رغم ذكائي، لكني أشعر أني فاشل في الحياة! فما السر؟
2014-11-16 03:12:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعتزّ كثيرًا بموقعكم الكريم، والذي أجد فيه متنفسي الوحيد.
أنا شاب بعمر 28 عامًا، تميزت منذ صغري بالتفوق، حيث كنت أحصل على درجات عالية في المدرسة، حيث تمنّيت منذ صغري أن أصبح طبيبًا، وكان هذا حلمي الوحيد، ولكني لم أحصل على مجموع عالٍ في الثانوية العامة؛ مما اضطرني إلى التحويل في السنة الثالثة من علمي علوم إلى علمي رياضيات، وبذلك التحقت بكلية الهندسة التي لم أحبها كثيرًا، ولكنني تفوقت في دراستها؛ مما أهّلني أن أكون الأول في دفعتي، وحصلت على امتياز مع مرتبة الشرف، مما مكنني من تعييني في الجامعة كمعيد بالقسم.
بدأتُ حياتي العملية بعد سنة من تخرجي، بعد التأكُّد من موقفي من التجنيد، وصرفت جزءًا من الوقت في البحث عن عمل قبل التعيين بالجامعة، ووفقني الله بالعمل في إحدى شركات صيانة السيارات في مجال تخصصي، ولكني دائمًا لم أكن موفقًا في عملي؛ لأني لم أحب هذا المجال، واستمررت في العمل لمدة سنة وثمانية أشهر، ثم طُردت من العمل بحجة تقليل العمالة، وبعد ذلك تفرغت لعملي في الجامعة.
في عملي في الجامعة أيضًا أُصبتُ بالفشل في الانتهاء من رسالة الماجستير؛ مما جعل مستقبلي مهددًا بالدمار، حيث اقتربت من إنهاء الخمس سنوات المسموحة بالماجستير، ولا أشعر أنني أستطيع إنهاء الرسالة.
أشعر دائمًا أنني فاشل، ولا أصلح لشيء مطلقًا. أتمنى الموت دائمًا، حاولت كثيرًا أن أتزوج، ولكني أُقابل بالرفض؛ نتيجةً لحالتي المادية المتردية؛ مما يدفعني أحيانًا لمشاهدة الأفلام الإباحية. أصبحت كسولًا لدرجةٍ لا تُوصف، ولا أعلم ماذا أريد! فوقتي يضيع هباء دون استفادة، وأتحسر دائمًا على تفوقي الضائع، وتفوق أقراني عليّ في الحياة.
أفيدوني أفادكم الله؛ لَعَلّي أجد عندكم المخرج.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلًا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
بخصوص ما سألت عنه -أخي الحبيب-، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولًا: كم سعدنا بتفوّقك -أخي الحبيب-، وقد أُعجبنا بك حين دخلت كلية لم تحبها، ليكون مقامك فيها الأول على دفعتك، لا شك -أخي- أنك تحمل عقلًا متميزًا، ولا شك أن مستقبلًا رائعًا ينتظرك -إن شاء الله-.
ثانيًا: لا تتعجّب من كلامنا، ولا تظن أننا نقول ذلك رفعًا لهمتك، لا -أخي الحبيب-، بل نقول ذلك بناء على علم ومعرفة، وهذا ما ستلاحظه فيما يلي.
ثالثًا: لا يخفاك -أخي الحبيب- أن الدراسة النظامية تختلف تمامًا عن حياة التأليف والبحث والمتابعة، وكل طالب ينتقل من حالة السرد، ونعني به المذاكرة إلى حالة التأليف، يستشعر هوْل الأمر وصعوبته، وتصبح كتابة سطر أو صفحة أشق عليه من حمل الجبال، وهذا أمر مرّ به كل من سلك الدراسة الأكاديمية.
رابعًا: هروبك إلى مشاهدة الأفلام الإباحية، هو هروب من ذاتك، هروب إلى سعادة مختلَقَة؛ لأنك توهّمت أنك لن تستطيع التقدم، ولن تستطيع أن تُنجز مهامك، وعوضًا من مقابلة هذا بالإصرار والتحصيل والكتابة، هربت من هذا الشعور إلى أي سعادة، ولو مختلَقَة!
خامسًا: أنت -أخي الحبيب- طبيعي، وما أنت فيه، هي مرحلة عابرة، ستمرُّ قطعًا، وستنجز -إن شاء الله- ما عليك، ونحن ننصحك بعدة أمور:
1- الإقبال على الله -عز وجل-، والاحتماء به، والتوبة مما وقعت فيه من أخطاء، واعلم أن الله غفور رحيم.
2- اجعل شعارك الآن : "أنا -بأمر الله- قادر على إنجاز رسالتي، وقادر على التفوق وتحقيق أمنيتي"، كرر هذا الكلام كثيرًا، مع تذكير نفسك بما منّ الله به عليك من عقل وتفوق.
3- لا تحاول أن تكتب إلا بعد أن تقرأ كثيرًا، لا تختبر نفسك في التأليف، أنت قادر على ذلك، لكنك تحتاج إلى قراءة متأنية وكثيفة، اقرأ حول المبحث أو الفصل، وقيد كل الفوائد، واجمع كل فرع مع أصله، حتى تتمّ أمامك الشواهد والمادة، ساعتها ستجد قلمًا يكتب باسترسال وسهولة.
4- لا تشغل نفسك بالزواج إلا بعد أن تنتهي من الماجستير، ساعتها ستتضح أمامك الصورة، ويتحسن دخلُك، والرزق -أخي- بيد الله، وسيأتيك فلا تقلقْ.
أخيرًا: قم الآن -أخي الحبيب الدكتور المهندس محمود-؛ فأمتك تنتظر منك أستاذًا ومعلمًا وقائدًا لطلابك غدًا، انفض عنك هذا الغبار، قم واغتسل الآن، وابدأ بركعتين، وابدأ بالقراءة، واحرص على إنجاز مهامك بهدوء ورية، واعلم أن أمر الله نافذ، ونحن واثقون -أخي الحبيب- أنك الآن ستنهض، وتترك هذه الفترة خلف ظهرك.
ننتظرك -يا دكتور محمود- أستاذًا متميزًا في جامعتك، وأنت لذلك أهل، ونرجو منك أن تكتب إلينا وأن تطمئننا عليك، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله الموفق.