تركت صديقتي لعيوبها التي لم أتحملها، هل أنا ظالمة أم مظلومة؟
2014-03-31 04:46:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أشعر بأنني ظلمت صديقتي المقربة، والآن أعيش في خوف من غضب الله على الظالم، وعقابه كما جاء في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم).
قبل عامين انتقلت لشركة أخرى، وبها عدة زميلات، وجميع الموظفين استقبلوني استقبالا به ترحيب إلا فتاة واحدة، أكبر مني بأربع سنوات، واعتبرت مجيئي منافسة وأنني سآخذ مكانها، ولأنني عاملتها بالحسنى، أعجبت بأخلاقي وشخصيتي وصارت صديقتي، وانتقلت كل منا لوظيفة أخرى، وتواصلنا كثيرا ولكنني لم أتحمل عيوبها، سوف أختصر لكم عيوبها:
- اتكالية بشكل كبير.
- عمق محبتي لها ومبادراتي في كشف همها، والسعي لمساعدتها جعلها تتكبر علي وتتمادى في طلباتها، ولم تكترث لتعبي أو لحزني ولم تسأل حتى عن أحوالي.
- كثيرة الشكوى والتذمر، وترغب مني أن أشاركها همومها وأسمعها، وهي لا تبادلني بالمثل وتحب المجاملات كثيرا، وتكره الانتقاد ولا تقدر على تحمل أدنى مسؤولية.
- إذا تقرب منها أحد، فجأة ترمي بي خارج اهتمامها ومحيطها وتتغير علي، مما جعلني أحس أن وجودي في حياتها ومحبتها لي مجرد انجراف عاطفي نتيجة إعجاب، أو نزوة مؤقتة.
- رغم أنها أكبر مني بأربع سنوات إلا أني أرى بأن تصرفاتها بها تهور وطيش، وتحب المظاهر بشكل كبير، ولا تكترث بتراكم الديون المالية على عاتقها.
وأصبر على عيوبها وأعاملها بالمثل أو أصارحها بكل عيوبها، وانزعاجي منها أملا أن تتغير للأفضل، وهنا احتمال أن أخسرها، فقررت الخيار الثاني وخسرتها، الآن موضوعي معها انتهى بفراق بعد أن اعتذرت لها كثيرا، ورفضت اعتذاري وفشلت كل محاولاتي للصلح حتى فقدت الأمل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الكريمةَ- في استشارات إسلام، نشكر لك -أختنا العزيزةَ- اهتمامك بصلة زميلتك وإبقاء المودة، وهذا دليل -إن شاء الله تعالى- على حسنٍ في إسلامك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (حُسن العهد من الإيمان) ونصيحتنا لك بأن تستمري على ما أنت عليه من التواصل مع هذه الأخت، ما دام في تواصلك معها نفع لك أو لها، ولا يلحقك بذلك ضرر في دينك، وصبرك عليها ومبادلتك الإحسان لها كفيل -بإذن الله تعالى- على استمالتها إليك، وترقيق قلبها نحوك، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، واجعلي الدافع لك في بقاء التواصل معها قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الإمام أحمد في المُسند: (المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم).
وليس فيما فعلته أنت ظلم لها، كما أن مجرد قطعها للتواصل معك ليس ظلمًا لك إذا لم تؤذك بشيء غير ذلك، والهجر ينقطع بالسلام، فإذا سلم المسلم على أخيه المسلم إذا لقيه، فإنه لا يُعدُّ هاجرًا له الهجر المحرم، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
فليس فيما فعلته إثم، وليس عليك اعتداء أيضًا بحيث تكون زميلتك آثمة بسبب ما ذكرتِ، ونصيحتنا لك أن تحرصي على بقاء المودة والأخوة ما دامت نافعة لك في دينك ودنياك، أما مجرد الصداقات التي لا ينتفع بها الإنسان من أخيه منفعة في دينه وآخرته، فلا ينبغي للإنسان العاقل أن يحرص عليها، فاحرصي على من تزيدك صحبتها صلاحًا وهدىً ومنفعة، فهذه وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ قال -عليه الصلاة والسلام-: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا تصحب إلا مؤمنًا). فاحرصي على اختيار الصديقات، واعلمي أن النساء الصالحات خير من تسعدي بصحبتهنَّ، وهنَّ -ولله الحمد- كثيرات.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.