها، مثل هذه المعلومات قد تخفى، وأنت الآن لابد أن تكون هذه الأمور في منتهى الوضوح، وينبغي أن نوقن أن هذا الكائن وهذا الساحر وهذا العرّاف وهذه المرأة الساحرة لا تستطيع أن تجلب لنفسها – فضلاً عن غيرها – خيرًا، ولا تستطيع أن تدفع عن نفسها – فضلاً عن غيرها - شرًّا، فمهما ذهبت للساحرة أو لم تذهب فإن هذا لا يؤثر إلا بتأثير الله، إلا بتقدير الله تبارك وتعالى، {وما هم بضارين به من أحدٍ إلا بإذنِ الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم} هذا كلام الله تبارك وتعالى، فالساحرة والكاهنة لا تملك لنفسها – فضلاً عن غيرها – خيرًا وشرًّا.
لذلك كون الخالة تذهب إلى هؤلاء الأشرار فهذا غير صحيح، كونها لا تُنكر فربما تستحي من أختها، ربما لا تستطيع إنكار هذا، ربما، ربما، لكن لابد أن ندرك أن هذا أمر محرم، ولا مانع من أن تناقش هذه المسألة.
أريد أن أقول: مستوى العلاقة، طبيعة العلاقة، معرفة أسرتك بالعلاقة، رغبتك في الفتاة، الميل الذي تجده تجاه الفتاة، إمكانية قبول الفتاة لرأيك، هذه أمور لابد من تقديرها.
نحن الآن نتكلم عن إمكانية الاستجابة، إمكانية الهداية، إمكانية قبول الحق، هذه الأمور إذا كانت موجودة وأنت ولله الحمد تعرف حرمة هذه الأمور وتستطيع أن تسيطر على الوضع فإن هذا السحر لا يضر، يضر من قام به، يضر من صدق هذا السحر، لذلك نحن نرجع إليك أيضًا: هل أنت عندك ميل للفتاة، ترى أن فيها خيراً، أنه يمكن أن توجه، أنه لو بحثنا عن عيوب وعن خلل لما وجدنا امرأة بلا عيوب، وهنا الخلل والعيب، الخالة، هي التي ذهبتْ، وهل الفتاة تستطيع أن تمنع خالتها؟ وهل الخالة ستستجيب إليها؟
أسئلة كثيرة، واحتمالات كثيرة جدًّا، ولا أظن أنه يصعب عليها أن تنقض خالتها وتقول (هذا غير صحيح، وكذا) ربما لا تأمن من الأذى، فالاحتمالات كثيرة جدًّا.
لكن طبعًا الشرع يعطيك الصراحة، وأنت ولله الحمد ما زلت في البر، وتستطيع أن تختار من هي أتقى وأصلح لله تبارك وتعالى، أما إذا كانت الفتاة قد دخلت إلى قلبك، تميل إليها، مالت إليك، مناسبة، هنا تفكر في إمكانية هدايتها والنصح لها، تذكرها أن ما تقوم به الخالة لا يجوز، تذكرها بهذه الأحاديث النبوية، فإذا استجابت واستقامت وتابت إلى الله تبارك وتعالى في نفسها، كذلك تستطيع أن تُكمل معها المشوار، وإلا فأنت في حل من استمرار علاقة تخاف من ضعف التأثير.
هذا أيضًا يدعونا إلى السؤال: أين أنت من الالتزام؟ هل أنت ذلك الفقيه؟ هل أنت ذلك الذي يستطيع أن يُقنع؟ هل هذه الفتاة إذا تزوجتها تستطيع أن تؤثر عليها؟ هذه أسئلة كثيرة جدًّا والإجابة عليها أنت أعرف بنفسك وأعرف بالفتاة من غيرك، ولكن نريد أن نقول: ما تفعله الخالة لن يضر أحدًا إلا إذا كان العظيم مالك الأكوان قد قدَّر، {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذنِ الله}.
كونها هي تجامل الخالة وكذا هذا مرفوض، لكن لا تؤاخذ بجريرة خالتها، فالأمر لك، وأرجو أن تستخير في هذه المسألة، ولا يخفى عليك أن هذه أمور عقيدة لا مجاملة فيها، لكن كثير من الناس يخفى عليهم ويجهلون هذه الأمور، فعلينا ألا نحاسب الجاهل حتى نعلمه، وحتى نبين له وجه الصواب، وحتى يكون على بيّنة من أمره، وليس معنى هذا أننا نستهين بهذه المخالفة، لكن ندعوك إلى أن تكون منتبهاً لأمر العقيدة، وأمر الدين، وندعوك أيضًا إلى أن تكون منصفًا، فلا تعاقب إنساناً بجريرة آخر، أو بكلام قاله، ونتمنى أن تتوقف عن التجسس على بريدها.
كذلك لا يجوز لها التجسس على البريد، وهذه العلاقة أيضًا بهذه الطريقة ينبغي أن تتوقف فيها، لتُحدد ما تريد، فإن كنت فراقًا فمن الآن، لا تتجسس، ولا تدخل، ولا تتعامل، وانسحب في هدوء.
إن كنت تريد أن تُكمل وستُصلح فهذا أمر آخر، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، وأرجو أن تستخير،
نسأل الله لك التوفيق والسداد.