أتكلم مع نفسي كثيراً بصوت مرتفع، ساعدوني للتخلص من هذه العادة
2013-06-13 01:12:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
منذ كنت في الصف الرابع الابتدائي بدأت معي حالة أني أتكلم مع نفسي، وأضحك وأعيد أحداث اليوم لنفسي وأكررها كأني أعيشها الآن، وأحياناً أتخيل أشياء وكأني أعيشها، وأتسلى مع نفسي، وأحياناً إذا كنت متضايقة من شخص أتكلم مع نفسي بصوت مرتفع وأعاتبه وكأنه أمامي.
أنا سليمة -ولله الحمد- وعقلي ليس به شيء، ولا أفعل هذا الأمر إلا إذا كنت وحدي، أما أمام الناس فأنا -ولله الحمد- طبيعية، لكن ما سبب هذه الحالة النفسية التي أشعر بها؟ لا أريد أن أتحدث مع نفسي كالمجنونة لأنه أحياناً يدخل عليّ شخص فجأة وأحرج، وأتمنى لو لم يرني بهذه الحالة.
أكثر حالة أتعبت نفسيتي هي طلاق والديّ، وابتعاد أمي لأربع سنوات، بكيت في البداية وحزنت لكن عادت لي أمي 3 سنوات، ثم بعدها تطلقت، والآن انتقلت لمدينة أخرى كالسابق، صحيح أني في البداية حزنت لكن تأقلمت على الوضع، لكن هذه الحالة النفسية لم تذهب، وأنا لا أريدها لأن الناس لو رأتني تظنني مجنونة.
ولا أشعر برغبة في مصادقة الناس وأكتفي بصديق واحد أو اثنين، ولا أبادلهم مشاعر حميمة بل أنا قمة البرود، ولا أهتم إذا أخذ شخص في خاطره مني لكني أتأسف وأعتذر، وأحاول أن لا أوضح له بأنه لا يعني لي شيئاً، لأن ديننا يأمرنا بالأخلاق الحسنة، ولابد أن أفعل ذلك حتى لا يكرهني الناس، وأنا والله لا أكرههم لكن رغماً عني لا أشعر تجاههم بأي محبة، وشعوري تجاههم بقمة البرود، ومرات تأتيني رغبة بالاهتمام بأصدقائي أو التعرف على أشخاص جدد، وسرعان ما تتلاشى هذه المشاعر وأفضل الصمت والهدوء وتجنب الناس، ويحكمني مزاجي كثيراً، نادراً ما أشعر بانبساط فأغلب أوقاتي صامتة، علماً أني لم أكن هكذا من قبل، وجاءتني هذه الحالة في الثالث المتوسط، كنت أحب الناس وأبادلهم مشاعري، الآن لا أهتم لشخص أياً كان، يذهب من يذهب ويأتي من يأتي.
أنا مرتاحة –والحمد لله- ولكن الناس تلاحظ عليّ أحياناً هذا الشيء، ولا أريد منهم أن يكرهونني، وأنا يحصل معي هذا البرود رغماً عني، كيف أتخلص منه وأعيش طبيعية مع الناس وأعطيهم حقوقهم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سومي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكراً لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.
لولا تأكيدك لي بأنك "ولله الحمد طبيعية" لنصحتك بمراجعة طبيب نفسي لمحاولة التعرف على ما يجري، ولينصح فيما إذا كانت هناك حاجة للعلاج.
وربما سؤال أساسي هنا أسأله لك وهو: عندما تتحدثين مع نفسك، فهل هناك في أوقات تسمعين فيها جواباً لكلامك؟ أو تسمعين صوتاً يتحدث معك، ويتجاوب مع حديثك مع نفسك؟ وأنا أفترض أن جوابك بالنفي، وإلا فإذا كنت تسمعين جواباً لحديثك مع نفسك، فإني أنصح بالأمر الذي ذكرته في الأعلى، وجيد أنك لا تحدثين نفسك أمام الناس، وإلا فلا أحد يلومهم إذا افترضوا أموراً أخرى.
وبعض ما ورد في أسئلتك يعتبر أمراً طبيعيا، وتختلف من إنسان لآخر، من مثل أنك تكتفين بصديقة أو اثنتين، فهذا حال الكثير من الناس، ولاشك أن الكثير مما ورد في سؤالك له علاقة بحالة الطلاق التي حصلت بين والديك، ومن ثم افتقادك لأمك لبعض الوقت، والآن مجدداً، ولاشك أن هذا يؤثر كثيراً وخاصة في فتاة في عمرك الآن، أو عندما كنت في الثالث المتوسط وأنت في مرحلة المراهقة.
إن في انتباهك لسلوكك في الحديث مع نفسك بشكل غير مألوف عند معظم الناس، هذا الانتباه هو المرحلة الأولى لتغيير الحال، وكتابتك لنا في هذا الأمر دليل على هذه الرغبة في التغيير، ومما لاشك فيه أن هذا التصرف عبارة عن سلوك متعلم مكتسب، وهذا يعني أنه يمكنك أيضاً إزالة هذا التعلم، وتعلم مكانه سلوكاً آخر أكثر صحية، وقد يصعب عليك أن تتوقفي فجأة عن هذه "العادة" من حديث النفس، وربما الأفضل والممكن هي محاولة تحديد الأوقات التي تختلين فيها مع نفسك، وتقومين بحديث النفس هذا، وليكن مثلاً مرتين في اليوم، في الصباح الباكر وآخر الليل وقبيل النوم، وستلاحظين من خلال الوقت أن شعورك بهذه الحاجة قد بدأ يخفّ، وربما تقتصرين على هذين الوقتين، وبعد مدة شهر أو شهرين تحاولين أن تفعلي هذا لوقت واحد، وهكذا حتى تزول عندك الحاجة الشديدة لحديث النفس هذا.
طبعاً ليس هناك إنسان لا "يحدث" نفسه في أموره الخاصة، ولكن عادة ما يكون حديثاً صامتاً، وكأنه نوع من التفكير والتأمل، فهذا أقرب للشيء "الطبيعي"، وإن لم يكن هناك شيء اسمه الأمر الطبيعي، والأمر يختلف من شخص لآخر، وهناك بعض الناس عندهم عادة أن "يفكر بصوت مرتفع" ولو حتى أمام الناس، وكان عندي في الماضي صديق خبير في إصلاح الأدوات الالكترونية والسيارات، وكان وهو يقوم بعمل ما يفكر بصوت مسموع بالخطوات الي سيقوم بها في أداء عمله، كأن يقول مثلا "والآن سأحاول قطع هذا السلك، ووضعه هناك.." ولم يكن أحد يستغرب منه هذا العمل، فهذا أيضا خيار متاح لك.
وحاولي أيضا أن تتواصلي مع أمك، فهذا مما سيريحك كثيراً، ويشجعك أكثر وأكثر على التواصل مع الناس الآخرين، ولم يعد أمر التواصل بالصعب في هذه الأيام.
وفقك الله، ويسّر لك الخير.