مزاجي ينقلب فجأة من سرور إلى حزن، وأعاني من الهلع
2013-11-14 00:10:57 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فموضوعي طويل ومعقد قليلا، أتمنى أن تصبروا علي وتفهموني جيدا.
أنا شاب عمري 27 سنة، أعاني من مشكلات نفسية متعددة، أهمها: الاكتئاب واضطراب المزاج (ثنائي القطب)، مزاجي ينقلب فجأة من سرور إلى حزن شديد، وكذلك أحيانا وسواس قهري وهلع.
وأخيرا على ما أعتقد أنه ذهان أو فصام، وأعراضه كما يلي:
أكره إخواني وأهلي، وأعتقد أنهم يحاولون اضطهادي، ويتسلطون علي.
ضلالات بصرية مثلا: أعتقد أن أحدا واقف عند الباب، وعندما ألتفت لا أرى أحدا، وكذلك قبل فترة منذ سنة ونصف كنت أعتقد أن أحدا يراقبني.
ذهبت إلى طبيب نفسي مرة واحدة، واشتكيت له فقط من الاكتئاب، وقلة النوم ليلا، وصرف لي بروزاك 20مل، وسيروكويل 100 حبة في اليوم مساء.
وبسبب غلاء مصاريف العيادة انقطعت عنها مرغما، الآن توقفت عن العلاج لأنني قررت الاستشارة الطبية.
أتمنى أن أجد منكم التشخيص المناسب، وجزاكم الله خيرا على ما تقومون به لخدمة الناس، وأن لا يحرمكم الأجر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اطلعتُ على رسالتك، وهي رسالة بسيطة وليست طويلة، فلا تنزعج.
أنت ذكرت مجملا من الأعراض، كما أنك أدخلت بعض المسميات الفنية لأمراض نفسية معروفة، لا أريدك (حقيقة) أن تُلصق بنفسك هذه المسميات كالـ (الفصام – الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية) إلا إذا أخبرك الطبيب بذلك.
هنالك تداخلات كثيرة جدًّا في الأعراض، هنالك تفاصيل لا يعرفها إلا المختص، ولن يكون من مصلحة الإنسان أبدًا أن يسمي نفسه بمسميات قد لا تكون صحيحة، وقد لا يكون العلاج صحيحًا، فالحالات من مثل حالتك والتي تتداخل فيها الأعراض يفضل أن يُتخذ فيها قرارًا فنيًّا علميًا بواسطة طبيب مقتدر، وذلك بعد أن يقوم بفحصك.
أما من حيث مساهمتي - أيها الفاضل الكريم – فأنت لديك بعض الأعراض الظنانية الشكوكية، ليست شديدة أو مُطبقة.
الأمر الآخر: لديك أعراض وسواسية، ويأتيك تأرجح أو عسر في المزاج من هنا وهناك.
الطبيب الذي قام بإعطائك البروزاك وكذلك السوركويل، أعتقد أنه قد أحسن الاختيار؛ لأنه رأى أن حالتك تحمل مكونات متعددة لكنها حالة بسيطة، بمعنى: أنه لا يوجد عرضًا جوهريًا يوفي بالمعايير التشخيصية المطلوبة لتشخيص مرض ما، مثلاً: بالرغم من الشكوك التي تعاني منها واعتقادك أن أحدًا يراقبك، هذا لا يكفي أن نقول: إنك تعاني من مرض الفصام.
ما أسميته بالضلالات البصرية: هو غالبًا نوع من الوسواس أكثر من أنه هلاوس بصرية، ولذا حاول الطبيب أن يتصيد كل الأعراض التي تعاني منها؛ لأن السوركويل مضاد للشكوك وللظنان ومحسن للمزاج ومحسن للنوم، أما البروزاك فهو مضاد للوساوس ومحسن للمزاج.
أعتقد أن هذا الأخ الطبيب - جزاه الله خيرًا – قد أحسن الاختيار، ولذا أنا أرى أن تذهب وتقابله لمرة واحدة فقط، وتكون صريحًا معه، وتسأله عن تشخيص حالتك، وعن الخطة العلاجية، وتقول له: (إنني لن أستطيع أن أحضر إليك مرة أخرى؛ لأني لا أستطيع أن أدفع مصاريف العيادة) وكثير من هؤلاء الأخوة الأطباء فضلاء وكرماء ويقدرون ظروف الناس.
فيا أخِي الكريم: يجب ألا يكون عدم تمكنك من دفع قيمة الكشف سببًا في أن تُحرم العلاج، الدنيا بخير، وحالتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة، وسوف يتم علاجها بصورة طيبة جدًّا، والمملكة العربية السعودية أيضًا - بفضل الله تعالى - بها الكثير من المستشفيات الحكومية التي تُقدم علاجًا مجانًا، خاصة في مجال الطب النفسي.
وأريد أن ألفت نظرك لملاحظة أو حقيقة علمية مهمة جدًّا، وهي: أن التدخل العلاجي المبكر لهذه الحالات النفسية وعدم تأجيلها هو أمر جوهري مهم وضروري، ودراسات كثيرة أشارت إلى أن الذين يتناولون علاجهم في بدايات المرض، ويلتزمون باتباع الإرشاد الطبي وتناول الدواء، دائمًا – وبفضل من الله تعالى – تكون نتائج العلاج ناجحة ومشجعة جدًّا، وغالبًا يعيشون حياة طبيعية.
فيا أخي الكريم : يجب أن تأخذ نصيحتي هذه مأخذ الجد، ومن الواضح لي أنه - إن شاء الله تعالى – حالتك سوف تستجيب للعلاج بصورة ممتازة جدًّا، وحتى إن كنت لا تستطيع شراء السوركويل – لأنه أحد الأدوية المكلفة نسبيًا – يمكن للطبيب أن يعطيك دواء آخر رخيصا مثل: دواء (استلازين) أو (رزبريادال) بجرعات صغيرة، فالحلول موجودة ومتوفرة جدًّا.
أما الجانب الآخر الذي دائمًا أحرص على النصح به هو: أن يعيش الإنسان حياة طبيعية مهما كانت الأعراض، الأعراض ليست إشكالاً في حد ذاتها، حتى المسميات الفنية أنا لا أعتبرها مشكلة، إنما المفيدة للإنسان أن يعرف أهمية العلاج وفي ذات الوقت يجب أن يؤهل نفسه، ولا يعامل نفسه كشخص معطل أو شخص معاق، أو أنه لا يملك المقدرات التي يملكها الآخرين، لا، يجب أن تعيش حياة طبيعية على مستوى التواصل الاجتماعي، على مستوى الاطلاع، القراءة، مشاركة الناس، الحرص على الصلوات في المساجد، وحضور مجالس العلم، الاجتهاد في العمل، الاجتهاد في الدراسة بالنسبة للطلاب (وهكذا).
هذا جزء علاجي أساسي، والآن هنالك تركيز كبير جدًّا على هذا الجانب – ما يسمى بالجانب التأهيلي – خاصة في الدول الغربية، ونحن هنا نحاول بقدر المستطاع أن نقنع إخوتنا من أصحاب هذه العلل النفسية ألا يتقاعسوا، أن يطوروا مهاراتهم، وألا يعاملون أنفسهم كمعاقين، وعلى الأهل أيضًا تركيز هذا المفهوم أيضًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.