أصبت باكتئاب وخوف بعد الولادة.. كيف أعود لطبيعتي؟
2014-11-16 01:47:23 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 28 عامًا، متزوجة ولدي طفلتان، أنا بطبعي فتاة مقبلة على الحياة ومتزنة، قضيت عمري بالتفوق والإرادة والحب، لم أعرف يومًا معنى الأفكار، ولا الطاقات السلبية، -والحمد لله- منذ أن كنت طفلة، وأنا ملتزمة بصلاتي، تزوجت منذ أربع سنين، وغيرت في زوجي الكثير للأحسن، حتى أصبح يقول لي دائمًا: أنت هديتي من الله.
في بداية زواجنا واجهنا مشاكل من طرف أهله، فهم يحبون التدخل في حياة ابنهم، وقد كان يتأثر كثيرًا، حتى أنعم الله علينا وخرجنا إلى الخليج، وكانت هناك وبفضل الله الحياة المثالية، وقد أنجبت ابنتي الأولى هناك، ولكن بعد ثلاث سنين أصبحت هناك مشاكل في عمل زوجي وتراكمت مما اضطرنا للعودة إلى الوطن، وقد كنت حاملا آنذاك بطفلتي الثانية، وقد تراكمت المشاكل من جديد من طرف أهله(ضائقة مادية)، وتعب زوجي، ولم يظهر علي شيء إلا بعد ما أنجبت بشهرين.
وفي ليلة كنت مضغوطة جدًا فأصبت بحالة خوف وفزع لم أستطع النهوض منها إلا عندما ذهبت للطوارئ، وأخذت حبة مهدئة، وقد تكررت معي في شهرين مرتين، لم تكن هذه مشكلتي أبدًا، فقد أصبحت أستطيع أن أسيطر عليها، ولكن المشكلة فيما بعدها.
فمنذ سنة لم أعد طبيعية أبدًا، فأنا دائمًا أصاب بحالة من الخوف الغير مبرر والقلق والأفكار السلبية، تبين بعد أشهر أن عندي تسارع في هرمون الغدة الدرقية، وهي عادة تحدث لي بعد الولادة، وكأن كل شيء اجتمع ليؤثر في نفسيتي بعد الحمل والولادة، وصف لي طبيب الباطنية كونكور 2.5 وقد ارتحت عليه كثيرًا، وخلال هذه الفترة لم تتكرر حالة الفزع، وكأنني غير طبيعية.
رجعت حالتي مع الكونكور جسديًا ممتازة حيث إن نبضي كان دائمًا عاليًا، ولكني لا أستطيع الانبساط بأي شيء، كانت تمر عليّ ليالي وأنا أكرة الحياة، تمر بي أفكار مثل: لماذا نستمتع بالحياة ونحن سنموت؟ أفكر دائمًا بالموت لمن أحب، كيف سيأتي يوم بدون أبي وأمي، وكل ما أراهم أفكر هكذا، والحياة روتين، ومن هذا القبيل، مما يجعلني لا أستمتع بشيء، لا أعرف كيف وصلت لهذا الحد، أكره الليل حين أركب السيارة، وأحس بضغط نفسي.
مع كل هذا لم يشعر أحد أني أعمل، وأقوم بكل شيء تجاه زوجي وبناتي على أكمل وجه، حتى قررت قبل شهرين الذهاب لطبيب نفسي، وصف لي السيالوبرام 10، وبعد شهر لم أحس بأي تحسن، ثم زاد الجرعة إلى 20، وأيضًا أحس أنه قبل كنت أفضل، لا أدري لماذا؟
سؤالي: ماذا حصل لي بالضبط؟ وهل سأكمل حياتي هكذا؟ ولماذا لم أتحسن على الدواء، أنا لا تهمني الأفكار، يهمني كيف أتعب منها جسديًا أخاف أن يضعف قلبي، وهل هذا الدواء يؤثر على طفلتي؟ وخصوصًا أنها ترضع على الرغم من أن الطبيب قال لا يؤثر، أرجوكم أفيدوني فقد مللت، وأريد أن أعود كما كنت، وأكمل حياتي طبيعية، وأربي بناتي وأعلمهم القوة.
علمًا أن الغدة رجعت طبيعية، وأمورها تمام، ولكن مع الدواء، أنا كما أنا، أريد أن أعود كما كنت.
وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ dema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرًا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا بما في نفسك، وأكيد أن الأمر ليس بالبسيط، وخاصة بما كنت تتصفين به من الإيجابية والإقبال على الحياة.
أحسنت في سؤالك في طبيعة ما حدث معك، فالجواب على هذا السؤال من الخطوات الهامة على طريق التعافي، وكما يقال إذا عُرف السبب بطل العجب.
أرجح والله أعلم، أن ما حصل معك هي مجموعة أمور مَرضية، وليست ضعف في الشخصية أو تحول إيجابيتك إلى السلبية، وإنما هي مجموعة أمور يمكن لأي واحدة منها أن تصيب أي امرأة بما أصبت به، وبما شعرت به.
فهناك أولا، الحمل والولادة، وكون التغيّر الكبير حصل بعد شهرين من الولادة الثانية، وخاصة في ظروف اجتماعية ونفسية صعبة أن يكون قد حصل معك اكتئاب ما بعد الولادة، وهي حالة معروفه، وتحتاج للعلاج الدوائي الفعال.
طبعًا اكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يستمر بلا علاج لعدة أشهر وقد تصل إلى السنة، وهناك أيضًا اضطراب الغدة الدرقية، والذي يمكن أن يشبه وصف بعض الاضطرابات النفسية، وهو أيضًا يحتاج للعلاج الدوائي الفعال.
وبالإضافة إلى هذا كانت هناك بعض الصعوبات الأسرية والاجتماعية، والانتقال من بلد لآخر، والصعوبات المادية، والتي يمكن أن تفسر حالة نفسية شبيهة بالحالة السلبية التي تمرّين بها.
فإذا أرجو ألا تستسلمي لفكرة أنك فقدت الحيوية والإيجابية بسبب عيب في شخصيتك، وإنما هي حالة مرضية معترضة، والتي يمكن أن تصيب أي إنسان، إلا أنه بإمكانه الخروج منها وتجاوزها، وخاصة إذا بقي متحليًا بالإيجابية، والرغبة في التغيير والتحسّن، وأنت لا شك ترغبين في التغيير والتحسن، ولذلك كتبت لنا.
أرجو أن تراجعي الطبيب النفسي الذي وصف لك دواء السيتالوبرام، وأن تناقشي معه ما ذكرت لك هنا، ومناقشة كل الاحتمالات.
لعلك لاحظت أني ذكرت أن المطلوب هو العلاج الدوائي "الفعال" بمعنى أنه إن لم ينفع دواء معين أو جرعة معينة، فيمكن تغيير الدواء أو تغيير الجرعة، وحتى نصل للعلاج الفعال، وقد يختلف هذا من شخص لآخر، ولا بد أيضًا من العلاج الدوائي لاضطراب وظيفة الغدة الدرقية.
وربما يفيد الاطلاع على طبيعة الاكتئاب والأمراض النفسية المتعلقة بالحمل والولادة، ومنها كتابي "المرشد في الأمراض النفسية واضطربات السلوك" وهو متوفر عندكم في عمان في مكتبة أسامة قرب (مسجن) الحسين.
وفقك الله، وعجل لك الشفاء، وأعادك للحيوية والإقبال على الحياة.