إطالة فترة الخطوبة بدون عقد شرعي وآثارها في المجتمعات
2004-05-27 22:23:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أضع بين أيديكم مشكلة يعاني منها مجتمعنا اليوم، وقصتي مثال تطبيقي لهذه المشكلة:
أنا فتاةٌ متعلمة، أنهيت دراستي الجامعية وتقدم لخطبتي شاب متعلم وملتزم ويخاف الله، وكان الهدف الأساسي لإقدامه على هذا الأمر هو تحصين نفسه وبناءُ أسرة تخاف الله.
كان رد أهلي هو القبول لكونه يتمتع بكل ما يمكن أن يتمناه أي أبٍ ملتزم لابنته، وتمت الخطوبة بحمد الله، وبعد أن تعرف أهلي عليه بشكل جيد، وبعد أن اطمأننا له وكانت الأمور كلها تسير بشكل جيد دونما أي خلافات أو أخطاء، وحرصاً على الدين طرح فكرة (كتب الكتاب) وقد جاء هذا الطرح في وقته، وذلك بعد مرور ما يقارب 4 أشهر، ولكنه قوبل بالرفض من أهلي جميعاً الذين يرون أنه لا حاجة لهذا الأمر إلا قبل الزواج بفترة وجيزة (أسبوع) علماً بأنهم لن يزوجونا إلا بعد أن يكمل المنزل بشكل نهائي، ويضع فيه عفشاً كاملاً وفاخراً يليق بابنتهم على حد قولهم.
والمشكلة الأساسية أنني تعلقت به، وهو كذلك، وكما نعلم جميعاً أنه كلما طالت فترة الخطوبة كلما تعلق الخطيبان ببعضهما، وهذا أمرٌ فطره الله فينا، فأنا والله أشعر بالذنب كلما نظر إلي أو نظرت إليه، مع العلم بأننا نحاول جاهدين تحري الحلال والابتعاد عن الحرام، ولكن هذه نفس بشرية والله قد فطر الإنسان على ذلك، واستمر هذا الوضع وأهلي مصرون على موقفهم، ويرون أننا نبالغ في طلبنا وأننا غير طبيعيين.
والله ما قمت بإرسال هذه الرسالة إلا بعد أن أحسست أنني لم أعد أتحمل، فإنني أستيقظ على عذاب الضمير، وأنام كذلك، ولا يوجد أي شخص من أهلي يتفهمنا، ونحن نشعر حالياً بعد مرور حوالي 7 أشهر على الخطوبة أن الأمور بدأت تخرج عن دائرة الشرع، ولا ندري ماذا نفعل، ولا كيف نقنع أهلي، مع العلم أن أبي إنسان ملتزم ويخاف الله، وقد ربانا على طاعة الله عز وجل.
أرجوكم ساعدوني، إنني أريد حلاً يرضي الله ووالدي، ويريحني مما أنا فيه.
وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يكتب لكما التوفيق والسداد، وأن يعيننا جميعاً على طاعته.
إن طول فترة الخطوبة مع عدم مراعاة الضوابط الشرعية من المشاكل التي بدأت تتفشى وتنتشر في بعض المجتمعات، وهذا أمرٌ في غاية الخطورة؛ لأنه مخالف لآداب هذا الدين، وكل مخالفة ندفع ثمنها غالياً، كما أن طول فترة الخطوبة يصيب الحياة الزوجية مستقبلاً بفتور مبكر، ولا يستفيد منها الشباب؛ لأنها فترة يجتهد كل طرف بإظهار ما ليس عنده من باب المجاملة وركوب التيار.
وبعد أن يحصل على التوافق بين الرجل والمرأة ويشاهد ما يدعوه للقبول بها وهي كذلك، فما ينبغي أن يكثر الرجل من الجلوس والتردد على دار خطيبته، ولكن عليه أن ينصرف لإعداد نفسه لإتمام مراسيم الزواج، أما إذا اعتاد الخطيب وخطيبته على كثرة الجلوس مع بعضهم فهذا هو أحد أسباب الزهد في إتمام مراسيم الزواج.
ولست أدري ما هي الأعراف السائدة، ولكن بعض الشباب إذا أصبحت المرأة زوجته يبدأ في المماطلة، ويقصر في إعداد ما يمكن أن يعينه على تأسيس أسرة جديدة، وهذا مصدر قلق للوالدين بالدرجة الأولى، وقد لا يكون في مصلحة الفتاة.
والصواب هو أن تتوقف هذه النظرات والجلسات، واشغلوا أنفسكم بالمفيد، وأرجو أن تقنعي باليسير وتشجعي الرجل على تبسيط الأمور، ونحتفظ بما عندنا من أموال لمستقبل أيامنا، فخير النكاح أيسره وخير النساء أقلهن مهراً.
وأرجو أن يساعدك في إقناع هذا الوالد أعمامك وأرحامك، وعلى هذا الزوج أن يثبت أنه جاد في إعداد نفسه حسب استطاعته.
وأكرر حتى لا تخرج الأمور عن دائرة الشرع أرجو أن تشغلوا أنفسكم بالمفيد، تذكروا أن الخطبة ما هي إلا مجرد وعد بالزواج لا تتيح للخطيب أن يخلو بالمرأة، أو أن يتوسع في العلاقات معها، وأرجو أن يكون للجانب العقلي دور في تفهم الوضع، فكلاكما يفكر بطريقة عاطفية، وأكثرا من التوجه إلى الله فله الأمر من قبل ومن بعد، وأكثرا من الذكر والاستغفار، واعلموا أن للمعاصي شؤمها وآثارها وعليكما بتقوى الله: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ))[الطلاق:4]، وما أعطي المؤمن من عطاء أوسع ولا أفضل من الصبر، وبالله التوفيق.