فتق في الحجاب الحاجز أدى لوفاة طفلتي... فهل ممكن أن يتكرر ذلك؟
2014-05-14 02:46:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ شهر ولدت طفلتي الأولى ولادة مبكرة في الأسبوع 33، وتوفيت بعد 3 ساعات -والحمد لله على كل حال-، لله ما أخذ وما أعطى، والتشخيص كان فتق في الحجاب الحاجز.
للعلم أننا لم نكن نعلم بحالتها أثناء الحمل، رغم إجراء الأشعة في أكثر من مستشفى، والآن أعاني نفسيا، ولا أستطيع تخطي الحادثة، فقلبي يعتصر ألما، وأشعر بأني أتمزق من الداخل، أتمنى أن أحضنها وأشم رائحتها، حتى أني أشتاق لحركتها في أحشائي وأفقدها، ومهما أتحدث لا أستطيع وصف ما أشعر به.
أرجو مساعدتي وإرشادي للصواب، أريد أن أكون أقوى وأتخلص مما أشعر به، فدموعي لا تجف، وصورتها بعد الولادة لا تفارقني.
أما السؤال الآخر فيخص حالتها الصحية: ما سبب حدوث فتق الحجاب الحاجز؟ وهل هناك تحاليل لابد أن نقوم بها أنا وزوجي مثل الكروموسومات؟
حملي لم يكن فيه ما يقلق، ولا يوجد صلة قرابة بيني وبين زوجي، فهل يمكن تكرار التشوه في حمل آخر –لا سمح الله-؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحامدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
عوضك الله بكل خير، وجعل صبرك واحتسابك في ميزان حسناتك يوم القيامة، يوم يجزى الصابرون أجرهم بغير حساب -إن شاء الله تعالى-.
وسأجيب على تساؤلاتك -يا ابنتي- بشيء من التفصيل، لعل ذلك يقدم لك بعض الراحة، ويساعدك في تجاوز هذه الأزمة -بإذن الله تعالى-
إن فتق الحجاب الحاجز: هو عبارة عن تشوه خلقي مثله مثل أي تشوه خلقي في أي مكان آخر في الجسم، وسبب حدوثه مجهول في حوالي 90% من الحالات، وفي الباقي، أي في حوالي 10% من الحالات، ويكون ناتجا عن وجود خلل في الصبغيات عندما يحدث تلقيح البويضة بالحيوان المنوي مباشرة، أو يكون ناتجا عن حدوث طفرة في المورثات المتوضعة على الصبغيات، والتي تكون مسئولة عن تطور الحجاب الحاجز، وهذه الطفرة تحدث بعد التلقيح، وعند بدء تشكل الأعضاء.
إن الحجاب الحاجز هو عبارة عن: عضلة تفصل بين جوف الصدر وجوف البطن، ويكون على شكل وريقات تتشكل مبكرا في المرحلة الجنينية، فإن لم تلتحم هذه الوريقات بشكل جيد، فستبقى بينها فتحات تسمح لأعضاء البطن (المعدة والأمعاء والكبد) بالدخول إلى جوف الصدر، وبالتالي يحدث انضغاط للرئتين فلا تتطور جيدا، ويرتفع الضغط في داخل الأوعية الدموية في الرئتين، ونسبة حدوث الوفاة عالية تصل إلى 60%، وتعتمد على شدة انضغاط الرئتين ونقص التطور فيها.
الحالة عادة ما تشخص عن طريق التصوير التلفزيوني الروتيني، حيث تظهر المعدة متوضعة إلى جانب القلب في داخل القفص الصدري، وهذه علامة مميزة، وغالبا ما تكون واضحة جدا، فإن شك الطبيب أو الطبيبة بالتشخيص ولم يكن متأكدا، فإن عليه أن يقوم بعمل تصوير بالرنين المغناطيسي للجنين MRI، فهنا لا مجال للشك أبدا حيث سيتم تشخيص الحالة بشكل مؤكد.
إن كان قد تم عمل تحليل لصبغيات المولودة، وتبين بأنها طبيعية، أو إن لم يكن لديها أي تشوه خلقي إضافي آخر -وهذا هو الحال في أغلب الحالات-، فهنا لا شيء آخر يجب عمله، لأن حدوث الحالة هنا يعتبر حدوثا عشوائيا، أي بدون سبب واضح، وليس بسبب خلل صبغي، وهنا فإن النسبة تكرر الحالة في حمل قادم -لا قدر الله- ستكون قليلة جدا لا تتجاوز 1-2% فقط، وهي نسبة قليلة جدا -كما ترين- خاصة إن علمت –يا عزيزتي- بأن النسبة الطبيعية لحدوث تشوه خلقي في الجنين عند أي سيدة حامل حتى لو لم يسبق لها وعانت من ولادة جنين مشوه هي بحدود 4- 5% تقريبا، وهذه النسبة شبه ثابتة في كل أنحاء العالم، وتحدث حتى في أفضل المراكز الطبية في العالم، ولا يمكننا منع حدوثها لغاية الآن، بالرغم من كل التقدم الطبي.
إذا إن هنالك دوما احتمال يعادل 4-5% عند أي سيدة حامل في أي بقعة على وجه الأرض، لأن تلد مولودا لديه تشوه خلقي ما، وهذا الكلام ينطبق عليك أيضا، ومن ضمن هذه النسبة فإن لديك نسبة 1-2% أن يكون التشوه فتقا في الحجاب الحاجز، هذا ويبقى فوق كل ذي علم عليم.
ما أنصحك به هو التالي:
1- تفادي تناول أية أدوية لا ضرورة لها بعد فترة التبويض وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
2- ابدئي بتناول حبوب الفوليك أسيد قبل الحمل بثلاثة أشهر على الأقل.
3- اعملي على زيادة وزنك بمقدار 7 كلغ ليصبح مناسبا لطولك.
4- يجب عمل تحليل لوظائف الغدة الدرقية وهي: TSH FREE T3-T4
كل ما سبق هو نوع من الأخذ بالأسباب فقط، ويبقى التوكل على الله والإيمان بقضائه وقدره هو الأهم، فهو عز وجل خير الرازقين وخير الحافظين.
نسأله جل وعلا أن يمن عليك بما تقر به عينك عما قريب.
+++++++++
انتهت إجابة الدكتورة/ رغدة عكاشة -استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم-.
وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
+++++++++
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونحمد الله على سلامتك (أولاً)، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعوضك خيرًا، فلله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمّى، فلْتصبري ولتحتسبي، واعلمي أن الله -تبارك وتعالى- إذا أخذ شيئًا عوض بأشياء، وأن هذه الطفلة ستكون -إن شاء الله تعالى– في استقبالكم في جنّة الله، وستنالون بالصبر عليها رضوان الله -تبارك وتعالى-.
نحب أن نُذكر أن الإنسان إذا تذكر الثواب نسي ما يجد من آلام، وتذكري أن المعاناة والصعوبات والتعب الذي واجهك لن يضيع عند الله -تبارك وتعالى-، وسيعوضك الله خيرًا.
أعلني رضاك بقضاء الله وقدره، وأقبلي على الله -تبارك وتعالى- واجتهدي في ذكره وشكره وحسن عبادته.
اعلمي أن هذه البُنيّة التي فُقدتْ سيرزقك الله -تبارك وتعالى- بعدها، وهي أيضًا في حد ذاتها دليل على أن الأمر طيب، وعلى أن إمكانية مجيء أطفال وارد.
تذكري أن هناك من حُرم أصلاً الذريَّة {ويجعل من يشاء عقيمًا}، والمرأة إذا حملت وأخرجت طفلا بهذه الطريقة فإن هذا يُبشر بخير، لأن هذا دليل على استعدادها إلى أن تُنجب أطفالا، فنسأل الله أن يرزقكم، وأن يبارك فيكم ولكم، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
نكرر مرة أخرى: لا تبكي على اللبن المسكوب، ولا تعودي إلى الوراء، واعلمي أن الله -تبارك وتعالى- لا يقدر للإنسان إلا الخير، ولكن الخير أحيانًا يأتي في هذه الصور؛ ولذلك قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم، وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، وقال: {وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}.
نسأل الله أن يعوضك خيرًا، وأن يلهمك الصبر والسداد، وندعوك إلى أن تُقبلي على الله بأمل جديد وبثقة في الله المجيد، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لك التوفيق والسداد والهداية والصبر، ونسأل الله أن يعوضك خيرًا.