ما التشخيص السليم لحالتي، تناقض أم اضطراب؟
2012-12-24 10:23:23 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي مشكلةٌ عويصةٌ، منذ سنين طويلةً أُراوح مكاني، فلا جامعةً أكملت، ولا زواجاً تزوجت، ولا مالاً جمعت، وقد تجاوزت الثلاثين من عمري، ولا زلت لا أرى ضوء في نهاية نفق حياتي المظلم!
أفضل تعبيرٍ عن حالتي، ما قاله الشاعر:
ولم أرى في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام
ومع ذلك _والحمد لله_ أرى في نفسي الكثير من المميزات، منها:
- شخصيتي شخصيةٌ قويةٌ.
- لدي قدرةٌ عقليةٌ مميزةٌ.
- لدي قدرةٌ على جذب الآخرين.
- متحدثٌ لبقٌ.
- مظهري مظهرٌ جميلٌ.
- ملتزمٌ، ومن عائلةٍ ملتزمة.
في مقابل هذه المميزات، توجد عندي نقائصٌ وسلبياتٌ، أهمها:
- قلقٌ وتوترٌ.
- تشاؤمٌ.
- ضيقٌ مستمر.
- ظنٌ سيءٌ.
- نقصٌ في الدافعية.
- تـأنيب ضميرٍ مزعجٍ على ما فعلت، بل قد افترض أموراً لم أفعلها، وأنزعج لتخيلي إياها.
- لا أتحمل الانتقاد.
- انفعالٌ سريعٌ.
- مدمنٌ على العادة السرية، (وأنا أحمّلها كل مصائبي وفشلي!_عزمت على تركها، وبدأت_إن شاء الله_).
- أشاهد الأفلام الإباحية، (عزمت على تركها، وبدأت في التنفيذ).
- أحب العزلة.
- بدايات رهابٍ وخوفٍ، يتجلى بشكلٍ واضحٍ في إمامة الناس في الصلوات الجهرية.
- ضعف الثقة بالنفس.
المطلوب إذا تكرمتم:
1- تشخيص حالتي، ونصحي بالطرق المثلى لتحسين حياتي.
2- وصف الدواء المناسب لحالتي، والذي قد يساعدني في إيجاد بدايةٍ جديدةٍ لحياتي، وقد أعجبت من خلال إطلاعي على استشاراتكم بدواء زولفت، فهل هو مناسبٌ لي؟.
ملاحظة:
سبق لي قبل سنواتٍ أن ذهبت لطبيبٍ نفسيٍ، فوصف لي دواءً (لا أتذكر اسمه)، شعرت بعد أسبوعٍ من تناوله بتشنجٍ عضليٍ ترافق في نهايته بنوبة قلقٍ مع تشنجٍ مؤلمٍ جداً، أشبه ما يكون بالصرع، قطعت الدواء بعدها، ويبدو لي أن ما حصل تأثيرٌ جانبيٌ للدواء).
أسئلةٌ جانبيةٌ:
1-هل للمشاكل الأسرية _بين الأب والأم_ تأثيرٌ على حالة الأبناء النفسية؟
2-هل توجد آثارٌ نفسيةٌ؛ على حياة ونفسية الأبناء، جراء تسلط الأب؟
وتقبل خالص تقديري واحترامي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن سردك لأعراضك جميلٌ جداً، فقد ذكرتَ ما هو إيجابيٌ وما هو سلبيٌ، وهذا أمرٌ جميلٌ جدّاً.
وأعتقد أن حالتك من الناحية التشخيصية هي: القلق الاكتئابي من الدرجة البسيطة، والقلق هو المسيطر وهو المهيمن، أما الجانب الاكتئابي فهو الأقل وهو الأضعف، وأعتقد أن شخصيتك أيضًا تحمل بعض سمات الوسواس، وهذه نعتبرها حالاتٍ بسيطةٍ وحالاتٍ عابرةٍ، ووجود القلق في حد ذاته فيه خيرٌ للناس، لأن القلق يُحسّن الدافعية، من أجل أن يكون الإنسان إيجابيًا ونافعًا لنفسه ولغيره، لكن إذا طفح الكيل وزاد القلق عن حده، هنا يكون معطلاً.
بالنسبة للتأثيرات التربوية: ليس لها نمطٌ واحدٌ حقيقةً، أي مآل التربية السيئة والمشاكل الأسرية في معظمها بالطبع تتعدى إلى عدم الاستقرار النفسي لدى الأولاد، لكن في ذات الوقت نقول أن هذا ليس بالضرورة أن يصيب جميع أفراد الأسرة.
تسلط الأب؛ إن كان هذا حقيقةً فهذا يُحجم البناء النفسي لشخصية الأولاد، مما يجعلهم لا يُقدرون ذواتهم بالصورة الصحيحة، وهذه مشكلةٌ تُشعر الإنسان بالإحباط وبعدم الارتياح.
علاج حالتك، أهم نصيحةٍ سلوكيةٍ هي:
أولاً، أن تركز وتتذكر دائمًا جوانبك الإيجابية، وهي كثيرةٌ جدًّا، ومن خلال هذا التذكر والتمعن فيما هو إيجابيٌ يمكن أن تحصر الفكر السلبي بصورةٍ ممتازةٍ جداً.
ثانياً: هي أن تكون معبرًا عمّا بداخلك، لا تقلق حين تأتيك فكرةٌ، تحدث عنها، لا تكتمها أبداً، التفريغ النفسي وسيلةٌ علاجيةٌ عظيمةٌ جدّاً.
ثالثاً: في موضوع التعامل مع الآخرين: الإنسان يحاول جُل جهده أن يكون ملتزمًا، ويقدر الآخرين من جانبه، لكن في ذات الوقت أنت لست مُجبرًا بأن تفرض منظومتك القيمية عليهم، هذا مهمٌ، وكثيرٌ من النساء الذين يُسيئون التصرف يجب أن نقبلهم كما هم لا كما نريد. هذه حقيقةٌ نفسيةٌ مهمةٌ جدًّا، من يُدركها يُريح نفسه من شرورِ كثيرةِ.
رابعًا: لا بد أن تُعيد النظر في موضوع الدراسة، الدراسة مهمةٌ جدّاً، والمعرفة لا بديل لها، والذي يقوم به الناس في مثل عمرك هو البحث عن العمل، وبجانب العمل ينضم الإنسان إلى مؤسسةٍ تعليميةٍ من أجل مواصلة تعليمه، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا بد أن يراعِ موضوع الزمن للتوفيق ما بين واجبات الدراسة وما بين واجبات العمل.
خامسًا: أنت رجلٌ لبقٌ ومتحدثٌ وحسن المظهر، فأرجو أن تزود نفسك بالمعارف، العلم نور، والإنسان المطلع يتطور معرفيًا، مما يزيل عنه القلق ويسهل عليه الحوارات والتواصل مع الآخرين.
سادسًا: الانفعال السريع، تذكر نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تغضب) كررها ثلاثًا، وأرجو أن ترجع إلى كتاب الإمام النووي الذي يتحدث فيه عن كيفية مداراة ومعالجة الغضب حسب ما ورد في السنة المطهرة.
سابعًا: العادة السرية لا شك أنها قبيحةٌ ومحبطةٌ، تؤدي إلى نوعٍ من انكباب الشخصية على ذاتها، وهنالك شعورٌ بالذنب، هنالك عدم اعتبارٍ للنفس، والخيالات الجنسية في بعض الأحيان تكون مريضةً جدّاً ومذلةً جدًّا، وحين يضاف إليها موضوع مشاهدة الأفلام الإباحية لا شك أن ذلك تعضيدٌ وتقويةٌ للسلوك الخاطئ، فيا أخي، هذه الأمور يجب أن تحسمها، وأن تكون صارمًا مع نفسك، وعليك بالزواج، حتى وإن كانت ظروفك المادية ليست جيدةً، فالزواج هو بابٌ من أبواب الرزق الواسع إن شاء الله تعالى.
تناول الدواء في حالتك مهمٌ، وأنا أقول لك عقار زولفت ممتازٌ جدًّا، وأنت محتاجٌ له في جرعةٍ صغيرةٍ، وهي أن تبدأ بنصف حبةٍ (خمسة وعشرين مليجرامًا) تناولها يومياً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبةً كاملةً، تناولها ليلاً لمدة أربعة أشهرٍ، ثم خفضها إلى نصف حبةٍ يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبةٍ يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، نسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وجزاك الله خيرًا.