كيف أتخلص من مشاعر التردد والندم بعد اتخاذ القرارات الكبيرة؟
2024-02-25 02:17:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا أعاني من التردد في اتخاذ القرارات الكبيرة، وأحيانًا أندم بعدها بفترة، أبحث عن المثالية خصوصًا في الزواج، لأني رومانسية وأحلم بحب كبير جدًّا، وأخشى دائمًا من ألَّا يتحقق.
تقدم لي شاب وكنت مترددة في البداية، ثم أعجبت به ووافقت عليه، ولكن حدث سوء تفاهم بيننا فتركني، وتأثرت نفسيًا، بعدها بأيام قليلة تقدم لي شاب آخر مناسب لي جدًّا، ومعجب بي، وذو خلق ودين، ومستوى اجتماعي مرموق، ولكن كان لدي اعتراض على شكله لأنه بدين قليلاً، وكنت أيضًا ما زلت متعبة من الموضوع الأول ومتعلقة به، وعلى أمل أن يعود ثانية، فرفضته بعد الاستخارة، بعدها ندمت ندمًا شديدًا على الرفض، وشعرت أن هذا الشخص كانت سعادتي معه، وكان أكثر من يناسبني، وعندما عرفت أنه تزوج زاد شعوري بالندم حد الإعياء، كيف أتخلص من هذا الشعور؟
أنا أحاول أن أتعلم مما حدث، لكن أود أن أعرف هل هو لم يكن من نصيبي، أم أنه كان نصيبي ورزق الله لي لكني رفضته؟ وهل القرارات الخاطئة التي نتخذها هي من قدر الله وتحدث لنتعلم منها ولا نكررها، أم أنها تحول دون نصيبنا ورزقنا؟ وأتمنى مساعدتكم لي في التخلص من التردد والشعور بالندم والذنب تجاه نفسي.
شكراً جزيلاً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ alaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.
لا تعتقدي بأن التردد كله سلبيّ، فكثير منه له فوائد كثيرة، وبحيث يصرف عنا أمرًا سيئًا ربما لم ندركه في حينها، ولهذا الموضوع علاقة وثيقة بما نسميه بـ (الذكاء العاطفي)، حيث يشعر الإنسان في أعماق نفسه - ولسبب غير واضح - بما يجعله ينفر من أمر معين، ولا يدري سبب هذا النفور، ويقال عادة في تفسير هذا الأمر، أن الإنسان الذي يُعرض عليه أمر ما فإنه يضع - بشكل لا شعوري - كل تجاربه السابقة، ومعلوماته كلها في سبيل القيام بالاختيار الصحيح واتخاذ القرار، حيث تخدمه كل هذه التجارب والمعلومات - وبشكل سريع - في اتخاذ قرار يشعر به في أعماقه، وإن لم يستطع تفسيره.
نعم ممَّا هو مطلوب منَّا أيضا أن نتعلم من تجاربنا السابقة، بحيث نتعلم الإيجابيات والسلبيات، فنتابع الأولى ونبتعد، قدر الإمكان، عن الثانية، ومن الطبيعي أن تنزعجي مما حصل من محاولتي الخطبة الأولى والثانية، وقد لا يستطيع الإنسان أن لا يشعر بالانزعاج، فهذا خارج سيطرته، ولكن ما حدث قد حدث ومضى، فكيف السبيل الآن؟
ليس هناك من سبيل عندما يتقدم إليك خاطب جديد إلا أن تعيدي ما فعلت في الماضي، من النظر في طبيعة الشاب الخاطب، وهل هو ما تحبين وتتمنين من الخلق والأوصاف الأخرى الظاهرية والباطنية؟ ومن ثم الاستخارة، واتخاذ القرار الذي تعتقدين صوابه، أو أنه الأقرب للصواب، ووفق الحدود البشرية الطبيعية.
هل هذا يضمن النجاح 100%؟ طبعًا لا، لأنه قد لا يوجد شيء 100%، ولكن يحاول الإنسان قدر المستطاع اتخاذ القرار الأقرب للصواب، ولا بأس أيضًا أن تستعيني بوجهة نظرة والديك وأسرتك، فهذا مفيد في كثير من الحالات، ولكن في النهاية أنت من سيتزوج.
إن ما يمكن أن نتخذه من قرارات سواء خاطئة أو صحيحة، إنما هي من اختيارنا، ففي الإسلام الإنسان مخيّر ومسيّر، مسير لما خلق له، ومخير، لأن الله تعالى أعطاه عقلاً وسمعاً وإدراكاً، فهو يعرف الخير من الشر والضار من النافع، وما يحدث في الحياة إنما هو بتوفيق الله تعالى لنا، ومن هنا كان الدعاء وكانت الاستخارة، وما صرفه الله عنك إنما هو لخير، وإن كنا قد لا نرى هذا في حينها، وأمر المؤمن كله خير، فإن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر.
فهيا ثقي بنفسك، ولا تجعلي نتيجة التجربتين السابقتين تضعف من ثقتك بنفسك، فلا شك أن عندك الكثير من الصفات الطبيبة والإيجابية، وإلا ربما ما تقدم إليك الشابين في الفترة الماضية، ولا بد أن هناك ما شجعهما على طلب يدك.
وفقك الله، ويسّر لك الخير، ورزقك بالزواج السعيد، وكما تحبين وتتمنين.