حاجة المسلمة إلى الصديقات الصالحات للعون على طاعة الله
2004-01-27 21:44:29 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة على خلق حميد، أصلي وأصوم وأعرف الله تبارك وتعالى، وأعمل كل شيء لمرضاته، ولكن لي صديقات سوء أحبهن ولا أستطيع التخلي عنهن، وسوؤهن ليس بسوءٍ فاحش، أي أنهن يقعن في أشياء صغيرة ولكن لا تعجبني، وأحاول أن أغيرها ولكن لا أستطيع التخلي عنهم، ما الحل؟ أرجو المساعدة والرد بأسرع ما يمكن.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ نور حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله العظيم أن يوفقك ويسددك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأسأله أن يجعل صداقاتنا ومحبتنا في سبيله ومن أجل مرضاته.
سعيدٌ من الناس من وجد من يذكره بطاعة الله إذا نسي، ويعينه على طاعة الله إن ذكر، والمرء على دين خليله، وأخبريني من تصاحبي أخبرك من أنتِ، والصاحب ساحب، وصداقة الأخيار خير عون على طاعة الرحمن، ورفقة الأشرار تعدي كما يعدي الصحيح الأجربُ.
الفتاة المسلمة أحوج الناس إلى الصديقات الفاضلات، فهي مثل الزجاجة كسرها لا يجبر، والبياض قليل الحمل للدنس، لذلك أرجو أن تبحثي عن صديقات صالحات، واجتهدي في مناصحة الصديقات القديمات؛ لأن الإصرار على الصغائر مرفوض وفيه خطورة على الإنسان؛ لأن السيئة تقود إلى مثلها، والإنسان لا ينظر إلى صغر الخطيئة ولكن ينظر إلى عظمة من عصى.
الإنسان لا يأمن على نفسه إذا رافق من يعصي الله، خاصةً وهن عديدات وأنت واحدة، والجلوس مع من يعصي الله يجعل الإنسان يعتاد ويألف المعاصي، وإذا لم تخلصي لهن في النصح فهذه خيانة لا يقبلها هذا الإسلام الذي يجعل المسلم يحب لإخوانه ما يحب لنفسه.
الإنسان عندما يرى المنكر لابد أن يعمل على التغيير بالوسائل الواردة في الحديث الشريف: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وحتى التغيير بالقلب ليس كما نفهم، وإنما هو عمل إيجابي يظهر فيه الإنسان كراهيته للمعاصي، وهجرانه لمجالسها، وإظهار عدم الرضى بالمعاصي، وأن يشهد الله بقلبه على كراهية تلك المخالفات، وقد دخل اللعن على بني إسرائيل من سكوتهم على العصاة، ومشاركتهم في حياتهم وطعامهم وشرابهم، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ[المائدة:78-79].
لا مانع من مواصلة هؤلاء الصديقات إذا أمنت على نفسك من التأثر، وكان لوجودك معهن مصالح شرعية، كأن تقل المعاصي بوجودك، أو أن يكون كلامك مقبولا ومسموعا عندهن.
أسأل الله أن يوفقك للخير، وتأكدي أن وجود فتيات صالحات إلى جوارك سوف يساعدك على إصلاح الصديقات المقصرات، وإنما يكتمل إيمان المسلم بحبه للصالحين وببغضه للكافرين، ونحن نحب المؤمن بحسب طاعته لله، وإن كان المسلم صالحاً وفيه بعض المعاصي فنحن نحبه بحسب طاعته ونكره ما عنده من مخالفات، ونجتهد في النصح والإصلاح.
حتى ينفع النصح أرجو أن يكون على انفراد، وأن يكون بأسلوب طيب ولين، وأن تختاري الوقت المناسب، واحرصي على البدء بذكر الجوانب المشرقة، ثم نبهي على مواطن الخلل، وهكذا تنتقلي من نصح صديقةٍ إلى توجيه أخرى، وأرجو أن يصلحهن الله على يديك.
أحذرك يا ابنتي من السكوت والمجاملة على حساب ديننا، وكما قيل: أخاك أخاك من نصحك في دينك، وبصرك بعيوبك، وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرَّك ومناك؛ لأن السكوت على المعاصي دليل على الرضى بها والعياذ بالله، وإذا أحسن الإنسان التوجيه فإن الكلام يقبل بإذن الله، واجتهدي في الدعاء في أن يهدي الله على يديك واحدة فهن خير لك من حمر النعم.
هذا الشعور منك دليل على الخير الذي في نفسك، زادك الله حرصاً وتوفيقاً، ونفع بك بلاده والعباد، ورزقنا وإياك الهداية والثبات.
وبالله التوفيق.