أخاف من الانتقاد ورأي الناس، لذا أتهرب من المواجهة والكلام والزواج، فماذا أفعل؟
2015-05-18 05:25:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة عمري 19 سنة، أعاني من خجل شديد في تصرفاتي وكلامي، والخوف من الخطأ والانتقاد، ورأي الناس بي، لا أتكلم، لا أعرف بماذا أتحدث حينما أكون مع أحد، أرتبك وأظلّ أفكرُ في رأيه نحوي، وإن قلت شيئا خطئا أظل أفكر فيه لأيام، وربما شهور، وأشعر بالندم، وأشعر أن كل الناس تكرهني، ولا أحد يحبني.
أشعر بالوحدة دائما، وبضيق في صدري، فمع إنني أعيش مع أفراد أسرتي -أطال الله في عمرهم جميعا-، إلا أن لا أحد منهم قريب مني، فلا أحد يتحدث معي عن مشاكلي، بل يزيدونها، أبقي كل آلامي في صدري، أريد أن أصرخ وأبوح بما في داخلي، دائما أبكي، فمع خلاف وكلمة مع أحد أبكي وتسيل دموعي، ولا أستطيع إيقافها، فأهرب دون إنهاء الحوار.
أخاف جدا من المستقبل، خوفا يكاد يجبرني على قتل نفسي لولا إنني مسلمة، ودارسة لعلوم الدين، -فبحمد الله- أنا أزهرية في كلية أصول الدين، ماذا بعد الدراسة، ماذا بعد الجامعة، سأبقى في البيت وحدي، ولن أستطيع أن أجد عملا، ولن أستطيع الزواج، لأنني أخاف منه ومن كثرة مشاكله حولي، فهذه طلقت، وهذه على خلاف دائم مع زوجها.
أختي المتزوجة عندما تغضب من زوجها، أفكر وأضع نفسي مكانها، وأبكي، إن كان هذا يحدث معها، فما البال مني أنا التي لا أستطيع النقاش مع أحد، ولن يرضى أحد الزواج مني، فلن يحب أحد شخصيتي، وأيضا الزواج بالنسبة لي أمر محرج، ولن أستطيع القيام به، وأخاف عمومًا من الرجال وأخشاهم، وذلك بسبب أبي فهو دائما قاسٍ.
فلا مستقبل بالنسبة لي، ولا حياة، وحتى في أحلامي لا توجد هناك حياة، فأنا لا أحلم وأنا نائمة، وأعوض عنها بأحلام اليقظة، فهي تبقيني سعيدة بعضَ الوقتِ بعيدا عن الواقع المؤلم، هذه حياتي، ولا أريد أن أكملها هكذا، أريد أن أتغير وأن أصبح أفضل، فما الحل؟ وكيف أتخلص من خجلي وخوفي الذي يقف عائقا أمامي في كل شيء؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ طُهر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
لا شك أن وصولك لمراحل دراسية متقدمة دليل على أنك قادرة على الأخذ والعطاء والاستيعاب، بل والتفوق، فاطردي عن نفسك الأوهام، واكسري حواجز لا وجود لها على الحقيقة، واستعيني بالله، واعلمي أن الأصل في الحياة هو الوفاق، وأن الخصام والشقاق ما هي إلا أشياء عابرة، ننتفع منها جدا إذا وضعناها في إطارنا؛ لأننا من خلال الشجار نتعرف على حدودنا، وعلى حقوق الآخرين.
وأرجو أن تعلمي أنه لن يكون كل الرجال مثل والدك، ولا تكونين مثل والدتك في مواجهة الرجل، بل اعكسي نموذج الطالبة الأزهرية التي توقن أن طاعة الزوج في المعروف مما أمر به رب البرية، ونؤكد لك أن الزواج متعة ولذة حلال، لا تعادلها لذة، وإن ما يحصل من التوترات ما هو إلا بهارات وملح تعطي الحياة بين الزوجين حراكا وحياة، وهذا ما جعل القاضي الكويتي الشيخ يؤلف كتابه "فوائد المشاكل الزوجية".
فانظري للحياة بنظارة جديدة، واستقبلي أيامك بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد، ولا تكوني حساسة في تعاملك مع الناس، وإذا كنت تخطئين، فكل البشر خطاؤون، وخير الخطائين التوابون.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وتذكري أن وجود الإنسان مع الناس له ثمن وضريبة، وهو مطلب شرعي لأمثالك من أجل تقديم الدعوة وإسداء النصح، والمؤمنة التي تخالط وتصبر، خير من التي لا تخالط ولا تصبر، وقد أسعدنا تواصلك مع موقعك، ومجرد التواصل والاستفسار خطوة هامة وكبيرة في الاتجاه الصحيح، فانفتحي على محارمك، وتداخلي مع أخواتك، وتعوذي بالله من شيطان يحاول أن يشوش عليك، وأملي ما يسرك، ونحن في موقعك نسعد ونتشرف بمساعدتك، وفي الموقع مستشارين ومستشارات، فاطرحي وأخرجي كل ما في نفسك، واطلبي حجب ما فيه خصوصية.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.