هل العين هي السبب في عدم تحقق ما أريد؟
2012-11-25 18:02:40 | إسلام ويب
السؤال:
أنا أعاني من مشكلة، وهو أنني لو أقدمت على أي فعل وأردت القيام به وأخبرت أي شخص به مهما كان، فإنه لا يتحقق معي، وإذا اشتريت أي شيء -ولو كان بسيطاً- ومثله في السوق فإنه يعجب كل من يراه، كما لو أنه الوحيد في العالم، فهل هذا سببه العين أم ماذا؟
أرجو أن تفيدوني، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خلود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين واعتداء المعتدين.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنه كما قيل: (كل ذي نعمة محسود) دائمًا نجد أن المتميزين في أي مجال من المجالات هم محط أنظار الناس جميعًا، وهذه الأنظار قد تتفاوت، فهناك النظرة العادية التي تكون مملوءة بالإعجاب ولكنها لا تحمل شيئًا من الحقد أو الحسد أو الانتقام، وهناك النظرة القاتلة المدمرة المخربة الحارقة الخارقة، وهذه موجودة، وهذه موجودة، ولكنها تختلف وُفق أقدار الله -تبارك وتعالى-، فهناك نظرات لا يستطيع صاحبها أن يمنعها من أن تثقب الجدران، وهناك نظرات يستطيع صاحبها أن يدفعها بالاستعاذة بالله من كيد الشيطان الرجيم.
أنت تقولين بأنك لو أقدمت أو أردت فعل شيء وأخبرت به أي شخص فإنه لا يتحقق، أقول: هذا لا يستبعد أن يكون من باب الحسد، من أن هذا الإنسان يشعر بأن هذا الأمر الذي ستفعلينه كبير عليك وأنه أمر عظيم، ولذلك يسلط عينه.
وكذلك أيضًا شراؤك لشيء من السوق، فإنك تقولين بأنه يُعجب كل من يراه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن ذوقك راق، والدليل على ذلك أنك إذا اشتريت شيئًا فإنك تلفتين الأنظار إليه، فمعنى ذلك: هذا يدل على أنك متميزة في ذوقك، وهذا لا يُستبعد، وهذا الذي يجعل الناس يُعجبون به، والإعجاب ليس في حد ذاته خطرًا، وإنما الخطر أن يتحول الإعجاب إلى نظرة حاقدة أو حاسدة، أما مجرد الإعجاب في حد ذاته فليس فيه شيء، فإن الإعجاب شيء فطري فطر الله الناس عليه، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبرنا أن الإنسان إذا رأى ما يُعجبه فليبرِّك عليه، أي يقول: (ما شاء الله تبارك الله).
العلاج في ذلك بارك الله فيك أولاً: في المحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، صلاة الفروض في أوقاتها، الأذكار بعد الصلوات تحافظين عليها، ثم بعد ذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحًا وثلاث مرات مساءً، والإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وكذلك أيضًا قراءة آية الكرسي، والصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بنية أن يصرف الله عنك هذه العين، ولا تشغلي بالك بعد ذلك بشيء، يعني حتى إذا أخذت بهذه الأسباب وعندما تشترين شيئًا أو عندما يُعجبك شيء تبرِّكين عليه قائلة (بسم اللهِ، ما شاء الله، تباركَ الله، لا قوة إلا بالله) فإنك بذلك تكونين قد أديت الذي عليك كإنسانة، ويبقى الذي لله -تبارك وتعالى- يُمضيه كيف يشاء -سبحانه وتعالى جل جلاله-.
فقد يشاء الله -تبارك وتعالى- أن يكون هذا الأمر محل أنظار الحاسدين، وأنت تقومين بالاستعاذة، ولكن قد تكون الاستعاذة ضعيفة فيتحقق مراد الله -تبارك وتعالى-، فالذي علينا هو أن نأخذ بالأسباب وأن ندع النتائج إلى الله -تبارك وتعالى- في كل أمر من الأمور، فالمريض الذي يشتكي ويعاني من الأمراض عليه أن يذهب إلى الطبيب، وأن يأخذ الدواء الذي يصفه له الطبيب، ويدع الشفاء لله تبارك وتعالى، -فإن شاء الله تعالى- جعل هذا الدواء سبباً في الشفاء، -وإن شاء الله تعالى- جعل غيره في الشفاء، ولن يستفيد المريض من هذا الدواء الذي تم صرفه له شيئًا.
كذلك أيضًا بالنسبة للرقية الشرعية، فالرقية الشرعية في غاية الأهمية والإفادة خاصة في مثل ظروفك، لأن هناك أُناس بالنظرة -بمعنى أن الإنسان إذا لبس شيئًا وإن كان بسيطًا أو حتى بمجرد الاستحمام يلفت الأنظار إليه فيتعرض لسهام جارحة قاتلة- فإذا كنت من هذا النوع فعليك بالاستمرار بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأن تقومي برقية نفسك بانتظام، خاصة (ما شاءَ الله، تبارك الله، لا قوة إلا بالله) حتى لا تنفذ إليك السهام القاتلة المدمرة التي تُفسد عليك حياتك.
تقولين: هل هذا سببه العين أم ماذا؟ أقول: لا يستبعد أن يكون من العين -كما ذكرت-، ولذلك أتمنى أن نأخذ بالأسباب، وهذه -إن شاء الله بإذنِ الله تعالى- كفيلة بأنها تدفع عنك كمًّا كبيرًا من هذه السهام.
هناك أمر آخر وهو أيضًا السر، بمعنى أنه لا يلزم أن تُخبري أحدًا بما تريدين فعله، ولا يلزم أيضًا أن الناس يرون ما تم شراؤه، وإنما كما قيل (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود) فطالما تعرفين نفسك وتعرفين أنك ستُحسدين فعليك ألا تُخبري أحدًا بشيء مطلقًا، وإنما اجعلي أمورك سرًّا لا يعلمه أحد، ما كنت جربتِ نفسك، وأن الأمر لا يتحقق رغم أنه قد يكون سهلاً.
كذلك إذا اشتريت شيئًا فعليك ألا تُخبري به أحدًا وألا يراه أحدًا من الناس، إلا بعد فترة من الزمن إذا رأوه صدفة أو قدرًا. أما أن تُخبريهم بأنك اشتريت كذا أو غير ذلك فأرى ما دمت تتأثرين بالنظرة ألا تُخبري أحدًا بذلك، وهذا من باب الأخذ بالأسباب، وأسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.