أخي مريض باضطراب ثنائي القطب ولا يعترف بهذا، ويرفض الدواء.
2014-06-19 00:48:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي أخ عمره 26 سنة، قبل أربع سنوات ترك دراسته الجامعية لسبب أخبرنا به الآن، وهو أنه يشعر بالخوف بمجرد دخوله الجامعة، ولا يعلم سبب خوفه، ويشعر أن كل من في الجامعة يراقبه، لم يستمر بدراسته وجلس في المنزل واعتزل الناس حتى عائلته، وقبل سنتين لاحظنا عليه تغيرا، أصبح يخالط الناس ويتكلم ويجلس معنا (عائلته) اكتشفنا بعد تنظيف غرفته أن لديه حبوبا صرفها لنفسه بدون استشارة طبيب تستخدم للرهاب الاجتماعي، بعدها سجل بجامعة أخرى غير الأولى، وتوظف عن طريق حافز.
الآن منذ خمسة أشهر ترك الجامعة مرة أخرى، واعتزل الناس وعائلته وحتى أصدقاءه، قبل شهر بدأنا نلاحظ عليه أنه كثير الوساوس ودائما يشك في الناس حوله، وفينا نحن عائلته، أننا نعرف عنه أشياء هو لا علم له بها، وأن الناس يدبرون له المكائد لدرجة أنه يتوهم أن عصابة تطارده أو شرطة تراقبه، كلامه غير مترابط، يدخل ويخرج من موضوع لموضوع، ولا يُفهم منه شيء، أحيانا يضحك ويكون في قمة السعادة بدون أي سبب، وأحيانا يكون حزينا ومكتئبا.
اتضح أنه في علاقة مع فتاة ويرغب بالزواج بها، مع العلم أنها خارج البلاد، وافق والداي على مضض، وأصبح يتوهم أننا نخبئ الفتاة بالبيت وأن الفتاة أتت للبلاد بدون علمه، وأخبرنا أنه لن يذهب إلى وظيفته ولن يقوم بأي شيء بحياته إلى أن تأتي الفتاة ويتزوج منها.
حاولنا إقناعه بأنه مصاب بوسواس وقلق، وأقنعناه بضرورة استشارة طبيب نفسي، وذهب مع والدي، مع عدم اقتناعه أنه مريض، وبعد استماع الطبيب له شخص حالته بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب، وأنه تطور وأصبح في مرحلته الثانية، ووصف له علاجات، مع التأكيد على والدي بأن يعطيه العلاج بنفسه، في اليوم الأول تناول العلاج بدون أي اعتراض وأخذ وصفة العلاج من والدي ليقرأ أسباب استخدامها وآثارها، واليوم الثاني اشتكى من آثار جانبية للدواء وأنه لا يحتملها أبدا، حاولنا معه جميعا بأخذ العلاج حتى استجاب لنا بعد محاولات عديدة، وبعدها لم يأخذ العلاج واستمر بالقول بأنه بحالة عقلية ونفسية جيدة، وأنه غير مجنون وأننا نتبلى عليه.
المشكلة الآن مرت ثلاثة أيام بعد توقفه عن العلاج، والحالة عادت له من جديد، مع أنه خلال اليومين التي تناول فيها العلاج تحسن بصورة بسيط من ناحية الوساوس، ما الحل معه؟
والدي تعب معه وجميعنا قلقون عليه، اليوم تناول علبتين من السجائر ومشروبات طاقة، حتى شعر أنه سيموت، وأصبح يرسل لنا رسائل على الجوال أن نسامحه إذا مات، حتى أنه ذهب للمستشفى وأعطي مغذيا، وعمل تخطيطا للقلب وتحليلا للدم، وعاد يخبرني بذلك وأن أتكتم على سره، ماذا أفعل معه الآن؟
في اليوم يأتي مرة أو مرتين ويخبرنا أن نخرج الفتاة أو يبحث في المنزل، وفي كل مرة نخرج من المنزل يشك أننا نذهب لزيارتها، حتى في أي مناسبة تحدث يتوهم أننا ندبر له شيئا، الآن والدي مسافر وأخي لديه شك أن والدي سيذهب إليها ويحضرها، لا يريد أخذ علاج ولا يريد الذهاب مرة أخرى للطبيب، وينكر أنه مريض أساسا، ما الحل مع مريض في مثل حالته؟ وكيف نتعامل معه؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن هذا الأخ مريض -عافاه الله-، فالأعراض التي يعاني منها والتي سردتها من ملاحظاتك الدقيقة تدل بالفعل أنه في حاجة ماسة للعلاج، الأعراض الشكوكية والظنانية يجب أن لا يتهاون بها، ولا يكون هنالك أي تراخ في علاجها، لا بد أن تعالج وهي -الحمد لله تعالى- تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جداً.
هؤلاء المرضى ليس لديهم أي قناعة بأنهم يعانون من مرض، لذا أحسن وسيلة لإقناعهم هي أن لا نقول لهم أنكم مرضى، حتى كلمة وسواس لا نذكرها، القول للمريض فقط بأنك محتاج للأخذ برأي المختص لأننا نلاحظ عليك نوعا من الإجهاد النفسي أو شيئا من هذا القبيل، هذا قد يكون هو المنهج الأفضل، وفي ذات الوقت يجب أن يحادثه أو يحاول إقناعه شخص واحد وليس عدة أشخاص، التدخلات من هنا وهناك لا فائدة منها، الكذب على المريض يشتته ذهنياً ويزيد من شكوكه، يزيد من رفضه وعدم اقتناعه بوجود المرض، والأفضل شخص واحد يتكلم معه بخصوصية شديدة جداً حول حالته، دون الدخول في تفاصيل حول أعراضه -كما ذكرت-.
هذا الأخ ربما يحتاج لنوع من الإبر الدورية من الأدوية التي كتبها له الطبيب، أو أدوية أخرى مشابهة لها توجد في شكل إبر، هذه الحقن الدورية ممتازة وفاعلة جداً، وكثير من المرضى يقتنعون بها، فإذاً الذهاب به إلى الطبيب مهم وضروري، وهذه الوسيلة التي ننصح بها دائماً، وأنا على ثقة أنك -إن شاء الله تعالى- سوف تنجحين في إقناعه بالذهاب إلى الطبيب وتناول الدواء.
والشيء الآخر هؤلاء المرضى يرتاحون لدواء واحد فقط، وتوجد الآن وسائل أو أدوية نستطيع أن نقول أنها مفيدة جداً، دواء واحد -إن شاء الله تعالى- سوف يؤدي إلى توازن كامل في مزاجه، سوف يزيل عنه هذا الفكر الظناني البارانوي، والأدوية كثيرة وهي معروفة للأطباء ومن أفضلها في مثل حالته عقار سوليان أو عقار إيريبرازول، حيث أنها قليلة الآثار الجانبية ولا تشعره أبداً بأي نوع من النعاس أو الخمول، ويوجد أيضاً دواء يسمى زبراكسازولتاب وهو أحد مشتقات الأولنزبين، هذا دواء ممتاز وفاعل وهو يذوب في المحاليل كالعصير والماء، وليس له طعم أبداً، بعض الناس يقومون بإعطاء هذا الدواء لذويهم دون علمهم، هذا المنهج لا أستطيع أن أقول أنه مرفوض بالكامل، لكن في ذات الوقت ربما تكون هنالك تساؤلات أخلاقية حوله، ولا أنصح أبداً أي أحد أن يحضر هذا الدواء ويعطيه للمريض، إلا إذا كان المريض معروفاً للطبيب وقام الطبيب بوصف هذا الدواء.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، نسأل الله لأخيك العافية والشفاء.