الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فكثيرا من الأخوة والأخوات يصفون أنفسهم بأوصاف قد لا تكون دقيقة أو قائمة على مفاهيم خاطئة، مثلاً أنت قلت أنك شخص انطوائي، ولا تخرج من البيت أبدًا إلا للجماعة أو للضرورة، وذلك بسبب خوفك من الناس، هنا يجب أن تتوقف عند هذه الأحكام التي أصبحت جزءًا من حياتك، وأهمها الخوف الشديد من الناس، لابد أن تسأل نفسك: لماذا تخاف من الناس؟ الناس هم الناس، هم بشر، ولا أحد أفضل منك في أي شيء.
إذن أنت مطالب بأن تنزل الناس إلى وضعهم الحقيقي، وهي إنسانيتهم التي هي في الأصل مشاعر، وأفكار وسلوك ووظائف بيولوجية، والإنسان هو الإنسان يأكل، يشرب، ينام، يذهب إلى دورة المياه، يمرض، يموت، وهكذا.
هذه الأمور يشترك فيها جميع الناس، وما يظهر لك من استئساد البعض وظهورهم بقوة أو شدة قد يُدخل في قلبك شيء من الرهبة، هذا قائم على مفهوم خاطئ، وهو أنك نقلت هذه المجموعة من الناس إلى مقامات عالية وليست واقعية.
فيا أخِي الكريم: انزل البشر إلى مستوى البشر، واجعل علاقتك فقط تقوم على الاحترام وليس على الخوف.
ثانيًا: الانطوائية يجب أن تكسر حلقتها المفروضة عليك، وذلك من خلال الإصرار على التواصل الاجتماعي، مثل أنك تذهب إلى الجامعة اذهب إلى الأماكن الأخرى، الصلاة يجب أن تكون في المسجد، وحتى إن كنت في الفلبين متى ما كان ذلك متاحًا، فأرجو أن تحرص على ذلك، من خلال الجامعة تعرف على بعض الشباب الطيبين الممتازين، وابدأ في توزيع شبكة علاقاتك الاجتماعية، وسوف تجد أنه تقابلك بعض الصعوبات في بداية الأمر، لكن بعد ذلك سوف تتحسن أمورك تمامًا، وأصبحت تتواصل مع الناس.
عليك بأن تنخرط في أنشطة اجتماعية تلقائية، مثلاً ممارسة الرياضة - مثل كرة القدم، أو أي نوع من الرياضة الجماعية الأخرى – هذا يجعلك تتفاعل وتختلط، بل تنجذب نحو الآخرين بصورة اجتماعية راقية جدًّا، وهذا يكسر حاجز الانطوائية والخجل.
أنا أرى أنه ربما يكون لديك شيء من الخوف الاجتماعي، وأنت ذكرت أنه قد بدأ قبل خمس سنوات، هذا ربما يكون مرتبطًا بحادثة معينة اكتسبتَ خبرة سلبية من خلال تعرضك لموقف معين كان فيه شيء من الخوف والتخويف سقط عليك، وسيطر عليك في تلك اللحظة دون أن تعيره اهتمامًا الآن، لكنه ظهر بشكل هذه المخاوف التي ذكرتها.
وهذا يقودنا -يا أخِي- إلى النظرية السلوكية أن كل ما هو متعلم ومكتسب يمكن أن يُفقد من خلال التعليم المضاد، أو التجاهل؛ لذا أنا أطالبك بأن تتجاهل هذا الخوف، وأن تبدأ في التعليم المضاد والذي تحدثنا عنه.
هنالك علاجات دوائية ممتازة، لكنك لم تذكر عمرك، ونحن نحرص كثيرًا في تطبيق الأسس العلمية لاستعمال الأدوية، عمومًا إذا كان عمرك أكثر من عشرين عامًا، فيمكن أن تستعمل دواءً يعرف تجاريًا باسم (زولفت) أو (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، هو دواء ممتاز لعلاج الخوف الاجتماعي، وجرعة هذا الدواء بسيطة في حالتك، وهي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناولها يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة يوميًا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أنصحك به، وأدعوك إليه، وإن شاء الله تعالى تجد نفسك من المتفاعلين اجتماعيًا، ويزول عنك هذا الخوف، وتتطور مهاراتك الاجتماعية بصورة مرضية جدًّا.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: (
269653 -
277592 -
259326 -
264538 -
262637
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.