الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طاهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك كلماتك الطيبة هذه، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.
أيها الفاضل الكريم: وصفك لحالتك جيد ودقيق، وأتفق معك أن التشخيص أيضًا يجب أن يكون دقيقًا، لأن هذا هو مفتاح العلاج الرئيسي، والإنسان يجب ألا يُشخص نفسه؛ لأن عامل العاطفة والوجدان موجود مهما كان، وهذا يُخل تمامًا بإلمامه بالتشخيص ومن الأفضل أن يُترك التشخيص للمختصين، وحتى المختص يجب أن يكون مدققًا ومتأنيًا وحصيفًا وناصحًا.
بصفة عامة أستطيع أن أقول أنك في الأصل تعاني من قلق نفسي، شخصيتك تحمل السمات القلقية، والنوبة التي أصابتك بالفعل هي نوبة هلع، والهلع – أو الفزع – ما هو إلا نوبة قلق حادة قد تظهر بعد مثيرات معينة، وتكون هنالك روابط نفسية واضحة في شكل أحداث أو تغيرات جسدية أو نفسية أو اجتماعية، وفي بعض الأحيان تأتي هذه النوبات بدون أي مقدمات.
من الآثار التي تتركها نوبات الهلع هو ما يعرف بالقلق التوقعي، بعد أن تنتهي النوبة يظل الإنسان متخوفًا وموسوسًا حول النوبة ذاتها، ومتى سوف تأتيه النوبة القادمة، وكيف يستطيع التصرف – وهكذا - ، ومن آثار نوبات الهرع أنها تعطي انطباعًا لدى الإنسان أنه مريضًا مرضًا عضويًا - خاصة أمراض القلب – لذا تجد معظم مرضى الفزع يتنقلون بين الأطباء ويقومون بإجراء فحوصات لا داعي لها تمامًا.
الأعراض الجسدية تصاحب القلق والتوتر، لأن توتر النفس تؤدي إلى توترات وانقباضات عضلية، ومن أكثر أجزاء جسم الإنسان التي تتأثر هي القولون العصبي، وكلمة عصبي أتتْ أصلاً من العُصاب – يعني القلق - .
فيا أخي الكريم: حالتك مفسّرة جدًّا، وواضحة جدًّا، وهي أنه في الأصل لديك ميول نحو القلق، وأتتك نوبة الهلع هذه، وكان من إفرازاتها شيء من القلق التوقعي، واستمرار الأعراض النفسوجسدية التي ظهرت في شكل اضطراب في القولون أو ما يعرف بالقولون العصبي.
أتفقُ تمامًا مع صديقك الذي قال لك أن الراحة النفسية والابتعاد عن الضغوطات النفسية هي من الوسائل التي تعالج القولون العصبي، لكن يصعب على الإنسان أن يعيش كلها سكون وراحة، فصعوبات الحياة تأتي من هنا ومن هناك، ويتأثر بها الإنسان، وذلك حسب بناءه النفسي.
أيها الفاضل الكريم: الآن اتضحت الصورة التشخيصية، وأقول لك أن هذه الحالة حالة بسيطة، لا تنزعج حولها أبدًا، حاول أن تمارس التمارين الرياضية، هي مفيدة جدًّا، وتمارين الاسترخاء أيضًا تفيد في علاج هذا النوع من القلق، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم: (
2136015) أرجو أن ترجع إليها، وتحاول أن تستفيد من التفاصيل الواردة بها.
التفريغ عن النفس وذلك من خلال التعبير عن الذات، وعدم السكوت عن الأشياء التي لا تُرضي حتى وإن كانت بسيطة، يجب أن يعبّر الإنسان عنها في لحظتها، مع الالتزام بضوابط الأدب والذوق، هذا يساعد الإنسان كثيرًا؛ لأن التفريغ النفسي هو صمام الأمان للنفس.
التفكير الإيجابي مطلب أساسي في حياتنا لإزالة القلق والتوترات، فاجعل هذا منهجيتك، وحاول أن تدير وقتك بصورة صحيحة.
أنت لم تذكر عمرك، لكني أتصور أنك فوق العشرين، وفي مثل هذه الحالة أقول لك أن تناول أحد الأدوية المضادة للقلق وللمخاوف سيكون جيدًا، هنالك دواء رئيسي وهنالك دواء مساعد، الدواء الرئيسي يعرف تجاريًا باسم (زولفت) واسمه العلمي (سيرترالين)، أرجو أن تتحصل عليه، وتبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة، تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول السيرترالين.
والدواء الآخر يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل)، واسمه العلمي (سلبرايد) أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا – أي كبسولة واحدة – ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولة صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أسأل الله تعالى أن ينفعك بهذه الإرشادات والدواء الذي وصفناه، وأؤكد لك أن حالتك بسيطة جدًّا وقابلة للشفاء والتعافي - بإذن الله تعالى - .
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.