الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ saifeddine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
رسالتك مقتضبة ومختصرة جدًّا، والذي فهمته منها أنك تعاني من وسواس، وقد أرهقك هذا الوسواس، وذهبت إلى الطبيب وأعطاك العلاج الدوائي، ولم يقم بالتوجيهات الأخرى للتخلص من الوسواس.
أيها الفاضل الكريم: أولًا: لا بد من التأكد من قصدك بالوسواس، فهذا الأمر يختلط على كثير من الناس، فالوسواس قد يكون فكرة متسلطة على الإنسان، وكثيرًا ما تكون محتويات الوساوس في منطقتنا دينية أو جنسية أو وساوس مخاوف، وفي بعض الأحيان تكون الوساوس أفعالًا وطقوسًا، كأن يميل الإنسان – مثلًا - إلى النظافة الشديدة، أو الشك في الطهارة والوضوء والصلاة، وقد تكون الوساوس مخاوف عامة أيضًا.
فهنالك إشكالية أساسية في التشخيص؛ لأنك لم توضح طبيعة ما تعاني منه، لكن إذا كان الطبيب النفسي قد ذكر لك أنها وساوس قهرية، فهذه علاجها معروف، أما إذا كان المرض مرضًا آخر - حيث إن بعض الحالات النفسية الأخرى قد تشتبه وتتشابك وتتداخل مع الوساوس القهرية - فبعض الناس تأتيهم أفكار غريبة، وشكوك شديدة، وتأتيهم هلاوس سمعية أو بصرية، ويسمون هذه وساوس، وهذه ليست بوساوس، بل ذلك مرض آخر.
فيا أيها الفاضل الكريم: التحقق مطلوب، وقناعاتي التامة أن الأخ الطبيب أدرك ما بك -إن شاء الله تعالى– لأن تشخيص هذه الحالات ليس صعبًا بالنسبة للأطباء النفسيين المقتدرين.
أنا أعتقد أن حالتك هي وسواس قهري، وربما تكون وساوس أفكار أو وساوس أفعال، أو مخاوف، أو صورة ذهنية، حسب ما هو لديك, ومبادئ العلاج واحدة، وهي:
أولًا: الوسواس يجب أن يُحقَّر تحقيرًا تامًا، فلا تقم بمناقشته أبدًا، بل أغلق أمامه الباب، ولا تتبع الوسواس أبدًا، وهنالك نوع من الوساوس يمكن للإنسان أن يحصن نفسه ضدها بالتدريج، فمثلًا وساوس الخوف من الأوساخ لا بد للإنسان أن يكون في احتكاك مع الأوساخ أصلًا، كأن تضع يدك في مكان غير نظيف ثم لا تغسلها مباشرة، بل تقوم بغسلها بعد خمسة دقائق – مثلًا - مع ضرورة تحديد كمية الماء الذي تقوم باستعماله، أي أن تغسل يدك مرة أو مرتين أو ثلاث من كوب, وليس من صنبور الماء.
تحديد الماء مهم جدًّا لعلاج وساوس الوضوء, والتأكيد على النفس أن الإنسان قد قام بالفعل, فهذه كلها علاجات، وهنالك علاجات أخرى.
تمارين الاسترخاء أيضًا تعتبر مهمة جدًّا، وأهميتها تأتي من أن الوساوس في أصلها قلق، والاسترخاء ضد القلق، وبهذه المناسبة يمكنك أن تسترشد وتستفيد من استشارة بموقعنا - إسلام ويب - تحت رقم: (
2136015) بها الكثير من التوجيهات البسيطة والمفيدة لعلاج القلق والتوتر.
هنالك أيضًا سلوكيات مهمة لمحاصرة الوساوس وهزيمتها، وهذه السلوكيات يصل إليها الإنسان من خلال تغيير نمط حياته، بأن تكون الحياة مفعمة بالأنشطة, ولا يوجد فيها فراغ، وأن يفكر الإنسان بصورة تجعله نافعًا لنفسه ولغيره، مع ضرورة إتقان وإنجاز ما تقوم به - دارسة كانت أو عملًا - وهكذا فهذه وسيلة علاجية مهمة.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي: فالأدوية التي تعالج الوساوس الآن كثيرة جدًّا - والحمد لله تعالى -، فهنالك ستة أو سبعة أدوية فعالة، لكن الإشكالية تأتي من أن الناس – أحيانًا - لا تتناول الجرعة الصحيحة، ولا تصبر على الدواء حتى يُكمِل بناءه ودورته العلاجية الصحيحة، وهنا نقول: إن التمسك بالجرعة السليمة الكافية للمدة المطلوبة مهم جدًّا، والعلاج له مراحل، فهنالك مرحلة البداية – أو مرحلة التمهيد – وهذه تكون الجرعة صغيرة، بعد ذلك ينتقل الإنسان إلى الجرعة العلاجية، ثم بعد أن يكملها يأتي لجرعة الوقاية والاستمرار، ثم التوقف التدريجي عن الدواء, فهذه هي الأسس الصحيحة التي يجب أن تتبعها.
وإن شئت أن تفيدنا بأي نوع من التفاصيل, فلن نبخل عليك أبدًا بما يفيدك -إن شاء الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا, وأسأل الله لك العافية والشفاء, والتوفيق والسداد.