أعاني من شخصية اكتئابية وحساسة... فما العلاج؟
2014-01-20 04:26:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب جامعي, أعاني من الاكتئاب منذ أن كان عمري 17 عاما، كانت البداية التي أحسست بها بهذا العرض منذ نشأة الطفولة, كنت أعاني من الشخصية الحساسة, شخصية يغلب عليها الانعزال والخوف اجتماعيا؛ لكوني شخصية ضعيفة, وفي سن العاشرة بدأت أتغير شيئا فشيئا, حتى أصبحت شخصيتي اجتماعية جدا, مع تحسن دراستي خلال سنوات المتوسطة, وكانت الأمور أفضل ما في السابق.
لكن ما زلت أعاني من مشكلة الشخصية الضعيفة تقريبا, مع كتمان كل ما يحدث لي داخل نفسي, ليس هذا فحسب؛ كنت أتحمل المسؤولية الكاملة في المنزل, حتى وإن وجد من يساعدني, فأنا أتحمل الجزء الأكبر بصبر كبير.
مع بداية سنة 17 عاما بدأت أحس بالاكتئاب, وبضيق في الصدر, ولكن كان شيئا بسيطا, وتزايد اكتئابي مع مرض والدتي, فأصبح تعاملها معي أسوأ, وكنت أكتم ما في داخلي, ولا أستطيع حتى أن أقول أي شيء.
ومع دخولي آخر سنة في المرحلة الثانوية بدأت أشعر بعدم المبالاة, وأشعر بضعف العزيمة, وأقول: لو تخرجت بنسبة عالية أو منخفضة فلن يكون له اهتمام عندي.
علما أن لدي طموحا في تخصص معين، وقد شعرت وقتها بأن لا حيلة لي, ولن يفرق معي إن دخلت الطب أو خرجت, فالحياة لم تعد سعيدة كما كانت قبل.
تحسنت حالتي خلال السنة, وبدأت أشعر بتحسن أفضل, ولكن قد أضعت الكثير, فتخرجت بنسبة لم تكن مناسبة لدخولي التخصص المناسب, وقد ضقت ذرعا أكثر وأكثر, وبدأت أشعر بأني فاشل, واضطررت لدخول تخصص غير مناسب, وزادت حالتي الاكتئابية أكثر.
اعتكفت على الإنترنت لفترة طويلة, وتعرفت على فتاة, وبدأت تهتم بي, وتتصل, وأتكلم معها الليل والنهار, وشعرت أني لا أستطيع تركها, وزادت شخصيتي سوء وحساسية, وأصبت بالقولون العصبي, ولكن -ولله الحمد- يسر الله لي قطع علاقتي بعد أن تزوجت هذه الفتاة, وبدأت بالانشغال؛ فاستطعت أن أتركها.
بعد فترة تيسر لي أن أدخل تخصصي المناسب, ولله الحمد, وأحسست أن حالتي تحسنت, وأمور والدتي تحسنت, ولكن ما زالت بي بعض أعراض الاكتئاب, لكن كل ما مرت بي الذكريات شعرت باكتئاب كبير, وأشعر بندم على ما فات, وتغيرت شخصيتي أكثر عندما تعرفت على فتاة.
أشعر بالضعف, انعدمت ثقتي إلى حد ما, حالتي ولله الحمد أفضل من قبل, ومع ذلك لم أعد أشعر بالراحة التامة, وتأتيني الذكريات من فترة لأخرى, ويعتصرني الندم على ما ضيعت, وعلى تصرفي في كل الأمور.
أشعر وكأني في حالة تعب من الماضي, وكأني أحتاج إلى وقت راحة طويلة بدون أي ضغوط من هذه الحياة حتى أعود للسابق.
همتي في دراستي لم تعد كما في السابق, وثقتي أقل مما في السابق, وأتأثر بأي مشكلة أو عثرة, إن واجهت مشكلة ولو بسيطة؛ أحس بالهم على صدري, وكأني مجروح, وأحتاج مدة للشفاء.
زرت طبيبة نفسية, ورفضت إعطائي العلاج, ونصحتني بطرق علاج أخرى؛ لأن الدواء سيزيد من آلام البطن للقولون, ولن يجد معي, ولكني لم أزرها بعد ذلك.
حاليا أشعر أني أتأثر من أي موقف, وأصبحت عصبي المزاج, وأكتم في داخلي تجنبا لأي مشاكل أخرى, وتأتيني فترات اكتئاب, وعجز, وكسل, وبمجرد أي مشكلة تحدث تؤثر على ترتيب جدولي اليومي؛ لانشغال عقلي بها, لا أدري هل هذه حساسية أم اكتئاب؟
لم أعد أشعر بالسعادة كما كنت قبل, ولا أعرف كيف أتصرف في الأمور الصعبة, وأي ضغوط تؤثر علي, وإن كانت عادية.
أرجو منك يا دكتور مساعدتي, وأنا أعلم أني أستطيع أن أغير ما في نفسي, ولكن لا أعلم كيف الطريقة!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت فعلاً لديك شيء من الحساسية في نفسك، والذي يظهر لي أن الطاقات القلقية الداخلية لديك أيضًا مرتفعة بعض الشيء، مما يجعلك تعاتب نفسك في بعض الأحيان لدرجة قد تصل إلى جلد الذات.
أيها الفاضل الكريم: ما سردته حول الماضي يجب أن تتركه خلف ظهرك تمامًا، فالماضي هو عبارة عن خبرة وعبرة وليس أكثر من ذلك، هو لا يعود، انظر إلى الحياة بصورة إيجابية، انطلق انطلاقات جديدة، وكل ما تعلمته سابقًا، وكل ما أنجزته سابقًا، وكل ما أخفقت فيه سابقًا كما ذكرت هو نوع من المهارة المكتسبة، ولا تأس على ما فاتك أبدًا أيها الفاضل الكريم، لكن من الآن انطلق انطلاقات إيجابية.
أرجو ألا تتهم نفسك بالاكتئاب، بمجرد أن يتهم الإنسان نفسه بالاكتئاب أو يعتبر نفسه مكتئبًا، هذا في حد ذاته قد يجلب الاكتئاب، لأن التأثير الإيحائي كبير جدًّا على النفوس، من يرى أنه سعيدًا فعلاً يحس بالسعادة، ومن يرى أنه مكتئبًا فعلاً يحس بالاكتئاب.
أيها الفاضل الكريم: هذه ليست مبالغات وليست خيالات وليست أوهامًا، هذه حقائق علمية حقيقية، فانظر إلى الحاضر بقوة، وانظر إلى المستقبل بأمل ورجاء، ويجب أن تكون لك برامج مرتبة تدير من خلالها وقتك وحياتك، وإن شاء الله تعالى تعيش حياة هانئة.
ركز على دراستك، مارس شيئًا من الرياضة، تواصل مع الأصدقاء، كن حريصًا على الصلاة في وقتها، ولا بد أن يكون لك وردًا قرآنيًا ثابتًا، الدعاء، الذكر، وأنا أكرر مرة أخرى أن الرياضة مهمة ومهمة جدًّا.
أريدك أيضًا أن تقرأ بعض المؤلفات عن تنمية الذات وعن الذكاء العاطفي، وكتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن) أنا دائمًا أنصح به حقيقة، بالرغم من أن هذا الكتاب قد تداول وسط الناس وبيع منه الملايين، لكن أنا لا زلت أرى أنه ذو قيمة عظيمة جدًّا؛ لأنه احتوى على كثير من الأفكار السلوكية التي اقتبسها الشيخ عائض –جزاه الله خيرًا– من بعض العلماء غير المسلمين، لكنه وضعها في صورة إسلامية رصينة وجميلة.
أيها الفاضل الكريم: ليس هنالك ما يمنع أبدًا أن تتناول دواء واحدا مثلا لفترة قصيرة، دواء يحسن المزاج، ويجعلك في وضع أفضل، أنا لا أمانع في ذلك أبدًا، تحتاج لعقار سبرالكس والذي يسمى علميًا (استالوبرام) بجرعة بسيطة، ولمدة قصيرة.
تناوله بجرعة خمسة مليجراما –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما– لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجراما يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، وتوقف عن تناول الدواء.
أنا متأكد أنه سوف يحسن قاعدتك المزاجية ويجعلها أكثر إيجابية، وهذا قطعًا سوف يجعلك تطبق النصائح السابقة التي ذكرتها لك، لأني أراها هي الأصل في تنمية ذاتك وشخصيتك، المستقبل لك أيها الفاضل الكريم، وأسأل الله أن يكون مستقبلاً رائعًا وجميلاً.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.