العابثات يتزوجن والعفيفات يتأخرن أو يُتركن، ما تفسير ذلك؟
2014-03-10 02:36:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا أثق بموقعكم المميز؛ لأنني قرأت الكثير من الاستشارات وانتفعت بها.
نحن في العائلة بنات كثيرات، ولم يحالف إحدانا الحظ بالزواج منذ 18عاما، علما بأننا نملك فتيات لا ينقصهن العلم، والالتزام الديني، والجمال، ولكن ما يحيرنا وخصوصا في هذا الوقت أن صاحبات العلاقات المحرمة هن من يحصلن على الإعجاب ويلهث وراءهن الناس، حتى المتدينين.
بصراحة أصبح لدينا شكوك، ويحتال علينا الشيطان ببعض الأفكار التي تصيب سهما في إيماننا، ومع أننا ندعو ونبتهل منذ سنين ولكن الله لم يستجب لإحدانا، فهل هذا عيب فينا؟ ونتساءل: هل كان الخير أن نبقى كلنا عانسات، يوما في بيت أخ، ويوما في بيت أخت، وخاصة ونحن من سوريا بين نزوح وتهجير؟
أرجوكم أجيبوني حتى لا يضعف إيماننا، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، وإنا لنسأل الله أن يوفقكم لخير العمل وعمل الخير، وأن يرزقكم الزوج الصالح الذي يعينكم على دينكم ودنياكم.
أختنا الفاضلة: لقد استمعنا جيدا إلى معاناتك أنت وأخواتك، ونحن متفهمون تماما لتلك المعاناة.
وإن كان لنا عليك عتب أختنا الفاضلة، نخبرك به قبل الإجابة: إن السالك إلى الله لا يضره كثرة العابثين على جنبتي الطريق، ذلك أنه حدد هدفه، وعرف مقصده، وبات عنده رؤية واضحة وثاقبة مفادها: أن الطريق إلى الله محفوف بالمكاره فقد قال -صلى الله عليه وسلم- (حُفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره)، وفي اللفظ الآخر: (حُجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره) والمعنى أن الله جعل بين النار وبين الإنسان ارتكاب الشهوات المحرمة، فإذا ارتكبها صار إلى النار، وانتهك الحجاب، وإن امتنع منها سلم، فالنفس قد تشتهي الزنا أو الخمر، أو التشبه بأهل الفساد، فإن طاوعها صار إلى النار، لكن المؤمن حين يرى السعة واليسار على أهل الباطل يعلم يقينا أن الله يملي لهم، حتى يقيم عليهم الحجة بين يديه، وأما المؤمن فإنه يصبر ويعلم أن الجنة الموعد، ورضى الرحمن هو الغاية.
أختنا: ما فائدة الدنيا بكل ما فيها ومن فيها إذا غابت عنا عناية الله، وسلبنا رحمته، وضاعت منا الجنة، وأي تعب وأي نصب في الحياة إذا فقدنا كل شيء وكسبنا رضى الرحمن والجنة، نرجو أن تقرئي هذا الحديث بتأن وتمهل، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ الله عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ: لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ"، بهذا المنهج أختنا تثبتين على الحق، وتبتعدين عما ذكرت أنه شك، نعيذك بالله أن تكوني كذلك.
ثانيا: قد يرى المرء الخير شرا، وقد يرى الشر خيرا، ولقصر نظره قد يختار ما فيه حتفه دون أن يدري، وقد قال الله تعالى: "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" والمعنى أن العبد قد تقع له من الأقدار المؤلمة، والمصائب الموجعة، ما تكرهها نفسه ويكون له من وراء ذلك الخير الكثير، والعكس بالعكس، ولذلك على المؤمن أن يسلم لله في أمره، وأن يعلم أن الخير كل الخير فيما أراده الله لعبده لا فيما أراد العبد لنفسه.
ثالثا: ما يدريك أختنا أن الله يدخر لك أمرا أفضل من اختيارك لو صبرت واحتسبت الأجر عند الله عز وجل!
أكثري من الدعاء -أختنا- ولا تملي، وثقي أن الله لا يخذل عبدا احتمى به.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، والله الموفق.