مشكلتي أني بثديٍ واحدٍ! فماذا أعمل؟
2013-02-03 13:16:05 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاةٌ، بعمر 20 سنةً، لدي عيبٌ خُلقيٌ وهو أني بثديٍ واحدٍ فقط، ولا أحدٌ يعلم بذلك غير أهلي فقط.
خُطبتُ لشابٍ وليس له علمٌ بهذا، وأخاف أن أخبره بهذا العيب فيفسخ خطوبته مني، ويُفشي سرّي.
علماً بأن هذا العيب لم يؤثر على جسمي، ولا على صحتي، والحمد لله سليمةٌ من كل شيءٍ إلا من هذا الشيء، وأيضاً المنظر ليس مقززاً وليس واضحاً، لذلك لم ينتبه لي أحدٌ مع أنني ألبس ما أشاء، وأنا راضيةٌ ومؤمنةٌ، مع أني أنجرح أحياناً من هذه الفكرة، ولكن لا أريد أن أعمل عملية تجميلٍ، لأنه مهما عملت لن يُصبح كخلقة الله سبحانه وتعالى، وأنا لا أتحمل العمليات الجراحية، وأتشنج من الحديث عنها، لذلك لن أصبح بخيرٍ إذا عملتها.
أرجوكم أفيدوني بالتفصيل، فأنا لا أشكي هذا الهم لأحدٍ حتى لأهلي، أنا أختنق بحقٍ.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إجابة الدكتورة عكاشه:
إن وجود عدم تناظرٍ في حجم الثديين، هو أمرٌ كثير الحدوث, حيث يحدث نموٌ لأحد الثديين بشكلٍ أكبرٍ وأسرعٍ من الآخر في فترة البلوغ, فيحدث بينهما فرقٌ في الحجم بدرجاتٍ مختلفةٍ.
في هذه الحالة يكون هنالك ثديين, لكن حجمهما مختلفٌ, أحدهما أصغر من الآخر, لكن حسب ما فهمت من رسالتك فإن الحالة عندك قد لا تكون كذلك, فأنت تقولين بأن أحد الثديين عندك غير موجودٍ, أو غائبٌ تماماً, وهنا فإن لديك حالةٌ هي ليست عدم تناظرٍ فقط, بل هي حالةٌ تسمى (عدم تصنع الثدي) أو (ضمور الثدي), وهي حالةٌ يكون فيها برعم الثدي ونسيجه الأصلي موجوداً, ولكنه يفشل في التطور والنمو في مرحلة البلوغ لسببٍ ما, وفي مثل هذه الحالات فإنه يجب عمل فحصٍ لمنطقة الصدر كاملةً, لكون هذه الحالة قد تترافق في بعض الحالات (وليس كلها) بغيابٍ لعضلات الصدر الرئيسية, أو غيابٍ للأضلاع في القفص الصدري.
إن هذه الحالة تعتبر سليمةً, ولا تأثير ضارٍ لها على الصحة العامة, ومشكلتها هي مشكلةٌ شكليةٌ وجماليةٌ فقط.
للأسف –يا عزيزتي- لا يوجد علاجٌ لمثل هذه الحالة, إلا العلاج الجراحي التجميلي, وهو حلٌ ترفضينه, وهذا خيارك بالطبع ونحترمه, ولك كل الحرية فيه, فكثيرات مثلك يخترن عدم إجراء العملية الجراحية, ويخترن القبول بأجسادهن, وهذا بنظري هو قمة المنطق والعقلانية, فالإنسان ليس بمظهره, بل بجوهره, فحتى لو امتلك الإنسان جسداً كاملاً وخالياً من العيوب, وحتى لو كان في منتهى الجمال, فهل يضمن بقاء هذا الكمال والجمال للغد؟ الإجابة بالطبع لا, فلو اطلعت حولك لوجدت الكثير من الأحداث, فكم من امرأةٍ تملك ثديين سليمين طبيعيين, فوجئت بإصابتها بسرطان الثدي, مما اضطرها لاستئصال أحد أو كلا الثديين!
لأهوّن عليك المشكلة أقول لك: بأن هنالك بعض التوصيات الطبية الحديثة, تنصح المرأة التي يكون لديها عوامل خطورةٍ للإصابة بسرطان الثدي, باللجوء إلى استئصال كلا الثديين (وليس واحدٌ) في عمرٍ مبكرٍ (في العشرينات غالباً)، وذلك كنوعٍ للوقاية من الإصابة فقط، رغم أن الثديين سليمين عندها, وبالتالي فإن بعض النساء السليمات واللواتي لا يشتكين من أي مشكلةٍ في الثدي، قد بدأن طواعيةً باللجوء إلى عملية استئصال الثدي, كاتباع لهذه التوصية الطبية, ومنهن من هي ملكةٌ للجمال حالياً في إحدى الولايات الأمريكية، وقد اختارت اتباع هذه التوصية, وهي لم تتجاوز بعد الرابعة والعشرين من عمرها, وذلك لإيمان هؤلاء النسوة الشديد بأن الصحة هي أهم بكثيرٍ من الشكل الخارجي.
قصدت من كلامي هذا يا عزيزتي, أن أشجعك, وأن أضم صوتي إلى صوتك, وأؤيد قبولك لنفسك, بل وأحييك على قرارك الشجاع هذا.
أما بالنسبة لسؤالك هل عليك أن تخبري خطيبك بذلك؟ فإني أرى بأن تكوني صادقةً واثقةً من نفسك, وأن تخبريه بذلك, فإن كان خطيبك ممن يهتم بالجوهر وليس بالمظهر, وإن كان يريدك لشخصك, فلن يغير إخباره بهذا الأمر من اختياره في أن تكوني شريكة حياته, بل على العكس سيكبر فيك هذا الصدق, وسيتعلق بك أكثر إن شاء الله, وإن كان العكس, أي كان اهتمامه ينصب على المظهر فقط, فهنا لا أسف عليه, بل عليك أن تشكري الله عز وجل, أن عرفك مبكراً على حقيقة نفسه قبل أن يتم الزواج, لأن من يتعلق بالشكل فقط هو إنسانٌ قد لا تضمني إخلاصه.
أسأل الله العلي القدير أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائماً.
++++++++++
انتهت إجابة الدكتورة/ رغدة عكاشة ـ استشارية نساء وولادة - تليها إجابة المستشار الشرعي/ الشيخ أحمد الفودعي:
++++++++++
مرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يُذهب عنك ما تجدين من الهم والضيق.
اعلمي –أيتها البنت العزيزة– أن ما يُصيب الإنسان من البلاء والمصائب، فيه الكثير من النعم التي قد لا يشعر بها كثيرٌ من الناس، ولو لم يكن من آثار هذه المصائب إلا ما تصنعه في قلوب المُصاب في كثيرٍ من الشعور بالحاجة إلى الله تعالى والافتقار إليه، ثم اللجوء بعد ذلك إلى كثرة سؤاله ومناجاته، فهذا –لو عقلنا– من أكبر نعم الله تعالى علينا فيما يُقدره علينا من المصائب.
نحن نُكبر فيكِ اتخاذك هذا القرار بعدم اللجوء إلى عملية التجميل، وقد ذكرتْ لك الطبيبة ما فيه الكفاية حول هذا الموضوع، ولكن من الناحية الشرعية: يجوز لك –من حيث الجواز الشرعي– أن تُقدمي على عملية التجميل إذا أردتِ ذلك، وليس فيه ارتكابٌ لمُحرّمٍ ما دام لا يضركِ، لأن إزالة العيب الخلقي ليس فيه تغييرٌ لخلق الله تعالى.
من ثم فنحن ننصحك بالمشاورة من أهل الاختصاص، ثم استخارة الله تعالى، فإذا رأيتِ أن عدم الإقدام هو الأولى لك والأنفع، فينبغي ألا تترددي في اتخاذ هذا القرار أو الثبات عليه.
أما إخبار الزوج -أو الخاطب– فإنه ما دام عيبًا ظاهرًا وتخشين بعد ذلك أن يؤثر على استقرار حياتك الزوجية، فنصيحتنا لك ألا تكتمي هذا، وأن تُخبريه إذا أراد ذلك، فكونه يترك الأمر من أوله خيرٌ لك من أن يفارقك بعد ذلك، وينشأ عن ذلك الفراق أنواعٌ من الآلام، كتضييعٍ للأبناء إن حصلوا، أو نحو ذلك.
ليس في هذا ما يُنقص منك، وقد يُيسر الله تعالى لك من يرغب فيك لشخصك –كما أشارت لذلك الطبيبة– ولكن إذا رأيت أن هناك إحجامًا، أو كنت تتخوفين من عدم إقبال الناس على خطبتك لسبب هذا، فنصيحتي لك بأن تُعيدي النظر والمشاورة لأهل الاختصاص في مدى نفع إجراء عملية تجميلٍ لذلك.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُقدر لك الخير حيث كان، وخير ما نوصيك به: تقوى الله سبحانه وتعالى، واللجوء إليه، والاعتقاد الجازم بأنه سبحانه وتعالى لن يضيعك، وأنه سيقدر لك الخير حيث كان، فإنه من يتقي الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب.