أجلد ذاتي وأخاف رد فعل الناس في تصرفاتي!
2024-01-16 00:00:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
بداية: أشهد الله على نفع موقعكم، فجزاكم الله خيرًا.
أنا شاب أبلغ 24 من عمري، حياتي من الناحية المادية جيدة جدًا -ولله الحمد-، وقد كانت حياتي على ما يرام تقريبًا حتى حدث لي حدث كبير، وبعد التعمق في الحالة تبين أن ما حدث كان أول نوبة هلع في حياتي، استمرت بعدها، والآن أعاني من النوبات لمدة سنتين حتى قررت علاجها، -والحمد لله- استطعت التخلص منها بنسبة 99٪.
بعد ذلك اكتشفت أن شخصيتي قلقة جدًا، فأنا أميل للتحليل الدقيق للأمور، ولا تفوتني شاردة ولا واردة، طموحي عال جدًا في كل مجال أدخله.
بعد حدوث النوبات أصبت بالخوف الشديد من الموت مما دفعني إلى إعفاء لحيتي وتقصير ثوبي لإحساسي بقرب الموت، وكان كل من أعرفه يقول لي: أنت من الأصل مستقيم وأخلاقك عالية، والذي اختلف مظهرك الخارجي فقط.
دكتور: منذ سنة أفكر في تخفيف لحيتي فقط دون العبث بالثوب، لكنني أخاف جدًا من ردة فعل الناس، وأفكر لو أنني قصرت لحيتي سوف يتحدثون عني، وإذا شاهدوني سوف يسألونني، وسوف أكون محط النظر دومًا، هناك من سأخذله، وهناك من يتحين الفرصة للنقد.
والدي شديد جدًا في النقد، ويعلق وينتقد أبسط الأشياء رغم أنه يحبنا، لكن تعامله معنا تسلطي جدًا، فقد ذقت الويل حين أعفيت لحيتي، فقد كان يستهزئ دومًا بي وبمظهري وبمشايخي، وإذا نمت عن الصلاة يضحك عليّ، ويقول: "ما شاء الله شيخ، وينام عن الصلاة".
دكتور: والدي يتسلط علينا، فهو الذي يختار مواعيد نومنا، وهو الذي يختار وظائفنا، بل حتى الكتب التي أقرؤها يعلق عليها، ودائمًا نقده يشمل السخرية والضحك، ولست وحدي من أشتكى من ذلك، فأمي وبقية إخواني يشتكون من ذلك.
أعاني أيضًا من الشعور بالذنب دائمًا، فعندما أخرج من المجلس الذي أجلس به يوميًا مع أصدقائي يبدأ جلد الذات، كأن أقول ماذا قدمت اليوم؟ لقد ذهب وقتي سدى.
دائمًا ما يستغل الشيطان وازعي الديني العالي، فيقول لي: ربك غير راض عنك، أنت مقصر، أنت بعيد عن دينك، وهذا يؤلمني جدًا.
أنا أعاني من تحقير الذات، وقلة حبها رغم أنني أعلم أن شخصيتي مميزة، فكثير من أصدقائي يقولون لي أنت أفضل شخصية نعرفها في حياتنا، أنت نادر جدًا.
دكتور آسف جدًا على الإطالة، لكن صدري ممتلئ، وبعد الله -عز وجل- أنتم ملجأ لي وحضن دافئ.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بندر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً ومرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى من الله الكريم أن يكرمك في الدارين.
أولاً: الحمد لله على سلامتك وتخلصك من نوبات الهلع، وهنيئاً لك بطاعتك وبرك لوالديك والتزامك بالتعاليم الدينية السمحاء.
ثانياً: نقول لك كل إنسان معرض للخطأ، وهذا ليس عيباً، إنما العيب هو أن نتمادى في الخطأ، ولا نرجع للصواب.
وأيضاً كل إنسان له جوانب ضعف وجوانب قوة وسلبيات وإيجابيات، والإيمان يزيد وينقص، ورب ضارة نافعة والمصائب والابتلاءات قد تأتي بالخير للمؤمن، كما جاء في الحديث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له) وقد ينصلح حاله بعدها، ويكون أقرب للمولى -عزّ وجلّ- وأكثر استقامة بفعله للطاعات وتجنبه للمنكرات.
ولتكن عبادتنا خالصة لله سبحانه وتعالى من غير سمعة ولا رياء، وليكن همنا هو إرضاء الخالق وليس المخلوق؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس) أخرجه الترمذي وابن حبان.
ولنكن مقتنعين بأقوالنا وأفعالنا غير ملتفتين لتعليقات الناس من حولنا ما دامت أفعالنا مطابقة لما جاء به شرعنا الحنيف وديننا القويم، فستقوى شخصيتنا ويرتاح بالنا.
نقول لك -أخي الكريم-: احرص على رضا الوالدين، واصبر على كل صغيرة وكبيرة تصدر منهما، فستنال -إن شاء الله- الأجر العظيم، وتنفتح لك أبواب الرحمة، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان، فهم لا شك يحبون لك الخير ويتمنون لك التقدم والرفعة، فكن عند حسن ظنهم بك، وأحيانًا يكون امتحان المؤمن في والديه، وهو من أصعب أنواع الامتحانات.
لا تقلل من شأنك ومن قيمتك، فأنت بالله أقوى، وأنت بالله أعزّ وأرفع، وتذكر حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا، فقال: (يا غلام، إني أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأُمة لو اجتمعوا على أَن ينفعـوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
لذلك -أخي الكريم- حاول أن تضع لك خطة واضحة لحياتك ومعايير ومقاييس مستمدة من الكتاب والسنة -فالحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات-، وستشعر بالرضا عن أفعالك، ولا تندم على ما فعلت -إن شاء الله-.
أعزك الله ونور طريقك.