لساني سبب تعاستي...التأتأة وآثارها
2013-03-12 06:17:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته.
أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأود أن أعرض عليكم مشكلتي، وهي التأتأة في الكلام.
بعض الأوقات أشعر أني أكره نفسي، وأكره حياتي وأكره لساني، فلماذا أنا هكذا؟!
التأتأة تصاحبني منذ الصغر، لكن كانت هناك فترة من فترات حياتي اختفت فيها التأتأة نهائياً، وكانت لدي ثقة قوية في نفسي؛ والسبب على حسب توقعي يرجع إلى أني كنت ملتزمة بقراءة وحفظ القرآن الكريم.
في سن الحادية عشرة وبسبب ظروف خاصة توقفت عن حفظ القرآن، وكان أسوأ قرار اتخذته في حياتي؛ لأنه غير حياتي بشكل سلبي، وعادت إلي التأتأة من جديد، ومنذ سن الحادية عشرة وإلى الآن وأنا أعاني من هذه المشكلة، وقد أثرت على حياتي الاجتماعية، وعلى علاقاتي بشكل سلبي كبير، فأصبحت انطوائية، ولا أحب الاجتماعات والجلوس بين الناس في السهرات أو المدرسة أو ما شابه.
بسبب هذه المشكلة قلت ثقتي بنفسي بعد ما كنت واثقة من نفسي في الصغر، وأصبحت غير قادرة على الاعتماد على نفسي، مع أني من الأشخاص الحريصين جداً، ومن الذين يعتمد عليهم، ومن المتفوقين دراسياً، فأنا أرسلت في بعثة إلى الخارج، والآن أدرس في كندا -ولله الحمد-
دائماً أحاول أن لا أركز على هذه النقطة التي سودت حياتي، وأحاول أن أفكر إيجابياً، وبدأت أواصل حفظ القرآن الكريم؛ لأنني أعتقد أنه هو الحل، لكن التأتأة لا زالت مصاحبة لي!
أعتقد أن لساني هو سبب تعاستي، فسبب لي الإحراج أمام الآخرين، فالأصل في شخصيتي أنني واثقة من نفسي، ولا أهاب التحدث أمام الآخرين، وهكذا كنت في الصغر عندما اختفت التأتأة عني، لكن الآن التأتأة هي السبب.
دائماً أدعو وأقرأ القرآن لحل هذه المشكلة، لكن دون جدوى! وأحياناً أشعر أني غاضبة من الله، وغاضبة من هذا القدر المزعج، والذي يسبب لي الاكتئاب والانطوائية والنقص!
ربما أني بالغت في الحديث عن هذه المشكلة، لأنها ليست تأتأة ملحوظة بشكل قوي، بل إنها ملحوظة لمن يتواصل في الحديث معي بشكل مستمر، وهذا لا يزال يزعجني؛ لأنني أريد أن أخدم الأمة الإسلامية بعلمي، وهذا هو هدفي، ولكن لكي أحقق هذا الهدف لابد من التواصل الاجتماعي، والرضا عن الذات والثقة بالنفس.
أنا عكس ذلك، ليس لأن شخصيتي هكذا بل من لساني، أعيش وحيدة في كندا، وليس لدي أي تواصل اجتماعي خارج نطاق الدراسة أو الجامعة، وهذا يشعرني بالوحدة والكآبة والنقص.
غالباً لا أريد أن أتواصل مع الآخرين؛ لأنني لا أريد الإحراج لنفسي، وهذا يزعجني جداً، وأحياناً أفكر بالانتحار بسبب هذه المشكلة.
لماذا ربي يعاقبني عن قرار اتخذته، وهو ترك حفظ القرآن وأنا في الحادية عشرة غير بالغة غير راشدة لا أفقه ما أفعل؟!
أرجو المساعده والنصيحة، ولكم خالص الشكر والتحية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maram حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.
شخصيتك العلمية، والمثابرة، والمتميزة، والمتفوقة، يجب أن تقبل -حقيقة- بابتلاء بسيط مثل هذه الابتلاء الذي تعانين منه، فقد أزعجني كثيراً تذمرك الواضح من موضوع التأتأة، والذي أوصلك لدرجة التفكير في الانتحار، وتساؤلك "لماذا ربي يعاقبني عن قرار اتخذته؟".
أيتها الفاضلة الكريمة، لا تنظري للأمور بهذا المقياس وأنه عقاب من الله، فالكافرين يتمتعون في هذه الدنيا والنار مثوى لهم، فأرجو أن تصححي مفاهيمك، وأنت -إن شاء الله- على الخير ما دمت من الأمة المحمدية العظيمة، وقاعدتك القرآنية ما زالت موجودة.
على العكس تماماً أنت الآن وفي تلك البلاد في كندا حين تثابرين على حفظ القرآن هذه قيمة عظيمة جداً، وأمر جميل، وهذا يجمل شخصيتك، ويعطيك الثقة في نفسك، فسيري في هذا المنوال.
بالنسبة لموضوع التلعثم والتأتأة، وما أثارها لديك من قلق وتوتر وشيء من الوسوسة، هذا يمكن احتواؤه تماماً.
تواصلي اجتماعياً على الأقل مع زميلاتك في الدراسة، وأنا أقول لك وبفضل الله تعالى: إن الناس في الدول الغربية لا تستهزئ ولا تستحقر ولا تستصغر من يتلعثم أو يتتأتأ، على العكس تماماً يوجد منهم كل التقدير والاحترام، ولا يشعرونك بأنك صاحبة علة أبداً، فأنت تجدين في تلك البلاد حتى المعاق لن يقبل أن تفتح له الباب مثلاً حتى تسهل له أمور خروجه من مكان ما.
أنت الآن تعيشين في بيئة ومحيط يخلصك تماماً من هذه اللعثمة، والتي توصف بأنها بسيطة وبسيطة جداً، إذاً تركيزك حولها وقلقك حيالها وتوقعك هو الذي أدخلك في هذه الإشكالية الوسواسية.
أقول لك: لا تحزني، وأرجو أن يكون الكتاب المنسوب إلى الدكتور عائض القرني معك، اقرئيه، واطلعي عليه وتصفحيه؛ ففيه كلام جيد، كلام راق وعلى مستوى معرفي جميل، وهنالك كتاب آخر لـ"ديل كرنيه" تحدث عن كيفية التخلص من القلق، فإن تحصلت عن الكتاب فجيد، وإن كان كتاب الشيخ عائض القرني في نظري كاف تماماً.
أيتها الفاضلة الكريمة، انظري إلى المستقبل بإيجابية، وأنا أقول لك: إن حفظ القرآن ومراجعته مع إحدى الحافظات، هذا يسهل لك كثيراً عملية الانسياب، والانطلاق اللغوي السلس والجميل.
دائماً تصوري نفسك أنك متفوقة -وأنت بالفعل متوفقة- وتخيلي نفسك أنك فصيحة -وأنت بالفعل فصيحة- ولا تقبلي أبداً بالشعور بالدونية؛ لأن حياتك ليس فيها دونية أبداً، واجتهدي في دراستك حتى تكوني من المتميزين.
أيتها الفاضلة الكريمة، هنالك عقار يُسمى باكسيل [Paxil] اسمه العلمي هو باروكستين[Paroxetine] هو علاج جيد جداً للقلق والتوتر، خاصة الخوف التوقعي الاستحواذي مثل النوع الذي تعانين منه.
هذا الدواء وبجرعة صغيرة جداً سوف يفيدك كثيراً، والجرعة هي (10) ملجم فقط، علماً بأن جرعته هي إلى 6 ملجم في اليوم، تكفيك تماماً، تناوليها لمدة 3 أشهر، ثم اجعليها (10) ملجم يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وأنا واثق تماماً أنه -وبإذن الله تعالى- أمنيتك العظيمة سوف تحقق كلها، وأيضاً قاعدتك القرآنية، فواصلي المشوار، وتفوقي دائماً في علوم الدنيا، فهي وسيلة لخدمة هذه الأمة -بارك الله فيك- وجزاك الله خيراً.