الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن الرسالة التي وصلتك من صديقتك الطبيبة في تلك اللحظة كانت رسالة تخويفية، بالرغم من بساطتها، إلا أن وقعها السالب كان عليك كبيرًا، وهذا يوضح طبيعة شخصيتك، والتي يظهر أنها حساسة، وربما قلقة بعض الشيء.
فالمخاوف دائمًا تزرع وتثبت في كيان الإنسان من خلال أحداث قد تكون بسيطة جدًّا، هذا هو الرابط النفسي الذي أدى إلى هذه الحالة التي تعانين منها، والذي يحدث لك أصبح هو أنه عند أي نوع من المواجهة أو حتى التفكير فيها يأتيك الشعور بالخوف، وهذا يؤدي إلى إفراز زائد في مادة الأدرينالين، وهذه تؤدي إلى تسارع في ضربات القلب – وكذلك الرعشة – ويزداد التفكير، وهذا نسميه بالارتباط الشرطي – أي حدث تغيير فسيولوجي وبيولوجي ووجداني أدى إلى ظهور هذه الحالة -.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو أن تحقري الفكرة الأولى، وهي فكرة الصدمة النفسية الغير متوقعة، والتي حدثت لك حين مقابلة صديقتك الطبيبة، وذكرت لك ما ذكرت، قولي لنفسك: (هذا هو السبب! هذا هو الرابط! هذا سبب بسيط وحقير يجب ألا أعطيه هذه الأهمية).
ثانيًا: أنصحك بإجراء فحوصات عامة تشمل وظائف الغدة الدرقية، حيث إن زيادة هرمون الغدة الدرقية حتى ولو كان زيادة بسيطة قد يُساعد في بعض الأحيان لتسارع ضربات القلب وظهور الرجفة والرعشة.
ثالثًا: أرجو أن تعيشي نوعًا مما نسميه بالتعريض في الخيال، وهو نوع من السيناريوهات التي يتصورها الإنسان ويتخيلها، ويمثلها، ويحاكيها كأنها واقعة، فالمطلوب منك أن تجلسي في مكان هادئ، وتتصوري أنه طُلب منك أن تقدمي عرضًا شاملاً في موضوع ما لعدد كبير جدًّا من الناس، ومنهم الغرباء وأصحاب المعرفة والمناصب، عيشي هذا الموقف بكل تفاصيله، وفي اليوم الثاني انتقلي لموقف آخر، ويجب أن تكون مدة التأمل لا تقل عن ربع ساعة، هذا يسمى بالتعرض أو التعريض في الخيال، وهو نوع من التحصين التدريجي من المخاوف.
وأكثري من تواصلك الاجتماعي في الواقع، فكوني أكثر انسجامًا مع أهل بيتك، زوري أرحامك، وأكثري التواصل مع صديقاتك، ويا حبذا لو وجدت أي نوع من النشاط الجماعي النسوي المفيد، مثل المشاركة في حلقات تلاوة القرآن، الانخراط في العمل التطوعي والخيري، هذا كله يساعدك كثيرًا في تجاوز هذه المخاوف القلقية.
أما من ناحية العلاج الدوائي، فأعتقد أنه مطلوب أيضًا في حالتك، ويمكنك أن تتناولي دواءً بسيطًا بجرعة بسيطة ولمدة بسيطة، وإن أردت أن تقابلي طبيبا نفسيا فهذا أيضًا أمرًا جيدًا.
الدواء الذي نرشحه عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) واسمه العلمي (باروكستين) والجرعة المطلوبة في حالتك بسيطة جدًّا، وهي أن تبدئي بنصف حبة (عشرة مليجرام) يتم تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر اجعليها حبة كاملة ليلاً، استمري عليها لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرين أيضًا، ثم اجعليها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هو من الأدوية السليمة، غير الإدمانية، ولا تؤثر على الهرمونات النسائية، ويعرف أن له فعالية خاصة وممتازة جدًّا لعلاج المخاوف الاجتماعية.
الدواء المساعد والذي أفضل أيضًا أن تتناوليه يعرف تجاريًا باسم (إندرال)، ويسمى علميًا باسم (بروبرالانول) تناوليه بجرعة عشرة مليجرام صباحًا لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.
إذن حالتك هي حالة قلقية مكتسبة تحمل سمات الرهاب أو الخوف الاجتماعي، الرابط النفسي واضح جدًّا، وشخصيتك تحمل سمات الاستعداد، -والحمد لله تعالى- أنت في وضع جيد، ولا ينقصك شيء، وهذا جميل جدًّا، لكن هذه الحالات يعرف أنها تُصيب الناس من جميع دروب الحياة، وهي تعتبر حالات بسيطة، وليس هنالك ما يجعلك لا تثقين في نفسك، تذكري مقدراتك، تذكري إيجابياتك، تذكري أنك لست بأقل من الآخرين، وهذا - إن شاء الله تعالى – يمثل دفعا إيجابيا نحو المزيد من الثقة في النفس.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: (
269653 -
277592 -
259326 -
264538 -
262637)
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.