الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك ثقتك في إسلام ويب.
أخِي الكريم: مكونات السلوك عند الإنسان تأتي من تفاعل ما يُعرف بالعوامل المُهيئة والعوامل المُرسِّبة، أما العوامل المُهيِّئة فهي البناء النفسي للإنسان، أي بناء شخصيته، وتأثير الموروثات الجينية عليه، هذه العوامل المُهيِّئة قد تكون ذات أثر كبير جدًّا عند بعض الناس، وفي بعضهم يكون أثرها قليلاً جدًّا، أي بمعنى أن هنالك أُناسا بفطرتهم ومكوناتهم الوراثية لديهم استعداد أكبر للقلق والتوتر والمخاوف، وبعد ذلك تأتي العوالم المرسِّبة، وهي الظروف الحياتية، الظروف البيئية، الظروف التربوية، هذه أيضًا قد تُساهم في إخراج السلوك الإنساني.
إذًا توفر الظروف المُهيِّئة زائدا الظروف المُرسِّبة يعطينا السلوك الإنساني، والخوف هو أحد أهم سُبل التعبير عن المشاعر لدى الإنسان. الخوف في أثناء الطفولة، خاصة الخوف من الذهاب إلى المدرسة، أو ما نسميه برهاب الدراسة، أو قلق الفراق، لأن الكثير من الذين يجدون صعوبة في الذهاب إلى المدرسة تجدهم من أفضل الأطفال وفي أحسن الأسر، لكن ينتابهم الخوف من الفراق، من فراق المنزل، من فراق أمان الوالدة، وهكذا، هؤلاء -أي الذين يعانون من هذه الظاهرة السلوكية في فترة الطفولة- دائمًا تجد أنهم سوف يحدث لهم شيء من الرهاب الاجتماعي في المستقبل، وهذا هو الذي حدث لك.
أنت الآن تعاني من أعراض رهابية واضحة، مخلوطة بشيء من الخجل وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي الصحيح، والإحجام عن المواجهات الاجتماعية المطلوبة.
إذًا النموذج السلوكي بالنسبة لك واضح، وأتمنى أن يُجيب هذا على كل أسئلتك التي طرحتها، توجد عوامل مُهيأة، تفاعلتْ مع عوامل مُرسِّبة أدتْ إلى هذا السلوك.
وما دام هناك أسباب ومسببات فإزالتها سوف تؤدي إلى العلاج، والآن أنت -الحمد لله تعالى- قطعًا حدث لك الكثير من التطور في ذاتك وفي نفسك وفي شخصيتك، وهذا يجب أن يدفعك للتخلص من الخوف ومن الارتباك، وأن تكون أكثر ثقة في نفسك، وأن تتخذ خطوات عملية لتتخلص من الخوف.
أول خطوة عملية هي: أن تُصلي مع الجماعة في المسجد، وأن تمارس رياضة جماعية، وأن تلتزم بواجباتك الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بحضور المناسبات، ومشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم، وعليك أيضًا أن تُرفِّه عن نفسك بما هو طيِّبٌ وجميلٌ، بأن تخرج مع أصدقائك حسب ما هو مُيسَّر ومُتاح كما ذكرنا لك.
هذه هي الطريقة التي تُخرج نفسك بها ممَّا تعاني منه من فكرٍ سلبي.
ونقطة هامة جدًّا، هي: ألا تخاف من المستقبل، وألا تتحسَّر على الماضي، عش الحاضر بقوة، وهذا هو المهم، واجعل لنفسك برامج حياتية تُدير حياتك من خلالها، تكون لك آمال، تكون لك طموحات، تكون لك أهداف، والأهداف نفضلها أن نُقسِّمها إلى أهداف آنية وأهداف متوسطة المدى -أي التي يُنجزها الإنسان خلال ستة أشهر- وأهداف بعيدة المدى.
من خلال هذه الرؤية الواضحة والبسيطة أعتقد أنك تستطيع أن تتجاوز كل ما بك من مخاوف، وفي ذات الوقت أنصحك بأن تقابل طبيبًا نفسيًا لتتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف مثل عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) مثلاً، فهو جيد ومفيد جدًّا، وأنت لا تحتاج لتناوله لمدة طويلة، ولا بجرعة كبيرة.
وللفائدة راجع العلاج السلوكي للرهاب: (
269653 -
277592 -
259326 -
264538 -
262637).
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.